من جيسيكا جاجاناثان وفلورنس تان ويسري محمد
القاهرة (رويترز) - ظلت حركة الملاحة في قناة السويس، أقصر طريق بحري بين أوروبا وآسيا، متوقفة يوم الأربعاء بينما تواصل عشر قاطرات أعمالها لتعويم واحدة من أكبر سفن الحاويات في العالم بعد أن جنحت في القناة.
وقالت هيئة قناة السويس في بيان إن السفينة إيفر جيفن، التي يبلغ طولها 400 متر وتصل حمولتها إلى 224 ألف طن، جنحت صباح يوم الثلاثاء وهو ما "يعود بشكل أساسي إلى انعدام الرؤية الناتجة عن سوء الأحوال الجوية نظرا لمرور البلاد بعاصفة ترابية... مما أدى إلى فقدان القدرة على توجيه السفينة ومن ثم جنوحها".
ويمر نحو 30 بالمئة من حركة سفن الحاويات العالمية عبر قناة السويس يوميا، تحمل كل شيء من الوقود إلى السلع الاستهلاكية. والطريق البديل الرئيسي للسفن المسافرة بين آسيا وأوروبا يمر حول قارة أفريقيا ويستغرق أسبوعا إضافيا.
وذكرت شركة وكالة الخليج مصر المحدودة للملاحة (جي.إيه.سي) يوم الأربعاء أن السلطات لا تزال تعمل لتعويم السفينة وأن المعلومات التي تلقتها سابقا بشأن تعويم السفينة جزئيا لم تكن دقيقة.
وبدت السفينة في الصور المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي متوقفة بعرض القناة وتسده بأكمله بينما تحاول القاطرات تحريرها. وأظهرت صور نشرتها هيئة قناة السويس حفارا يزيل التربة والصخور من ضفة القناة حول مقدمة السفينة.
وقال مسؤول إن العمل لتعويم السفينة قد يستمر خلال الليل إذا سمحت أحوال الطقس بذلك.
وقال أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس لوسائل إعلام محلية إنه على الرغم من الواقعة فإن قافلة متجهة صوب الجنوب تتحرك وإن السلطات تحاول الإبقاء على حركة المرور مستمرة بين نقاط الانتظار بأقصى ما يمكنها مع استمرار جهود تعويم السفينة.
وتابع قائلا إنه بمجرد تعويم السفينة ستعود الأمور لطبيعتها متوقعا أن يتم ذلك يوم الأربعاء.
وأضاف "لازم هينتظروا، بس إن شاء الله لما نخلص هنشتغل 24 ساعة، مش هنشتغل بقى قافلة واحدة من الجنوب وقافلة واحدة من الشمال، هنشتغل قافلتين أو تلاتة لحد ما نخلص المراكب ونعوض الانتظار بتاعها، وبنفكر برده في تعويض تاني مناسب بنفكر نعمله إن شاء الله".
وتمر نحو 12 بالمئة من التجارة العالمية عبر القناة وهي مصدر أساسي للعملة الصعبة لمصر، وبلغت عائداتها 5.6 مليار دولار في 2020.
وأظهرت خرائط التتبع السفينة جانحة في أقصى الامتداد الجنوبي للممر المائي، بين البحيرة المُرة الكبرى وميناء السويس على البحر الأحمر.
وقالت مصادر محلية إن 30 سفينة على الأقل كانت متوقفة إلى الشمال من إيفر جيفن فيما توقفت ثلاث سفن إلى الجنوب. كما شوهدت عشرات السفن متجمعة عند المدخلين الشمالي والجنوبي للقناة.
* جهود إعادة التوازن
قالت هيئة قناة السويس إنها تحاول إعادة التوازن لسفينة الحاويات وقالت مصادر محلية إن الجهود قد تتحول صوب الحفر لإخراج السفينة إذا لم تتمكن القاطرات من تعويمها.
وقالت شركة بوسكاليس الهولندية لخدمات الملاحة إن شركة (سميت سالفيدج) التابعة لها كلفت بالمساعدة في العملية وأرسلت عشرة أشخاص إلى مصر.
وقال متحدث باسم الشركة لرويترز إن في تلك الحالات "يجب أن تقوم بالحسابات لمعرفة مدى انغماسها في التربة وقدر القوة التي تحتاجها لتعويمها دون إلحاق ضرر بالسفينة".
وقالت شركة برنارد شولت شيب مانجمنت (بي.إس.إم)، التي تتولى الإدارة الفنية للسفينة إيفر جيفن، إن الحادث وقع حوالي الساعة 05:40 بتوقيت جرينتش يوم الثلاثاء. وأضافت أن التحقيقات جارية.
وأضافت (بي.إس.إم)، التي تتعامل مع المسائل التي تخص طاقم السفينة والجوانب الفنية، أن جميع أفراد الطاقم بخير ولم ترد تقارير عن إصابات أو تلوث.
وقال متحدث باسم (بي.إس.إم) إن السفينة مملوكة لشركة شوي كيسن اليابانية، لكنه لم يفصح عن مزيد من التفاصيل. ولم يتسن الوصول للشركة المالكة للحصول على تعليق.
وذكرت شركة إيفرجرين التايوانية التي تستأجر سفينة الحاويات أن الجهة المالكة للسفينة أبلغتها أنها تعتقد أن ما حدث كان نتيجة "رياح قوية مفاجئة تسببت في انحراف جسم السفينة في المجرى المائي والارتطام بالقاع والجنوح".
وقال وسطاء للتأمين إن التأمين على السفينة يتراوح بين 100 و140 مليون دولار على الأرجح.
* مخاوف بشأن الإمدادات
قالت مصادر ملاحية إن عشرات السفن التي تنقل النفط الخام والغاز الطبيعي المسال وبضائع تجزئة لم تتمكن من عبور القناة يوم الأربعاء، فيما قد يعطل الإمدادات إلى الأسواق العالمية.
وقالت شركة فورتيكسا للتحليلات النفطية يوم الأربعاء إن عشر ناقلات تحمل 13 مليون برميل من الخام قد تتأثر. وارتفعت أسعار النفط أكثر من اثنين بالمئة.
وتقول شركة كبلر لتحليل البيانات إن خمس ناقلات محملة بالغاز المسال لم تتمكن حتى يوم الأربعاء من عبور القناة بسبب السفينة الجانحة.
وذكرت ريبيكا شيا المحللة لدى كبلر أن ثلاثة من تلك الناقلات الخمس متجهة إلى آسيا واثنتين إلى أوروبا. وأضافت أنه إذا استمر التعطل حتى نهاية الأسبوع فسيؤثر على عبور 15 ناقلة للغاز الطبيعي المسال.
وقالت هيئة قناة السويس إن حوالي 19 ألف سفينة- أو 51.5 في المتوسط يوميا- عبرت القناة خلال 2020.
وقال نيلز مادسن نائب الرئيس لشؤون الإنتاج والعمليات لدى سي انتيليجنس للاستشارات، ومقرها الدنمرك، إنه إذا استمرت إيفر جيفن في هذا الوضع لمدة 48 ساعة "سيقتصر التأثير على تفاقم تدريجي في تأخير السفن".
وأضاف "لكن إن ظلت قناة السويس مغلقة لما بين ثلاثة وخمسة أيام أخرى، فسيبدأ ظهور تداعيات عالمية خطيرة للغاية".
(شارك في التغطية محمود رضا مراد من القاهرة - إعداد سلمى نجم للنشرة العربية - تحرير مصطفى صالح)