💼 احمِ محفظتك مع اختيارات الأسهم المدعومة بالذكاء الاصطناعي من InvestingPro - الآن خصم يصل إلى 50% احصل على الخصم

عن كثب - الشباب في إيران يتخلصون من الخوف في نضالهم من أجل "الحرية"

تم النشر 03/11/2022, 19:14
محدث 03/11/2022, 19:18
© Reuters. محتجون خلال مظاهرة في طهران يوم 21 سبتمبر ايلول 2022. صورة من وكالة غرب اسيا للأنباء.

من باريسا حافظي

دبي (رويترز) - عندما كانت شيدة طفلة في إيران، سمعت والديها يحذران أشقائها الأكبر سنا من المشاركة في المظاهرات المناهضة للحكومة، بسبب القمع الدموي التي سيتبعها. لكن الحال تبدل اليوم، مع احتدام الاحتجاجات في أنحاء البلاد.

تقول شيدة، التي صارت شابة الآن، ووالدتها إنهما شاركتا في المظاهرات المستمرة منذ سبعة أسابيع والتي أشعلتها وفاة مهسا أميني (22 عاما) بعد احتجاز شرطة الأخلاق لها في طهران.

وأظهرت الاحتجاجات التي اندلعت عقب وفاة أميني في 16 سبتمبر أيلول تحدي العديد من الشباب الإيراني للقيادة الدينية، والتغلب على الخوف الذي خنق المعارضة منذ الثورة الإسلامية عام 1979.

وقالت شيده (17 عاما)، التي طلبت عدم ذكر اسم عائلتها "لي حياة واحدة وأريد أن أعيشها بحرية... لا نخشى التعرض للقتل. سنغير النظام في نهاية المطاف".

وعبر عن المشاعر نفسها نحو عشرة من الشباب الإيرانيين من مناطق متفرقة في البلاد أجرت رويترز لقاءات معهم عبر الهاتف. وقال الطلاب، الذين طلبوا عدم نشر أسمائهم، إن الاحتجاجات تعكس ما يعتبره كثيرون من شباب إيران مستقبلا مظلما لبلد يحكمه محافظون يسعون لتشديد الضوابط الاجتماعية الصارمة.

ويقول مسؤولون إيرانيون، ألقوا باللوم في وفاة أميني على مشكلات صحية سابقة، إن أعداء أجانب من بينهم الولايات المتحدة أثاروا الاضطرابات، كما يتهمون انفصاليين مسلحين بارتكاب أعمال عنف.

ولم ترد وزارة الداخلية الإيرانية حتى الآن على طلب للتعليق على هذه القصة.

واستخدمت السلطات وسائل مجربة ومختبرة لقمع المعارضة -من الغاز المسيل للدموع والرصاص إلى الترهيب والاعتقالات- إلا أن الكثير من شباب المتظاهرين ما زالوا صامدين.

وفي مقطع فيديو تم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي ظهرت مجموعة قليلة العدد من الشابات اللاتي جثون على ركبهن دون ارتداء الحجاب أمام رجال شرطة مكافحة الشغب في طهران الأسبوع الماضي مع إطلاق هتافات "أطلقوا النار علينا! لم يعد لدينا أي خوف".

وتقل أعمار أكثر من ثلثي سكان إيران البالغ عددهم 85 مليون نسمة عن 30 عاما. وقال نشطاء حقوقيون ومحللون ومسؤول سابق من المعتدلين لرويترز، طالبين عدم الكشف عن أسمائهم، إنه حتى في حالة انحسار أحدث موجة احتجاجات، فإن جرأة الشباب الإيراني يمكن أن تتسبب في مزيد من المشكلات في المستقبل للحكومة.

لكن لا يزال أثر القوة التي يمتلكها الأمن الإيراني واضحا. فقد رفضت شيدة ووالدتها الكشف عن هويتهما لأسباب تتعلق بالسلامة، كما طلبتا عدم الكشف عن موقعهما في إيران.

مع ذلك مثلت وفاة أميني التي احتجزتها شرطة الأخلاق بسبب ارتدائها "ملابس غير لائقة" نقطة تحول بالنسبة لوالدة شيدة.

وقالت "لقد غيرت كل شيء".

فبعد الخوف الشديد على مدى سنوات من إبداء معارضة لرجال الدين الحاكمين في إيران، انضمت إلى آلاف النساء في طليعة الاحتجاجات التي تحولت إلى انتفاضة ضد ما وصفه المتظاهرون بأنه استبداد متزايد.

وقالت الأم من منزلها في وسط إيران "بكيت لأيام من أجل مهسا. كان من الممكن أن تعتقل شرطة الأخلاق شيدة ابنتي وأن تلقى حتفها مثل مهسا. هذه الفكرة هزتني بشدة".

وأضافت "كأم، أشعر أنني يجب أن أبقى في الشوارع وأستعيد إيران من أجل ابنتي، من أجل جميع الفتيات الإيرانيات".

