من جون أيرش ودافني سالداكيس
بروكسل (رويترز) - قالت بريطانيا يوم الاثنين إنه ليس هناك متسع كبير من الوقت لإنقاذ الاتفاق النووي الإيراني، بينما لمحت إيران إلى أنها ستستأنف برنامجها النووي إذا لم تبذل أوروبا مزيدا من الجهد لإنقاذ الاتفاق.
وينظر الغرب إلى البرنامج النووي الإيراني على أنه ستار لصنع قنابل نووية.
وتفاقمت التوترات بين الولايات المتحدة وإيران منذ أن قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العام الماضي الانسحاب من الاتفاق الذي وافقت إيران بموجبه على تقييد برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية التي أصابت اقتصادها بالشلل.
وقال وزير الخارجية البريطاني جيريمي هنت للصحفيين لدى وصوله للمشاركة في اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل "لا يزال أمام إيران عام على الأقل لإنتاج قنبلة نووية... لكن يتبقى قدر ضئيل (من الوقت) لإبقاء الاتفاق على قيد الحياة".
وسيسعى اجتماع بروكسل إلى إيجاد سبيل لإقناع إيران والولايات المتحدة بتخفيف التوترات وبدء حوار وسط مخاوف من أن الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بات على وشك الانهيار.
وردا على إعادة فرض العقوبات الأمريكية الصارمة، التي استهدفت بشكل خاص إيرادات النفط الرئيسية لإيران، تخلت طهران عن بعض التزاماتها بموجب الاتفاق النووي. ودفع ذلك الأطراف الأوروبية في الاتفاق، وهي فرنسا وبريطانيا وألمانيا، لتحذيرها من مغبة عدم الامتثال الكامل لبنود الاتفاق.
وقالت مارجوت وولستورم وزيرة الخارجية السويدية، قبل مغادرتها بروكسل، إن الأوروبيين سيتركون الباب مفتوحا أمام الدبلوماسية لكن على إيران الامتناع عن اتخاذ إجراءات أخرى انتهاكا للاتفاق.
وأضافت للصحفيين "هذا يحسن فرصهم لإجراء محادثات جيدة مع الاتحاد الأوروبي وباقي أطراف الاتفاق... نشجعهم على استخدام كل الوسائل الدبلوماسية وفتح قنوات دبلوماسية جديدة... لتهدئة الوضع المتوتر. علينا استغلال كل فرصة للحفاظ على الاتفاق".
وردا على سؤال عما إذا كانت القوى الأوروبية ستسعى إلى معاقبة إيران لانتهاكها بنودا من الاتفاق، قال هنت في وقت سابق إن الأوروبيين سيسعون لعقد اجتماع للأطراف للتعامل مع الأمر.
وتنفي إيران سعيها في أي وقت من الأوقات لامتلاك سلاح نووي.
وفي طهران، قالت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية إن إيران ستعود إلى وضع ما قبل الاتفاق النووي إذا لم تنفذ الدول الأوروبية التزاماتها.
* "امنحوا الدبلوماسية فرصة"
قال بهروز كمالوندي المتحدث باسم المنظمة "خفض إيران التزاماتها النووية ليس من باب العناد، بل لإعطاء فرصة للدبلوماسية ليستيقظ الطرف الآخر ويعود للالتزام بتعهداته".
وأضاف "إذا كان الأوروبيون والأمريكيون لا يريدون الوفاء بالتزاماتهم، فسنخلق توازنا في هذا الاتفاق عن طريق خفض الالتزامات وإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل أربع سنوات".
وتقول إيران إن على الدول الأوروبية بذل المزيد لضمان حصولها على المزايا الاقتصادية التي كان يفترض أن تنالها مقابل فرض قيود على برنامجها النووي بموجب الاتفاق.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان يوم الاثنين إنه يجب على أوروبا أن تظل موحدة في محاولة الحفاظ على الاتفاق النووي الإيراني، مضيفا أن على طهران العدول عن قرارها بعدم الالتزام ببنود في الاتفاق.
وسعت فرنسا وألمانيا وبريطانيا، وهي من الدول الموقعة على الاتفاق إلى جانب روسيا والصين، إلى نزع فتيل التوترات التي بلغت ذروتها عندما خططت الولايات المتحدة لشن ضربات جوية على إيران الشهر الماضي، وهي الخطة التي ألغاها ترامب في اللحظة الأخيرة.
لكن في إشارة إلى مدى صعوبة حل الأزمة، قالت باريس يوم الاثنين إن باحثة تحمل الجنسيتين الفرنسية والإيرانية اعتقلت في إيران، وإن السلطات المحلية لا تسمح حتى الآن بوصول الدعم القنصلي إليها أو تقدم تفاصيل عن حالتها.
* آلية تجارية
ما زال الأوروبيون يحاولون تطبيق آلية (إنستكس) الأوروبية للتبادل التجاري مع إيران، ولم يتم بعد إنشاء الآلية الموازية لها في إيران. وفي حال بدء تطبيق هذه الآلية فعليا مع إيران فإنها ستتعامل مبدئيا فقط في منتجات مثل المستحضرات الصيدلانية والغذاء، وهي منتجات لا تخضع للعقوبات الأمريكية.
وقال دبلوماسيون إنهم في كل الأحوال يخشون من رد الفعل الأمريكي، بينما قال مسؤولون إيرانيون مرارا إن آلية إنستكس يجب أن تشمل مبيعات النفط أو تقديم تسهيلات ائتمانية كبيرة حتى تكون مفيدة.
وقال وزير الخارجية الإسباني جوزيب بوريل، وهو المرشح لمنصب مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، للصحفيين "سنبذل ما في وسعنا لضمان عدم وجود حظر اقتصادي على إيران وإمكانية مواصلة الشركات الاوروبية العمل هناك".
وأضاف "هذا صعب للغاية لأن القوانين الأمريكية تطبق بطريقة تتجاوز الحدود الإقليمية، بطريقة لا ندركها، وتجعل الأمر صعبا". وذكر أن بلاده ستنضم إلى آلية إنستكس.
وقال دبلوماسي أوروبي "الاتفاق على شفا الانهيار. ستكون الرسالة يوم الاثنين هي إظهار وحدة الاتحاد الأوروبي، لكن يجب أن توضح لإيران أنه يتعين عليها العودة إلى الصف".
(إعداد محمد فرج للنشرة العربية - تحرير مصطفى صالح)