من مايا جبيلي ومعيان لوبيل
بعبدا/القدس (رويترز) - وقع قادة إسرائيليون ولبنانيون يوم الخميس اتفاقا تاريخيا توسطت فيه الولايات المتحدة لترسيم الحدود البحرية بينهما، مما يمثل خروجا دبلوماسيا من عداء استمر لعقود ويفتح الطريق أمام التنقيب عن الطاقة قبالة سواحلهما.
ووصف قادة من لبنان وإسرائيل والولايات المتحدة الاتفاق بأنه "تاريخي"، لكن احتمال إقامة علاقات دبلوماسية أوسع نطاقا يظل ضئيلا.
ونتيجة لذلك، لم يُقم حفل توقيع مشترك. فقد وقع الرئيس اللبناني ميشال عون رسالة بالموافقة على الاتفاق في قصره في بعبدا في حضور آموس هوكشتاين المسؤول الأمريكي الذي توسط في الاتفاق.
ووقع رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد في القدس، وأشاد لابيد بالاتفاق ووصفه بأنه "إنجاز هائل" يشكل اعتراف لبنان بإسرائيل على أرض الواقع.
وقال لابيد لمجلس الزوراء الإسرائيل في تصريحات بثها التلفزيون "لا يحدث كل يوم أن تعترف دولة معادية بدولة إسرائيل في اتفاق مكتوب أمام المجتمع الدولي".
وفي مقابلة مسجلة بُثت في وقت لاحق يوم الخميس، قال الرئيس عون إن الاتفاق من شأنه أن يمنع الحرب وأن الوضع الكامل للحدود الجنوبية سيُحل من خلال "الحوار".
لكنه أصر على أن الاتفاق لا يشكل اتفاقية سلام مع إسرائيل. وكان قال في وقت سابق يوم الخميس إن الاتفاق كان "تقنيا" محضا وليست له "أي أبعاد سياسية أو مفاعيل تتناقض مع السياسة الخارجية للبنان".
ولا يعترف لبنان بحق إقامة دولة إسرائيل ولا يزال يعد نفسه في حرب معها، إذ تمنع القوانين اللبنانية التواصل مع المسؤولين الإسرائيليين.
وقال إلياس بو صعب كبير المفاوضين اللبنانيين ونائب رئيس البرلمان "سمعنا عن اتفاقات إبراهيم. اليوم هناك عهد جديد بموجب اتفاق يمكن تسميته اتفاق آموس هوكشتاين"، وذلك في إشارة إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل من جهة والإمارات والبحرين من جهة أخرى عام 2020 بوساطة أمريكية.
"اجراءات بناء الثقة"
وتوجه وفدان أقل مستوى من كل دولة إلى قاعدة لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في الناقورة على الحدود المتنازع عليها بين الدولتين، والتي لم تُرسم بعد.
وقال مسؤول إسرائيلي ومصدر لبناني لرويترز إن الوفدين دخلا الخيمة نفسها في القاعدة، ووقف كل منهما على جانب مختلف من أحد جوانب طاولة، وسلم كل وفد على حدة النسخة الموقعة من الاتفاق إلى المسؤولين الأمريكيين والإحداثيات الجديدة للحدود البحرية للأمم المتحدة، ما يجعل الاتفاق نافذا بشكل رسمي.
وقالت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا "آمل أن يكون بمثابة خطوة لبناء الثقة من شأنها تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة وتأمين المنافع الاقتصادية لكلا البلدين"
*إنجازات سياسية
ويأتي توقيع الاتفاق قبل أيام من استحقاقات سياسية مهمة في كل من إسرائيل ولبنان.
ففي لبنان، تنتهي فترة عون الرئاسية يوم 31 أكتوبر تشرين الأول وتقول مصادر سياسية إنه كان حريصا على إتمام الاتفاق ليكون تكليلا لإنجازاته خلال أعوامه الستة في المنصب.
وتجري إسرائيل انتخاباتها في الأول من نوفمبر تشرين الثاني، وهي خامس مرة في أقل من أربعة أعوام.
وقال هوكشتاين إن الاتفاق يجب أن يلتزم به الطرفان حتى في حالة تغيير قيادة أي من الدولتين وإن الولايات المتحدة ستواصل تأدية دور الضامن للتأكد من بقاء الاتفاق نافذا.
وأضاف "إن انتهك أي من الطرفين الاتفاق، فسيخسر كلاهما".
وينزع الاتفاق فتيل أحد مصادر الصراع المحتملة بين إسرائيل وجماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران ويمكن أن يخفف من الأزمة الاقتصادية في لبنان.
واكتشاف موارد الطاقة في البحر، رغم أنه ليس كافيا بمفرده لحل مشاكل لبنان الاقتصادية العميقة، سيكون نعمة كبيرة إذ سيوفر العملة الصعبة التي تشتد الحاجة إليها وربما يخفف يوما ما من انقطاع التيار الكهربائي الخانق.
وخلال العقد المنصرم، اكتُشفت مكامن غاز كبرى في المناطق الواقعة قبالة ساحل شرق البحر المتوسط والشام وتنامى الاهتمام بالغاز، إذ أحدث غزو روسيا لأوكرانيا اضطرابا في عمليات تدفقه عبر خطوط الأنابيب (TADAWUL:2360).
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن، في بيان يوم الخميس، إن الطاقة في المنطقة "ينبغي ألا تكون سببا للصراع، وإنما وسيلة للتعاون والاستقرار والأمن والرخاء".
ووصف الأمين العام لجماعة حزب الله اللبنانية حسن نصر الله يوم الخميس الاتفاق بأنه "انتصار كبير وكبير جدا للبنان".
وقال إن المقاتلين والموارد العسكرية التي حشدتها جماعته كشكل من أشكال الضغط لضمان سير المحادثات على ما يرام يمكن وقفها الآن، معلنا أن "المهمة تمت".
كما قال نصر الله إن الحكومة اللبنانية "كانت حريصة إنها ما تأخذ أي خطوة فيها رائحة التطبيع" بالتعامل غير المباشر مع إسرائيل.
(إعداد ليلى بسام وأحمد السيد ومحمد أيسم للنشرة العربية - تحرير علي خفاجي)