* تجسيد للظلم

صارت وفاة أميني رمزا للعديد من المظالم المتنوعة في المجتمع الإيراني، مما دفع بعض المحتجين للمطالبة بسقوط نظام الجمهورية الإسلامية.

وكفتاة شابة، أثارت وفاتها غضب الإيرانيين الذين لا يريدون اعتقال بناتهم بسبب ملابسهن. لكن لأنها فتاة كردية، فقد لمست وفاتها وتر مظالم الأقليات التي طال مداها في إيران. وتضم هذه الأقليات عددا من المجموعات العرقية والدينية التي تقول إنها طالما تعرضت للتمييز من جانب طهران.

ويقول خبراء الشؤون الإيرانية إن استقرار المؤسسة الدينية في السلطة منذ ثورة 1979 أساسه استعدادها لاستخدام أي قوة لازمة لإسكات المعارضة.

وقال سعيد جولكار، أستاذ العلوم السياسية المساعد بجامعة تينيسي في تشاتانوجا، إن "الخوف له حدود، مثل القمع".

وأضاف "هناك نقطة تحول تأتي عندما يفقد القمع والخوف تأثيرهما. عندما يدرك الناس أنهم يملكون قوة عندما يتخذون خطوة جماعية وعندما يخشون المستقبل القاتم أكثر من خشيتهم للنظام".

ولأول مرة، نزلت فتيات المدارس إلى الشوارع مع آلاف الإيرانيين من جميع الفئات، بما في ذلك الأقليات العرقية.

وقالت زيبا (15 عاما) التي خرجت للاحتجاج في المنطقة الكردية الإيرانية "إنها ثورة لإنهاء سنوات من التمييز. لن نظل صامتين ... نريد الحرية لجميع الإيرانيين، من البلوش إلى الأكراد والأتراك".

* كسر المحظورات

تصدت قوات الأمن للمتظاهرين بضراوة، مما أسفر عن مقتل 300 على الأقل، بينهم 45 قاصرا، وإصابة المئات واعتقال الآلاف، وفقا لمنظمات حقوقية.

ونفت السلطات الإيرانية مقتل أطفال خلال الاضطرابات.

وداهمت قوات الأمن عدة مدارس في أنحاء البلاد، واعتقلت تلميذات، حسبما أظهرت مقاطع فيديو نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي لم يستن لرويترز التحقق من صحتها. وأطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع أمام مدرسة في طهران بعد اشتباك بين الموظفين والطلاب وأولياء الأمور عندما أصر المدير على فحص هواتف الفتيات، وفقا لأحد مقاطع الفيديو.

وأظهرت صور أخرى على مواقع التواصل الاجتماعي تلميذات يمزقن صور الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي ومؤسس الثورة الإسلامية عام 1979 الراحل آية الله روح الله الخميني، ويحرقن حجابهن ويطحن بعمائم رجال الدين في الشوارع.

ويقول محللون إن لحظات كسر المحرمات تعكس فجوة آخذة في الاتساع بين الطبقة الدينية الحاكمة في إيران وبين الشباب. ولطالما دعا الكثير من الشباب الإيرانيين إلى رفع القيود الاجتماعية، مثل الرقابة على الإنترنت وقواعد الملابس الصارمة.

وعبرت العشرات من طالبات المدارس والجامعات في أنحاء إيران من مجموعات وخلفيات عرقية مختلفة خلال مقابلات مع رويترز عن أملهن في أن تكون الاحتجاجات نقطة تحول.

وقالت فرزانه (16 عاما) التي تعيش في مدينة جنوب ايران "يمكنهم قتلنا. يمكنهم اعتقالنا. لكنها بداية نهايتهم ... ربما اليوم. ربما الأسبوع المقبل أو الشهر المقبل. لكن لا رجعة في انتفاضتنا".

ومع ذلك، قالت سنام وكيل، نائبة مدير "المعهد الملكي للشؤون الدولية" في لندن، إنها لا تزال تتوقع أن ترى ردا قويا من جانب قوات الأمن الإيرانية، ينطوي على "مزيد من العنف والترهيب والتخويف".

ولم يتم نشر الحرس الثوري -وهي قوة عسكرية يخشاها الناس على نطاق واسع وتستخدمها الدولة لسحق الاضطرابات السياسية- حتى الآن لمواجهة الاحتجاجات، لكن قائدها الأعلى حذر المتظاهرين يوم السبت من النزول إلى الشوارع.

* "استمرار مسيرة التغيير"

لا تزال تحركات طلاب الجامعات بعيدة للغاية عن الانحسار، مع استمرار الاحتجاجات في أكثر من 130 جامعة، وكان لطلاب الجامعات دور رئيسي في الإطاحة بالشاه المدعوم من الولايات المتحدة عام 1979.

