من الولي الولي
دبي (رويترز) - نظمت السلطات في إيران مسيرات يوم الجمعة في ذكرى الاستيلاء على السفارة الأمريكية في طهران عام 1979 في الوقت الذي تحاول فيه المؤسسة الدينية، التي تحكم الجمهورية الإسلامية منذ ذلك الحين، إخماد احتجاجات تجتاح البلاد وتدعو إلى إسقاطها.
واقتحم طلاب متشددون السفارة بعد فترة وجيزة من سقوط الشاه الذي كان مدعوما من الولايات المتحدة، واحتجزوا 52 أمريكيا رهائن هناك لمدة 444 يوما.
وتناصب كل دولة الأخرى العداء منذ ذلك الحين، وفي الوقت الذي حثت فيه السلطات الإيرانية يوم الجمعة قوات الأمن على القضاء بسرعة على الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي امتدت إلى جميع طبقات المجتمع، ظهرت توترات ثنائية جديدة.
وانتقد الرئيس ووزير الخارجية الإيرانيان الرئيس الأمريكي جو بايدن، بعد يوم واحد من تعهد الرئيس الأمريكي "بتحرير إيران".
وأظهرت صور بثها التلفزيون الرسمي مظاهرات مناهضة للولايات المتحدة شارك فيها عشرات الآلاف في جميع أنحاء البلاد في "اليوم الوطني لمحاربة الغطرسة العالمية". ورددت الحشود هتاف "الموت لأمريكا" ووصفت العدو اللدود لإيران بأنها تجسيد للشيطان.
وحمل تلاميذ المدارس لافتات مؤيدة لاقتحام السفارة ولوحوا بالأعلام الإيرانية.
وتأتي المظاهرات المؤيدة للمؤسسة الدينية يوم الجمعة في تناقض صارخ مع موجة الاحتجاجات التي اجتاحت الجمهورية الإسلامية منذ وفاة الشابة الكردية مهسا أميني (22 عاما) في أثناء احتجاز شرطة الأخلاق لها في 16 سبتمبر أيلول بعد اعتقالها لارتدائها ملابس غير لائقة.
وبينما ركزت المظاهرات السابقة على قضايا مثل نتائج الانتخابات والصعوبات الاقتصادية، يُصر المشاركون في الاحتجاجات الحالية، ومن بينهم أفراد من الأقليتين السنة والأكراد، على المطالبة بنظام سياسي جديد.
وأفاد حساب (تصوير 1500)، الذي يحظى بعدد كبير من المتابعين على تويتر، بخروج احتجاجات في مدن زاهدان وخاش وسرافان في إقليم سيستان وبلوخستان والذي يعيش فيه معظم أبناء أقلية البلوخ السنية في إيران. ويقع الإقليم الفقير بالقرب من الحدود مع باكستان وأفغانستان.
ودعا رجل دين سني بارز لطالما انتقد القيادة الدينية الشيعية لإيران إلى إجراء استفتاء للخروج من الأزمة الحالية.
وقال مولوي عبد الحميد خلال خطبة صلاة الجمعة في زاهدان وفقا لفيديو نشر على مواقع التواصل الاجتماعي "عليكم أن تحلوا مشكلتكم مع هذه الأمة التي أعطتكم يوما الشرعية التي تحكمون بها اليوم. غالبية الناس غير راضين الآن. إذا كنتم لا تتفقون معي، فقوموا بإجراء استفتاء عادل تحت إشراف مراقبين دوليين".
وقالت وكالة تسنيم شبه الرسمية للأنباء إن عددا غير محدد من الأشخاص أصيبوا في اشتباكات هاجم فيها محتجون مبنى حكوميا في خاش وأحرقوا عدة سيارات ففتحت قوات الأمن النار.
كما نشرت الوكالة مقطع فيديو قالت إنه يظهر بنكا محترقا وواجهات متاجر متضررة في خاش بعد الاضطرابات، مع تصاعد أعمدة من الدخان الأسود من أحد المباني.
وأظهر مقطع مصور بثه (تصوير 1500) ولم تتمكن رويترز من التحقق منه متظاهرين هناك يرشقون قوات الأمن بالحجارة بينما سُمع دوي طلقات نارية.
وأفادت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية (إرنا) الرسمية بأن عددا من رجال الشرطة أصيبوا في الاشتباكات.
* تحدي الخوف
تعد الاحتجاجات واحدة من أكبر التحديات التي تواجه القيادة التي كرستها الثورة الإسلامية عام 1979، إذ تغلب العديد من الشبان الإيرانيين على الخوف الذي خنق المعارضة منذ ذلك الحين.
وألقت إيران باللوم على الولايات المتحدة وأعداء أجانب آخرين في الاضطرابات، قائلة إنهم يرغبون في زعزعة استقرار البلاد. وتسعى الجمهورية الإسلامية منذ أكثر من عام إلى إبرام اتفاق نووي مع القوى العالمية ورفع العقوبات التي زادت من صعوبات الحياة على كثير من الإيرانيين.
وقال بايدن يوم الخميس إن المتظاهرين سينجحون قريبا في تحرير أنفسهم.
وذكر الرئيس الأمريكي في كلمة خلال حملة انتخابية في كاليفورنيا، بينما تجمع عشرات المتظاهرين خارج مكان الحملة حاملين لافتات تدعم المحتجين الإيرانيين "لا تقلقوا، سنُحرر إيران. سيحررون أنفسهم قريبا جدا".
ولم يسهب بايدن في تصريحاته.
ووصف الرئيس إبراهيم رئيسي المحتجين "بالخونة المخادعين"، مضيفا "أقول لبايدن إنه تم تحرير إيران قبل 43 عاما".
كما اتهم وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان بايدن بالنفاق. وكتب على تويتر يقول "أيد البيت الأبيض بشكل متزايد العنف والإرهاب في أعمال الشغب التي وقعت مؤخرا في إيران، بينما يحاول في الوقت نفسه الوصول لاتفاق نووي".
ودعا محمد حسيني نائب رئيسي قوات الأمن إلى "العمل بسرعة لإنهاء أعمال الشغب".
وتلعب النساء، اللاتي أحرق بعضهن الحجاب خلال الاحتجاجات، وطلبة الجامعات دورا بارزا في المظاهرات، التي تدعو إلى موت الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي، لكن جميع شرائح المجتمع تشارك فيها.
وقالت وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان (هرانا) يوم الجمعة إن 300 محتج لاقوا حتفهم في الاضطرابات حتى يوم الخميس بينهم 47 قاصرا إضافة إلى 37 من قوات الأمن.
وأضافت أن أكثر من 14 ألف شخص اعتقلوا في الاحتجاجات التي خرجت في 134 مدينة وبلدة و132 جامعة.
(إعداد نهى زكريا وأحمد ماهر وأحمد السيد للنشرة العربية - تحرير مصطفى صالح)