من مايان لوبيل وباتريشيا زنجرل
القدس (رويترز) - منع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو النائبتين الديمقراطيتين الأمريكيتين رشيدة طليب وإلهان عمر من القيام بزيارة مزمعة لإسرائيل يوم الخميس، وذلك بعد قليل من دعوة وجهها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لعدم السماح لهما بالزيارة.
والنائبتان هما أول امرأتين مسلمتين يتم انتخابهما في الكونجرس. وهما تنتميان للجناح التقدمي بالحزب الديمقراطي وتنتقدان بشدة سياسة إسرائيل تجاه الفلسطينيين.
وسرعان ما قوبل المنع بالإدانة من جانب كثير من زعماء الديمقراطيين في الولايات المتحدة ومن الفلسطينيين. وربما تُكسب هذه الخطوة ترامب ونتنياهو مزيدا من التأييد بين قواعد الناخبين المحافظين في وقت يخوض كل منهما فيه حملة لإعادة انتخابه.
وتجري إسرائيل انتخابات عامة في 17 سبتمبر أيلول، بينما يسعى ترامب لإعادة انتخابه رئيسا في نوفمبر تشرين الثاني 2020.
كانت طليب وعمر قد أبدتا دعمهما لحركة (المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات) المؤيدة للفلسطينيين بسبب سياسات إسرائيل تجاه الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة. ويتيح القانون الإسرائيلي رفض دخول داعمي الحركة لإسرائيل.
وقالت إلهان عمر إن قرار إسرائيل "سُبة" و"إهانة للقيم الديمقراطية".
وفي بادئ الأمر سمحت إسرائيل بالزيارة. وقال مصدر شارك في المشاورات التي أجراها نتنياهو مع أعضاء مجلس الوزراء والمستشارين يوم الأربعاء في تصريحات لرويترز إن إسرائيل تراجعت بسبب الضغوط التي مارسها ترامب. وتحدث موقع أكسيوس الإخباري يوم السبت عن وجود ضغوط لكن البيت الأبيض نفى ذلك.
وقال المصدر طالبا عدم نشر اسمه "في نقاش أجري قبل أسبوعين، كان جميع المسؤولين يؤيدون السماح لهما بالزيارة، لكن بعد ضغط ترامب تراجعوا عن القرار".
وكتب ترامب على تويتر يوم الخميس "لو أن إسرائيل سمحت للنائبة عمر والنائبة طليب بالزيارة لأظهر ذلك ضعفا كبيرا... إنهما عار".
وسأل صحفيون ترامب عما إذا كان قد تحدث إلى نتنياهو عن الزيارة المزمعة فقال "لا أريد التعليق عمن تحدثت إليه، لكن أعتقد أن تصريحي على وسائل التواصل الاجتماعي يتحدث عن نفسه جيدا".
وأضاف "لكني تحدثت مع أناس هناك".
وبدا أن طلب ترامب يتعارض مع سياسة تنتهجها الحكومة الأمريكية وتتمثل في أن الولايات المتحدة تسعى "لمساواة في التعامل ولحرية السفر" لكل المواطنين الأمريكيين بغض النظر عن انتمائهم العرقي. وهي تقول إن من يتقرر منعهم من الدخول يجب أن يتلقوا تفسيرا إسرائيليا مكتوبا.
وفي الشهور الأخيرة، اتهم ترامب طليب وعمر وديمقراطيتين أخريين من أعضاء الكونجرس الملونين بمعاداة إسرائيل، وذلك في هجوم أدانه منتقدوه واعتبروه عنصريا ورآه كثيرون محاولة لكسب الأصوات في انتخابات 2020.
وتعتبر إلهان عمر هدفا متكررا للهجوم، فقد سبق واتهمها ترامب زورا بتأييد تنظيم القاعدة.
تمثل عمر (37 عاما) دائرة انتخابية في ولاية مينيسوتا، وقد هاجرت من الصومال إلى الولايات المتحدة وهي طفلة. أما رشيدة طليب (43 عاما) فمن مواليد الولايات المتحدة ولها أصول في الضفة الغربية.
وواجهت عمر انتقادات لتصريحات تنتقد فيها إسرائيل منها تغريدة كتبتها عام 2012 وتشير فيها إلى "الأفعال المؤذية" التي تقترفها إسرائيل وتغريدة كتبتها العام الحالي تقول فيها إن التأييد الذي تتلقاه إسرائيل مسألة تتعلق كلها بالمال. وقد اعتذرت عن هذه التصريحات.
وكان رون ديرمر سفير إسرائيل لدى الولايات المتحدة قد قال الشهر الماضي إن إسرائيل ستسمح بدخول طليب وعمر احتراما للكونجرس الأمريكي وللعلاقات الأمريكية الإسرائيلية.