وقال مسؤول سابق من المعتدلين إنه مع تزايد أعداد الطلاب بين الشعب الإيراني الذي يمثل الشباب الأغلبية فيه، لا يمكن للسلطات أن تتجاهل بسهولة علامات المعارضة المتزايدة.

وأضاف "هذه الاحتجاجات ستنتهي في نهاية المطاف، لكن الجروح ستبقى وستتعمق الانقسامات. يجب أن نقلق بشأن الاحتجاجات في المستقبل".

ومع تفاقم المعاناة الاقتصادية، إلى حد كبير بسبب العقوبات الأمريكية المتعلقة بالأنشطة النووية الإيرانية، يشعر العديد من الشباب بأثر تسارع التضخم وتفاقم البطالة.

وزاد التضخم على 50 بالمئة، وهو أعلى مستوى منذ عقود. ولا تزال البطالة مرتفعة بين الشباب، مما يدفع بحوالي 50 بالمئة من الإيرانيين إلى ما دون خط الفقر، وفقا لتقارير مركز الإحصاء الإيراني.

وبتحديهم لتحذيرات الدولة لإنهاء الاحتجاجات، دفع الطلاب ثمنا باهظا. فقد داهمت قوات الأمن حرم جامعات واعتقلت مئات الطلاب وأصابت كثيرين آخرين، بحسب شهود ومقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي ومنظمات حقوقية.

وقال طالب في جامعة شريف بطهران، حيث استخدمت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع والخرطوش لتفريق الطلاب بشكل متكرر "نحن غاضبون بسبب سنوات من القمع، بسبب مستقبل مظلم... نريد الحرية، نريد المستقبل".

© Reuters. محتجون خلال مظاهرة في طهران يوم 21 سبتمبر ايلول 2022. صورة من وكالة غرب اسيا للأنباء.

وقال علي فتح الله نجاد، الخبير في شؤون إيران بالجامعة الأمريكية في بيروت، إن الحكام من رجال الدين أنفسهم محاطون "بعملية ثورية" ومن المرجح أن يواجهوا المزيد من الاضطرابات في المستقبل.

وأضاف "إذا تم قمع الانتفاضة الحالية تماما، فإن اندلاع الغضب الشعبي المرة القادمة يحتمل أن يكون أيضا مسألة وقت".

(إعداد أميرة زهران للنشرة العربية - تحرير أيمن سعد مسلم)

أحدث التعليقات

قم بتثبيت تطبيقاتنا
تحذير المخاطر: ينطوي التداول في الأدوات المالية و/ أو العملات الرقمية على مخاطر عالية بما في ذلك مخاطر فقدان بعض أو كل مبلغ الاستثمار الخاص بك، وقد لا يكون مناسبًا لجميع المستثمرين. فأسعار العملات الرقمية متقلبة للغاية وقد تتأثر بعوامل خارجية مثل الأحداث المالية أو السياسية. كما يرفع التداول على الهامش من المخاطر المالية.
قبل اتخاذ قرار بالتداول في الأدوات المالية أو العملات الرقمية، يجب أن تكون على دراية كاملة بالمخاطر والتكاليف المرتبطة بتداول الأسواق المالية، والنظر بعناية في أهدافك الاستثمارية، مستوى الخبرة، الرغبة في المخاطرة وطلب المشورة المهنية عند الحاجة.
Fusion Media تود تذكيرك بأن البيانات الواردة في هذا الموقع ليست بالضرورة دقيقة أو في الوقت الفعلي. لا يتم توفير البيانات والأسعار على الموقع بالضرورة من قبل أي سوق أو بورصة، ولكن قد يتم توفيرها من قبل صانعي السوق، وبالتالي قد لا تكون الأسعار دقيقة وقد تختلف عن السعر الفعلي في أي سوق معين، مما يعني أن الأسعار متغيرة باستمرار وليست مناسبة لأغراض التداول. لن تتحمل Fusion Media وأي مزود للبيانات الواردة في هذا الموقع مسؤولية أي خسارة أو ضرر نتيجة لتداولك، أو اعتمادك على المعلومات الواردة في هذا الموقع.
يحظر استخدام، تخزين، إعادة إنتاج، عرض، تعديل، نقل أو توزيع البيانات الموجودة في هذا الموقع دون إذن كتابي صريح مسبق من Fusion Media و/ أو مزود البيانات. جميع حقوق الملكية الفكرية محفوظة من قبل مقدمي الخدمات و/ أو تبادل تقديم البيانات الواردة في هذا الموقع.
قد يتم تعويض Fusion Media عن طريق المعلنين الذين يظهرون على الموقع الإلكتروني، بناءً على تفاعلك مع الإعلانات أو المعلنين.
تعتبر النسخة الإنجليزية من هذه الاتفاقية هي النسخة المُعتمدَة والتي سيتم الرجوع إليها في حالة وجود أي تعارض بين النسخة الإنجليزية والنسخة العربية.
© 2007-2024 - كل الحقوق محفوظة لشركة Fusion Media Ltd.