من بافيل بوليتيوك وعبد العزيز بومزار
كييف/سلوفيانسك (أوكرانيا) (رويترز) - تراجعت القوات الأوكرانية إلى ضواحي مدينة سيفيرودونيتسك الصناعية يوم الأربعاء بعد قصف روسي عنيف، حسبما قال حاكم المنطقة التي تقع فيها المدينة، في تحول كبير آخر في مجريات الأحداث في واحدة من أكثر المعارك دموية في الحرب.
وركّزت روسيا قواتها وقوة نيرانها على المدينة الصغيرة الواقعة بشرق البلاد في الأسابيع الأخيرة لتأمين المنطقة لوكلاء روسيا الانفصاليين. وتعهدت أوكرانيا بمواصلة القتال لأطول وقت ممكن، قائلة إن هذه المعركة يمكن أن تساعد في تحديد مسار الحرب في المستقبل.
وبعد مزاعم حول دفع الروس إلى التقهقر وتأمين نصف المدينة في هجوم مضاد مفاجئ الأسبوع الماضي، قال حاكم منطقة لوجانسك التي تقع فيها سيفيرودونيتسك إن القسم الأكبر من المدينة أصبح مرة أخرى في قبضة الروس.
وقال سيرهي جايداي لموقع (آر.بي.سي. أوكرانيا) الإعلامي "لم تعد قواتنا تسيطر الآن إلا على أطراف المدينة. لكن القتال لا يزال مستمرا، (قواتنا) تدافع عن سيفيرودونيتسك ومن المستحيل القول إن الروس يسيطرون على المدينة بشكل كامل".
وكان جايداي قال في وقت سابق إن القوات الروسية ستكثف القصف على سيفيرودونيتسك والمدينة الأصغر الملاصقة لها ليسيتشانسك على الضفة الغربية لنهر سيفيرسكي دونيتس.
ونشرت الشرطة الأوكرانية لقطات مصورة لعمليات إجلاء لكبار السن من ليسيتشانسك. وتوقفت عمليات الإجلاء قرابة أسبوع بسبب قصف طريق الخروج الرئيسي.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأوكرانية أولكسندر موتوزيانك في إفادة صحفية إن القوات الروسية لديها عتاد أكثر بعشرة أضعاف من القوات الأوكرانية في بعض مناطق سيفيرودونيتسك.
ولم يتسن لرويترز التحقق من الوضع على الأرض في سيفيرودونيتسك من مصادر مستقلة.
وتقول موسكو إنها تنفذ "عملية عسكرية خاصة" لنزع سلاح جارتها و"القضاء على النازية". وتصف أوكرانيا وحلفاؤها ذلك بأنه ذريعة لا أساس لها لشن حرب أسفرت عن مقتل الآلاف ودمرت المدن وأجبرت الملايين على الفرار.
* "أنقذتني العناية الإلهية"
تشكل لوجانسك ودونيتسك المجاورة معا منطقة دونباس، التي تطالب موسكو بخضوعها للانفصاليين الناطقين بالروسية الذين سيطروا على الأجزاء الشرقية منها منذ عام 2014. وتهاجم موسكو الجزء الخاضع لسيطرة أوكرانيا من دونباس من الشمال والشرق والجنوب في محاولة لتطويق القوات الأوكرانية في المنطقة.
وإلى الغرب من سيرفيرودونيتسك، في سلوفيانسك، إحدى مدن دونباس الرئيسية التي لا تزال تحت سيطرة أوكرانيا، وقفت نساء وأطفال صغار في طوابير لتلقي المساعدات، وكان سكان آخرون يحملون دلاء الماء في أنحاء المدينة.
وفر معظم السكان لكن السلطات تقول إن نحو 24 ألفا ما زالوا في المدينة التي تقع على طريق هجوم متوقع من القوات الروسية التي تعيد تجميع صفوفها إلى الشمال.
وتحدثت ألبينا بتروفنا (85 عاما)، عن لحظة وقوع هجوم على المبنى الذي تقيم فيه مما أدى إلى تحطم نوافذ منزلها وتدمير شرفتها. وقالت "تطايرت علي شظايا الزجاج المكسور ولكن العناية الإلهية أنقذتني، أصبت بخدوش في كل مكان...".
وحولت روسيا تركيزها إلى منطقة دونباس بعد هزيمة قواتها في ضواحي كييف في مارس آذار.
وقال مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن شخصين قتلا وأصيب اثنان آخران في منطقة لوجانسك خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، فيما أصيب خمسة مدنيين في منطقة دونيتسك، ولقي أربعة حتفهم وأصيب 11 بمنطقة خاركيف.
وفي خاركيف، ثاني أكبر المدن الأوكرانية، كان السكان يزيلون الركام الناتج عن القصف في اليوم السابق. وطردت أوكرانيا القوات الروسية الشهر الماضي من ضواحي المدينة، لكن روسيا ما زالت تقصفها بشكل متقطع.
* كتاب الجلادين
قال زيلينسكي إن بلاده ستصدر في الأسبوع المقبل ما أطلق عليه اسم "كتاب الجلادين" ليروي بالتفصيل جرائم الحرب الروسية.
وذكر المدعي العام الأوكراني يوم الأربعاء أن بلاده فتحت أكثر من 16 ألف تحقيق في جرائم حرب محتملة ورفعت ثماني دعاوى قضائية وحددت 104 مشتبهين بهم.
وتنفي روسيا استهداف المدنيين في أوكرانيا وترفض اتهامات بأن قواتها ارتكبت جرائم حرب.
وللصراع تأثير ضخم على الاقتصاد العالمي. فأوكرانيا أحد أكبر الدول المصدرة للحبوب في العالم وتتهم دول غربية روسيا بالتسبب في احتمال مواجهة العالم لمجاعة من خلال إغلاقها لموانئ أوكرانيا على البحر الأسود.
واستضاف وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو نظيره الروسي سيرجي لافروف في محادثات يوم الأربعاء، وقال إن التوصل لاتفاق تدعمه الأمم المتحدة بشأن الموانئ ممكن لكن هناك حاجة لمزيد من المفاوضات.
وقال لافروف إن من الممكن فتح الموانئ الأوكرانية لكن يتعين على كييف نزع الألغام أولا. ورفضت أوكرانيا التطمينات الروسية ووصفتها بأنها "كلام أجوف". وأشارت إلى أن الهجمات الروسية على الحقول والمرافق الزراعية الأخرى تفاقم الأزمة.
وأفادت وكالات أنباء روسية أن الإدارة التي نصبتها روسيا في الجزء المحتل من منطقة زابوريجيا في جنوب أوكرانيا تعتزم إجراء استفتاء في وقت لاحق من هذا العام بشأن الانضمام إلى روسيا. كما أعلن المسؤولون الذين نصبهم الروس في مقاطعة خيرسون الواقعة إلى الغرب من زابوريجيا عن خطط مماثلة.
وتعتبر أوكرانيا وحلفاؤها الغربيون أي استفتاءات في المناطق المحتلة غير شرعية ودليل على أن الهدف الحقيقي لروسيا هو احتلال الأرض.
(إعداد أيمن سعد مسلم ورحاب علاء وسلمى نجم للنشرة العربية - تحرير أحمد حسن)