نيروبي (رويترز) - أثار اتفاق وقف إطلاق النار في إقليم تيجراي بشمال إثيوبيا شعورا بالأمل المشوب بالحذر بين ملايين الأشخاص الذين تضرروا من الصراع الدموي المستمر منذ عامين.
ويفكر كثيرون من هؤلاء المدنيين في الخسائر الفادحة التي عانوا منها، ويتطلعون إلى المساعدات لإعادة بناء حياتهم بعد الحرب التي أودت بحياة الآلاف وشردت الملايين وتركت مئات الآلاف في مواجهة المجاعة.
وقال رجل من التيجراي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا طلب عدم نشر اسمه خوفا من تداعيات ذلك في مكان عمله "أنا سعيد للغاية لأن هذا (الاتفاق) سيوقف المعاناة".
وأضاف أن الجانب "الإيجابي يظهر في المساعدات الإنسانية واستعادة الخدمات الأساسية"، في إشارة إلى التعهدات التي قطعتها قوات إقليم تيجراي والحكومة الاتحادية في بيان مشترك يوم الأربعاء بعد ثمانية أيام من محادثات السلام الرسمية.
واتفق الجانبان على "وقف دائم للأعمال العدائية" و"نزع سلاح منهجي ومنظم وسلس ومنسق"، لكن الندوب لا تزال جديدة وعميقة.
وارتكبت جميع الأطراف التي تخوض حرب تيجراي انتهاكات قد تصل إلى مستوى جرائم الحرب، وفقا لتحقيق مشترك أجرته الأمم المتحدة ولجنة حقوق الإنسان التي عينتها الدولة في إثيوبيا.
وفي الشهر الماضي، قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم جيبريسوس، وهو من التيجراي، إن الغذاء والرعاية الصحية يُستخدمان كسلاح في المنطقة، التي تم عزلها إلى حد كبير عن العالم الخارجي.
ونفدت الأدوية الأساسية في المستشفيات، بينما يقف مئات الآلاف على شفا المجاعة.
ونفت الحكومة الإثيوبية مرارا منع وصول الإمدادات الإنسانية إلى تيجراي.
وقال رجل من التيجراي في أديس أبابا لرويترز "والدي.. لم نتحدث معه منذ أكثر من ثلاث سنوات. لم نتلق حتى أي رسائل صوتية منه".
وقال رجل آخر يدعى موللا، رفض ذكر اسمه بالكامل، إنه كان في منزله في بلدة كوبو بإقليم أمهرة الشمالي عندما هاجمها مقاتلو التيجراي في سبتمبر أيلول من العام الماضي.
وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش، نقلا عن شهود عيان، إن 23 مدنيا قتلوا على أيدي مقاتلي الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي في كوبو في ذلك الوقت. وقال زعماء تيجراي إنهم سيعاقبون أي مقاتل يستهدف غير المقاتلين.
وقال موللا، الذي هرب مصابا بعيار ناري في كتفه، "أطلقوا النار علينا. مات إخوتي، واضطررنا إلى دفنهم.. سنكون سعداء إذا كان هذا سلاما حقيقيا. سنشعر بارتياح شديد. سيتعين علينا العثور على طريقة كي لا نعيش الماضي مرة أخرى".
* "خسرنا كل شيء"
تأرجحت موازين الحرب بين الطرفين لدرجة أن قوات إقليم تيجراي كانت على بعد مسافة يمكن قطعها في يوم واحد من أديس أبابا في نوفمبر تشرين الثاني من العام الماضي، مما دفع بعض السفارات الأجنبية إلى إجلاء جميع الموظفين باستثناء الضروريين منهم، لكن جبهة تحرير تيجراي تم دحرها لاحقا.
وفي الشهر الماضي، حققت الحكومة مكاسب كبيرة على أرض المعركة حيث استولت على عدة بلدات كبيرة في تيجراي قبل أن يجلس الجانبان أخيرا وجها لوجه في بريتوريا بجنوب أفريقيا.
وقال أندوم جيبريسوس، الذي كان يدير شركة سياحية في تيجراي قبل الحرب "لقد خسرنا كل شيء... حرفيا كل شيء".
وتمكن أندوم من الفرار إلى كينيا مع أطفاله، لكن شأنه شأن كثيرين، لم يسمع أي نبأ بشأن بقية أفراد أسرته منذ أكثر من عام.
وقال إن وقف الأعمال العدائية قد يجلب لهم بعض الراحة، لكن من غير المرجح أن يحقق سلاما دائما.
واضاف "(إقليم تيجراي) بات أكثر مكان يصعب الوصول إليه. لا اتصالات ولا كهرباء ولا نظام مصرفيا. لا أعرف حتى ما إذا كانوا على قيد الحياة. لا أعرف حقا".
(إعداد أيمن سعد مسلم وأحمد السيد للنشرة العربية - تحرير دعاء محمد وأيمن سعد مسلم)