ترتفع المخاوف من إنهيار منطقة اليورو وعملتها في ظل فقدان تدابير التقشف وخطط الإنقاذ التي بذل فيها قادة أوروبا جهوداً جمة خلال الأسابيع والأشهر الماضية، فلقد عصفت أزمة الديون السيادية التي تجتاح اوروبا بحكومات خمس دول (إيرلندا والبرتغال واليونان وإيطاليا وإسبانيا)، ولا تزال شرارتها متّقدة تنذر بمزيد من التصدعات بيد أن حزم الإنقاذ المتعدّدة التي أقرها قادة الدول الـ 17 التي تشكّل منطقة اليورو لم تفلح في التصدّي للأخطار التي تحدق بدول هذه المنطقة، بل وبالاتحاد الأوروبي في شكل عام.
ولا جدال في أن منطقة اليورو، بل ومستقبل الاتحاد الأوروبي برمّته، في مأزق حقيقي. ويصعب التكهّن بحجم التأثير الذي سينتج من مماطلة الساسة الأوروبيين في اتخاذ القرارات الناجعة، الكفيلة بإنهاء الأزمة التي ما فتئت تتفاقم إلى أن أوصلت الاتحاد النقدي الأوروبي إلى شفا الهاوية. ومن غير الصائب حصر أزمة اليورو في قضية تضخّم الديون السيادية، وقلة السيولة المصرفية، وارتفاع تكاليف الاقتراض على الأسواق، فهذه ليست إلا الآثار الجانبية للأزمة. لذا فإن أي معالجة جدّية لأزمة الاتحاد النقدي الأوروبي تقتضي العودة إلى الجذور الحقيقية لهذه الأزمة.
ويقر وزراء مالية منطقة اليورو الثلاثاء تفاصيل تعزيز صندوق الانقاذ للمساهمة في منع أزمة الدين من الامتداد إلى اسواق السندات تحت ضغط من الولايات المتحدة ووكالات التصنيف لاحتواء الازمة القائمة منذ عامين وضغط الرئيس الاميركي باراك اوباما على مسؤولي الاتحاد الاوروبي الاثنين للتحرك بسرعة وحسم لحل ازمة الديون السيادية التي يقول البيت الابيض انها تضر بالاقتصاد الامريكي ودعت الولايات المتحدة القلقة حيال تداعيات ازمة الديون على اقتصادها، الاتحاد الاوروبي الى التحرك بقوة وعزم من اجل حل هذه الازمة، مبدية استعدادها للقيام بما يتوجب عليها لمساعدة القارة العجوز في السيطرة على الوضع.
وذكر اوباما والى جانبه رئيس الاتحاد الاوروبي هيرمان فان رومبوي ورئيس المفوضية الاوروبية جوزيه مانويل باروزو، ان حل الازمة الحالية مهم للغاية لاقتصادنا. اذا تقلص (الاقتصاد) في اوروبا واذا كانت اوروبا تمر بصعوبات، فسيكون من الصعب اكثر بالنسبة الينا ايجاد فرص عمل هنا.
وفي بيان مشترك صدر في ختام هذه القمة الاميركية الاوروبية التي استغرقت اكثر من ساعتين في البيت الابيض، اعربت الولايات المتحدة في وقت سابق عن ترحيبها بما قام به الاتحاد الاوروبي لمكافحة ازمة الديون ومن ناحيته اعلن الاتحاد الاوروبي انه يتوقع من الولايات المتحدة ان تعمل للحد من عجزها المالي، بحسب نص البيان الذي نشر بعد محادثات جرت بين الرئيس الاميركي باراك اوباما وفان رومبوي وباروزو.
في وقت لم تتوصل الولايات المتحدة الى الاتفاق حول خطة للحد من ديونها بفعل الانقسامات بين الجمهوريين والديموقراطيين في الكونغرس، اشار البيان الى ان الاتحاد الاوروبي ينتظر اعمال الولايات المتحدة في اتجاه تعزيز الموازنة على المدى المتوسط وبسبب عدم الاتفاق مع الجمهوريين في الكونغرس، لا تزال الاجراءات التي دعا اوباما الى تبنيها لتقليص العجز متعثرة، وهو وضع دفع وكالات التصنيف الائتماني الى وضع واشنطن تحت المراقبة من ناحية اخرى، دعا اجتماع الاثنين الذي شاركت فيه ايضا وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاترين اشتون ووزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون الحكومة السورية الى وضع حد فوري للعنف والسماح بدخول مراقبين لحقوق الانسان (الى اراضيها) وافساح المجال امام انتقال ديموقراطي وسلمي للحكم.