وقال جيريمي بن آمي رئيس جماعة (جيه ستريت) الليبرالية المؤيدة لليهود إن استراتيجية ترامب تتعلق بالتودد لقاعدته المحافظة والتي تضم أنجليكانيين مؤيدين لإسرائيل.
وقال "ليست هذه استراتيجية موجهة في الأساس للطائفة اليهودية... لقد أصبحت هناك قضية حرب ثقافات أخرى".
* "إنكار شرعية إسرائيل"
لم يعلن رسميا عن موعد لزيارة النائبتين، لكن مصادر مطلعة على خطط الزيارة قالت إنها كانت ستبدأ مطلع الأسبوع القادم. وخططت النائبتان لزيارة القدس الشرقية والضفة الغربية اللتين احتلتهما إسرائيل في حرب 1967 ويريدهما الفلسطينيون لإقامة دولتهم المستقبلية.
وقال نتنياهو إن إسرائيل تكن احتراما شديدا للكونجرس الأمريكي لكن طليب وعمر تروجان لتشريع يدعو لمقاطعة إسرائيل.
وقال "قبل بضعة أيام فقط، تلقينا خط سير الرحلة لزيارتهما في إسرائيل، والذي كشف أنهما تخططان لزيارة الهدف الوحيد منها هو تعزيز مقاطعتنا وإنكار شرعية إسرائيل".
وربما شعر نتنياهو بأن عليه رد الجميل لترامب الذي اتخذ قرارات مثل الاعتراف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان والانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس.
إلا أن من المرجح أن يؤدي منع دخول مسؤولين أمريكيين لزيادة التوتر في العلاقات بين نتنياهو، الذي يلقي الضوء على علاقته الوثيقة مع ترامب خلال حملته الانتخابية الحالية، وبين قادة الحزب الديمقراطي في الكونجرس.
وقالت رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي إن قرار إسرائيل منع زيارة النائبتين "مخيب للآمال بشدة"، ودعتها للتراجع عن القرار.
وأضافت "منع إسرائيل دخول النائبتين طليب وعمر مؤشر على الضعف ودون منزلة دولة إسرائيل العظيمة".
وقالت عضو الكونجرس إليزابيث وارين وهي ديمقراطية طامحة للترشح للرئاسة على تويتر "لا تطرح إسرائيل قضيتها كدولة ديمقراطية متسامحة أو حليفة ثابتة للولايات المتحدة حين تمنع أعضاء منتخبين في الكونجرس من الزيارة بسبب آرائهم السياسية. ستكون هذه خطوة مخزية غير مسبوقة".
وقال تشاك شومر، زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ في بيان "منع دخول أعضاء الكونجرس الأمريكي علامة ضعف وليس قوة. لن يؤدي هذا إلا إلى الإضرار بالعلاقة الأمريكية الإسرائيلية وما تحظى به إسرائيل من دعم في أمريكا".
وأضاف "لا يوجد مجتمع ديمقراطي يخشى النقاش المنفتح. سيشعر الكثير من المؤيدين المتحمسين لإسرائيل بخيبة أمل عميقة من هذا القرار الذي يتعين على الحكومة الإسرائيلية الرجوع عنه".
وقالت حنان عشراوي المسؤولة بمنظمة التحرير الفلسطينية ومؤسسة منظمة مفتاح وهي منظمة غير حكومية في الضفة الغربية وتشارك في رعاية زيارة النائبتين إن قرار منع الزيارة "إهانة للشعب الأمريكي ونوابه".
وأضافت عشراوي في بيان "هذا المنع حالة تمييز واضحة وعداء على أساس الآراء السياسية والخلفية العرقية ويستحق... إدانة لا لبس فيها في فلسطين والولايات المتحدة".
وقطع الفلسطينيون العلاقات الدبلوماسية مع إدارة ترامب بسبب ما يرون أنه انحياز شديد لصالح إسرائيل.
وتعيش جدة رشيدة طليب وبعض أقاربها في قرية بيت عور الفوقا في الضفة الغربية. وما تزال جدتها وأقارب لها يعيشون هناك.
وقال بسام طليب عم رشيدة "لقد فوجئنا اليوم بأنهم منعوا زيارة رشيدة. من الجور والعنصرية أن يمنعوها من زيارة بلدها فلسطين وعائلتها في فلسطين".
وقال نتنياهو إنها إذا قدمت طلبا لزيارة العائلة لأسباب إنسانية، فإن إسرائيل ستنظر في الأمر على أن تتعهد بعدم الترويج لمقاطعة إسرائيل.
(إعداد أمل أبو السعود ومحمد اليماني للنشرة العربية)