من ستيف هولاند وباتريشيا زنجرل
واشنطن (رويترز) - عندما ظهر الرئيس الأمريكي جو بايدن في البيت الأبيض في الثامن من يوليو تموز للتأكيد على أن انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان يمضي على قدم وساق، أعلن أن سيطرة طالبان على البلاد ليست حتمية.
لكن بعد خمسة أسابيع فقط، سيطرت طالبان على مقاليد الأمور، ووقف العالم مذهولا أمام مشاهد الفوضى في مطار كابول أثناء إجلاء أمريكيين ومواطنين أفغان متحالفين مع الولايات المتحدة، وسارع بايدن إلى الدفاع عن نفسه بعد سلسلة تقديرات خاطئة نالت من مصداقية الولايات المتحدة.
وبينما أصر بايدن على أن "المسؤولية تقع على عاتقي"، فقد وجه اللوم إلى آخرين على النهاية المهينة لتدخل أمريكي على مدى عشرين عاما في أفغانستان، شمل إخفاقات لأربع إدارات، اثنتان جمهوريتان وأخريان ديمقراطيتان.
وانتقد الرئيس الأمريكي الجيش الأفغاني لرفضه القتال، وندد بالحكومة الأفغانية التي أطاحت بها طالبان، وأعلن أن سلفه الجمهوري دونالد ترامب ترك له اتفاق انسحاب سيئا.
وفي كلمة ألقاها يوم الاثنين قال بايدن "تعهدت للشعب الأمريكي عندما ترشحت للرئاسة بإنهاء مشاركة الولايات المتحدة العسكرية في أفغانستان. وعلى الرغم من أن ذلك كان صعبا وفوضويا، وبالطبع بعيدا عن المثالية، فقد أنجزت هذا التعهد".
وتولى بايدن الرئاسة بعد حملة قدم نفسه خلالها على أنه رجل دولة عالمي له باع طويل بعد فترة رئاسة ترامب العاصفة.
وسرعان ما أعاد بلاده إلى اتفاقيات عالمية انسحب منها ترامب، وسعى لإحياء تحالفات تقليدية أدار لها ترامب ظهره.
لكن أول تحد عالمي كبير يواجهه أشعل انتقادات سياسية مكثفة، حيث أثار ديمقراطيون وجمهوريون على حد سواء تساؤلات بشأن استراتيجيته.
وتبين خطأ توقعات للمخابرات الأمريكية بأن طالبان قد تسيطر على البلاد بعد ثلاثة أشهر من الانسحاب الأمريكي. كما قوبلت اقتراحات قادة عسكريين أمريكيين بنهج أكثر تخطيطا للانسحاب بالرفض.
ووقف جيك سوليفان مستشار الأمن القومي الأمريكي في البيت الأبيض يوم الثلاثاء لتقديم دفاع واسع النطاق عن أفعال بايدن. وقال إن التلميح إلى دعم الحكومة الأفغانية "كان قرارا مدروسا" لكنه لم ينقذها.
وأضاف "عندما تنهي 20 عاما من العمل العسكري في حرب أهلية في بلد آخر، مع تداعيات قرارات متراكمة على مدى 20 عاما، يتعين اتخاذ الكثير من القرارات الصعبة، بدون أي نتيجة خالية من الشوائب لأي منها".
* دعوات إلى التحقيق
ومع تزايد الإحباط بسبب الأحداث في أفغانستان، يريد أعضاء في الكونجرس الأمريكي فتح تحقيق لمعرفة الخطأ الذي حدث.
وقال السناتور الديمقراطي مارك وارنر رئيس لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ يوم الاثنين إنه يعتزم التعاون مع لجان أخرى "لتوجيه أسئلة صعبة لكن ضرورية" بشأن سبب عدم استعداد الولايات المتحدة على نحو أفضل للتعامل مع انهيار الحكومة الأفغانية.
وواصل الجمهوريون انتقادهم الحاد لسياسات بايدن.
وقال الجمهوريون في لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب في خطاب إلى البيت الأبيض يوم الثلاثاء "كان من الممكن تجنب الأزمة الأمنية والإنسانية التي تتكشف في أفغانستان الآن لو كنت أعددت أي تخطيط".
وكان للأزمة تداعيات على ما يبدو. فقد انخفضت شعبية بايدن سبع نقاط مئوية وبلغت أدنى مستوياتها منذ توليه السلطة في يناير كانون الثاني مسجلة 46 بالمئة، وفقا لاستطلاع لرويترز-إبسوس يوم الاثنين.
ويدير بايدن الأزمة من منتجع كامب ديفيد الرئاسي في ماريلاند. ولم يتحدث لعدة أيام مع أي زعيم أجنبي بشأن أفغانستان، لكنه تحدث مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون يوم الثلاثاء.
وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية "شدد رئيس الوزراء على أهمية عدم خسارة المكاسب التي تحققت في أفغانستان على مدى العشرين عاما الماضية، وحماية أنفسنا من أي تهديد إرهابي جديد، ومواصلة دعم الشعب الأفغاني".
وقال سوليفان يوم الثلاثاء إنه رغم أن الصور من مطار كابول "تفطر القلب" فقد كان على بايدن "التفكير في التكلفة البشرية للمسار البديل أيضا، وهو البقاء في قلب صراع أهلي في أفغانستان".
(إعداد مروة سلام للنشرة العربية - تحرير مصطفى صالح)