من أيمن الساحلي
طرابلس/أنقرة (رويترز) - استعادت قوات حكومة الوفاق الوطني الليبية المعترف بها دوليا يوم الخميس السيطرة الكاملة على العاصمة طرابلس وطردت قوات شرق ليبيا خارجها بعد قتال استمر عاما أرسلت خلاله قوى خارجية أسلحة ومقاتلين إلى البلد الذي يمزقه الصراع.
وقال صحفي من رويترز إن الجثث لا تزال ملقاة على الأرض وإن مقاتلين لوحوا بالأسلحة التي تخلت عنها قوات شرق ليبيا في الضواحي الجنوبية التي تمت استعادة السيطرة عليها.
وفي وسط المدينة، عبر مدنيون عن سعادتهم بانتهاء المعارك. وقال رجل يبلغ من العمر 37 عاما من منطقة عين زارة، إحدى المناطق التي تمت استعادة السيطرة عليها، بعدما طلب عدم نشر اسمه "إنه شعور لا يصدق. يمكن للناس الآن العودة إلى ديارهم ولم يعد هناك أي قصف".
وقال مصدر عسكري في قوات شرق ليبيا إنهم ينسحبون من جميع ضواحي طرابلس. وأعلنت القوات الحكومية أنها تسيطر الآن على كل المناطق داخل حدود المدينة.
ويمثل ذلك انتكاسة مؤلمة لقوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) بقيادة خليفة حفتر التي بدأت الهجوم على طرابلس في العام الماضي وتعهدت بتوحيد البلاد بعد أعوام من الفوضى.
ويعني استمرار دعم روسيا ومصر والإمارات للجيش الوطني الليبي أن حكومة الوفاق الوطني، التي تعترف بها الأمم المتحدة وتدعمها تركيا، ليس لديها أمل يذكر في نقل الحرب إلى شرق ليبيا في الوقت الراهن.
لكن مع انسحاب قوات شرق ليبيا نحو معقلها في ترهونة بشمال غرب البلاد تتشكل جبهات القتال لمعارك جديدة على الرغم من اتفاق الجانبين على استئناف محادثات وقف إطلاق النار بوساطة الأمم المتحدة.
لكن وصول أسلحة ثقيلة، تقول الولايات المتحدة إنها تشمل أسطولا من المقاتلات الروسية، قد يعني أن هناك تصعيدا جديدا.
وقال السفير الأمريكي في ليبيا ريتشارد نورلاند في اتصال مع الصحفيين يوم الخميس إن الوضع تصاعد بشكل خطير لكنه أضاف أن هزيمة حفتر في طرابلس أتاحت فرصة لوقف القتال.
وتابع قائلا "لدى الأطراف المشاركة خيار مشاهدة الوضع يتصاعد إلى حرب إقليمية شاملة أو خفض التصعيد في نهاية المطاف".
ورحبت القوى الخارجية الرئيسية المشاركة في الصراع بقرار استئناف محادثات وقف إطلاق النار وقالت علنا إنها تدعم التوصل لحل سياسي لكن لم يتضح إن كان باستطاعتهم التوصل لتسوية.
ولا تزال ليبيا مقسمة بين حكومتين متنافستين في طرابلس في الغرب وبنغازي في الشرق.
واجتمع فائز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم الخميس وقال الرئيس التركي إن أنقرة ستزيد دعمها لطرابلس.
وذكر مسؤول تركي كبير أن الانتصارات التي أحرزتها حكومة الوفاق مهمة قبيل محادثات سلام محتملة.
وقال المسؤول "يريد الجميع الجلوس إلى طاولة المفاوضات دون خسارة أرض، لكن الأرض التي تسيطر عليها تعزز مواقفك على الطاولة". وأضاف أن أردوغان والسراج سيناقشان الاستراتيجية والوضع على الأرض.
وقال نورلاند إن الأمم المتحدة استأنفت بالفعل عملية المحادثات وبدأت مع كل جانب على حدة.
* قصف مكثف
يتشكل الجانبان المتحاربان في ليبيا من تحالفات غير مستقرة من الفصائل المتنافسة. ولم يتضح بعد كيف يمكن أن يؤثر فشل الهجوم على طرابلس على موقف حفتر الذي سافر إلى القاهرة يوم الأربعاء للاجتماع مع نائب وزير الدفاع المصري.
ويقول محللون إن هناك القليل من المرشحين القادرين على توحيد الفصائل المختلفة التي تنضوي تحت لواء الجيش الوطني الليبي.
وعبر بيان صادر عن وزير الخارجية سامح شكري في القاهرة عن موقف مصر الراسخ في إلقاء اللوم على تركيا في إراقة الدماء.
وتأتي الانتكاسات المفاجئة التي مُني بها الجيش الوطني الليبي بعد التدخل التركي المباشر في الصراع منذ نهاية العام الماضي بطائرات مسيرة استهدفت خطوط إمداداته ودفاعاته مما أدى لتحييد معظم قوته الجوية.
وشمل القتال في الضواحي الجنوبية منذ شهور قصفا مكثفا لمناطق مدنية تسيطر عليها حكومة الوفاق الوطني، بما في ذلك هجمات صاروخية على مستشفيات.
وقال متحدث عسكري في حكومة الوفاق الوطني إن الانتصارات التي أحرزت في الآونة الأخيرة تعني أن طرابلس أصبحت الآن بعيدا عن مرمى نيران الجيش الوطني الليبي.
لكن القوات التابعة لحكومة الوفاق قالت إنها واجهت أثناء توغلها في المدينة باتجاه الجنوب خلال الأيام السبعة الماضية الكثير من الشراك الملغومة المخبأة في المنازل. ويواجه المدنيون الذين يعيشون في مدينة ترهونة، التي يسيطر عليها الجيش الوطني الليبي، احتمال التعرض لقصف أشد.
(تغطية صحفية مكتب ليبيا وأورهان جوشكون وطوان جمركجي من أنقرة - شارك في التغطية محمود رضا مراد من القاهرة - إعداد محمد اليماني للنشرة العربية - تحرير علي خفاجي)