دبي (رويترز) - عمل الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء البحريني على إخماد احتجاجات متكررة من جانب المعارضة على مدار ما يقرب من نصف قرن قضاها في منصبه وكان شديد الانتقاد لانتفاضات الربيع العربي إذ قال إنها لم تجلب للعرب إلا "الموت والفوضى والدمار".
وقالت وكالة أنباء البحرين إن الشيخ خليفة، أقدم رؤساء الوزراء في العالم، توفي يوم الأربعاء في مستشفى مايو كلينيك بالولايات المتحدة.
على مدى عشرات السنين كان الشيخ خليفة، المسؤول عن إدارة الشؤون اليومية في البحرين منذ 1971، يعتبر الشخصية المهيمنة في الحكومة خصما لإيران وصديقا للسعودية ومدافعا عن أسرة آل خليفة الحاكمة.
وقد أيد الشيخ خليفة ردا قاسيا على الاحتجاجات الشعبية التي أدت إلى الزج بآلاف من نشطاء المعارضة في السجن. ونددت به المعارضة وأغلبها من الشيعة باعتباره عقبة في طريق الإصلاح بالمملكة التي يحكمها السنة.
ويقول معارضون إن كثيرين تعرضوا للتعذيب أو سوء المعاملة أثناء احتجازهم. وتنفي البحرين بشدة هذا الاتهام.
شغل الشيخ خليفة (84 عاما)، عم الملك حمد، منصب رئيس الوزراء منذ استقلال البحرين عن بريطانيا. ودأب على رفض وصف المعارضة له بأنه المسؤول الأول عن الجمود المتكرر في مساعي الإصلاح السياسي.
وفي عام 2012 قال لمجلة دير شبيجل الألمانية "صدقوني لو أن منصبي هو وحده السبب في الاضطرابات لكنت قد تنحيت بالفعل عن منصبي العام الماضي. لكن هذه مجرد حجة أخرى من المعارضة".
وردا على إشارة إلى طول مدة خدمته قال للمجلة "وماذا في ذلك؟ النظم الديمقراطية مختلفة جدا ... لماذا لا يمكننا أن نكون مختلفين؟"
وشهدت البحرين، حليفة السعودية والتي تستضيف الأسطول الخامس الأمريكي، اضطرابات متقطعة منذ خرج متظاهرون أغلبهم من الشيعة إلى الشوارع في فبراير شباط 2011 للمطالبة بمزيد من الديمقراطية. كما طالب كثيرون باستقالة الشيخ خليفة.
* رد صارم على الاضطرابات
أخمدت السلطات احتجاجات 2011 واتهمت إيران بتأجيجها وهو اتهام تنفيه إيران والمعارضة. وقال الشيخ خليفة إن الداعين إلى العنف في البحرين إرهابيون تساندهم إيران وحزب الله اللبناني المدعوم من إيران وقوبل هذا الاتهام بالنفي من الطرفين.
وتشكو المعارضة في البحرين من التمييز ضد الشيعة في مجالات مثل العمل والخدمات العامة وتطالب بملكية دستورية يتم اختيار الحكومة فيها من خلال برلمان منتخب في انتخابات ديمقراطية.
وتنفي الحكومة أي تمييز.
ويقول أنصار الشيخ خليفة إنه بذل جهدا أكبر من أي فرد آخر لتخليص البحرين من الاعتماد الفعلي على النفط كمصدر رئيسي للدخل وتحويلها إلى مركز مصرفي ومالي وواحد من أكبر منتجي الألومنيوم في الشرق الأوسط.
غير أن صرامته في التعامل مع الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية في البحرين خلال 2011 وانتقاداته للحركات المماثلة في مختلف أنحاء العالم العربي أكدت ما اعتبره كثيرون السمة الرئيسية في مسيرته وهي الدفاع عن حكم الأسرة الحاكمة.
وقال لمجلة دير شبيجل "هل تعتقدون أنني سعيد برؤية ما حدث في كل هذه الدول. هذا ليس ربيعا عربيا. فالربيع مرتبط بالزهور والناس السعداء وبالحب لا بالموت والفوضى والدمار".
وذكر تحقيق دولي في نوفمبر تشرين الثاني 2011 أن 35 شخصا سقطوا قتلى في اضطرابات البحرين. وكان أغلب القتلى من المحتجين لكن كان بينهم أيضا خمسة من أفراد الأمن وسبعة وافدين.
وفي أعقاب الانتفاضة شاعت المحاكمات الجماعية ودخل عشرات السجن بمن فيهم شخصيات قيادية في المعارضة ونشطاء حقوقيون. وفر كثيرون غيرهم إلى خارج البلاد.
* انتهاكات "ممنهجة"
قال منتقدون إن رئيس الوزراء يتحمل بعض المسؤولية عن انتهاكات قالت جماعات حقوقية إن قوات الأمن ارتكبتها في 2011 لأنها كانت فيما يبدو مسلكا ممنهجا من جانب الدولة.
وفشلت محادثات المصالحة بين السلطات والمعارضة في نزع فتيل التوتر ولا يزال الارتياب المتبادل شديدا بين المعارضة وأسرة آل خليفة.
وفي 2016 قضت محكمة بحل جمعية الوفاق الوطني المعارضة واتهمتها بالمساعدة في نشر العنف والإرهاب وذلك في تصعيد لحملة التضييق على المعارضة.
وجاءت نقطة تحول في مسيرة الشيخ خليفة مع قيام الثورة الإيرانية عام 1979 بقيادة رجال الدين الشيعة الذين ترى البحرين ودول خليجية أخرى أنهم يسعون للتوسع لإضعاف القوى السنية المناوئة لهم لا سيما في البحرين ذات الأغلبية الشيعية.
إلا أن البحرين حافظت خلال الحرب الإيرانية العراقية (1980-1988) على علاقات طيبة مع البلدين رغم الكشف عما قالت البحرين إنها محاولة انقلاب مؤيدة لإيران في 1981 وأخرى في 1986.
وبصفته رئيسا للوزراء كان الشيخ خليفة يدير الشؤون اليومية في الدولة في عهد الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة الذي توفي عام 1999 ثم في عهد الملك حمد الذي خلفه.
وفي 1994 وقف الشيخ خليفة وقفة حازمة في مواجهة موجة من الاضطرابات من جانب الشيعة استمرت أربع سنوات وأدخل آلاف النشطاء السجون. وهدأت الاحتجاجات المطالبة بالإصلاح الاقتصادي والسياسي في 1998.
وأقام الشيخ خليفة علاقات طيبة مع الدول العربية غير أنه في يونيو حزيران 2017 قطعت البحرين والسعودية والإمارات ومصر العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع قطر واتهمتها بدعم الإرهاب. وتنفي قطر هذا الاتهام وتتهم جيرانها بالسعي للنيل من سيادتها.
وفي مايو آيار 2019، اتصل الشيخ خليفة بأمير قطر بمناسبة حلول شهر رمضان في اتصال نادر بين الجانبين وذلك رغم أن الحكومة في المنامة لم تشر إلى أي تغيير في الموقف السياسي.
وكان الشيخ خليفة أصيب بأزمة قلبية حادة في 1985. وبعد أزمة قلبية ثانية في يوليو تموز 1988 أجريت له جراحة لتغيير ثلاثة شرايين في القلب في العاصمة السعودية الرياض.
وتلقى الشيخ خليفة علاجا طبيا عدة مرات في ألمانيا خلال 2020.
(إعداد منير البويطي للنشرة العربية - تحرير نادية الجويلي)