من إسماعيل خضر وعمار عوض
ترمسعيا (الضفة الغربية) (رويترز) - دعا وزير الأمن الوطني الإسرائيلي إيتمار بن جفير يوم الجمعة إلى اتخاذ إجراءات عسكرية أكثر صرامة بحق المسلحين الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة وحث المستوطنين على تكثيف وجودهم هناك رغم تصاعد العنف ودعوات دولية لوقف التوسع الاستيطاني.
وجاءت تصريحات بن جفير، الذي ينتمي لليمين المتطرف في حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، من داخل إحدى البؤر الاستيطانية، وهي واحدة من عدة بؤر أعلن الجيش الإسرائيلي اكتشافها منذ يوم الخميس في أنحاء الضفة الغربية لكنها أُقيمت بدون تصاريح.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان إنه سيجري تفكيك هذه البؤر "وفقا للأولويات التشغيلية". ولم يذكر مزيدا من التفاصيل.
وتأتي هذه التطورات في أعقاب بعض من أسوأ أعمال العنف منذ سنوات التي اندلعت في الضفة الغربية بين فلسطينيين وقوات إسرائيلية ومستوطنين يهود الأسبوع الماضي.
وقال بن جفير خلال الزيارة "نحن ندعمكم، اصعدوا إلى قمم التلال واستوطنوا الأرض".
وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان يوم الجمعة إن الأمر "قد يخرج عن نطاق السيطرة" ودعا إسرائيل إلى "أن تلتزم إجراءاتها بالقانون الدولي".
لكن بن جفير دعا إلى إجراءات أكثر صرامة.
وقال "يتعين علينا تنفيذ عملية عسكرية، وأن نهدم مباني، ونقضي على الإرهابيين، ليس واحدا أو اثنين بل العشرات والمئات، بل والآلاف إذا لزم الأمر. لأن هذا، في نهاية المطاف، هو السبيل الوحيد للاستيلاء على هذا المكان، وتعزيز سيطرتنا واستعادة السكان الشعور بالأمن".
وتعتبر معظم دول العالم المستوطنات اليهودية المقامة على أراض احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967 غير مشروعة. وكان توسيع المستوطنات لعقود من بين أكثر القضايا إثارة للجدل بين إسرائيل والمجتمع الدولي والفلسطينيين الذين يقولون إنها تقوض فرص إقامة دولة فلسطينية قابلة للبقاء.
وأشارت صحيفة يديعوت أحرونوت اليومية إلى بناء سبع بؤر استيطانية جديدة على الأقل في الضفة الغربية منذ يوم الخميس بعلم الحكومة.
وتأتي إقامة البؤر الجديدة عقب إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الأربعاء خططا لبناء ألف منزل جديد في مستوطنة عيلي ردا على هجوم فلسطيني مسلح في المنطقة تسبب في سقوط أربعة قتلى إسرائيليين.
وبحسب منظمة "السلام الآن" الإسرائيلية، فإن مستوطنة عيلي أُقيمت في 1984 ويعيش بها نحو 4600 مستوطن. ويقول فلسطينيون في المنطقة إنهم جُردوا من أراضيهم للسماح بالتوسع الاستيطاني بمرور الأعوام.
وجاءت واقعة إطلاق النار يوم الثلاثاء صبيحة مداهمة إسرائيلية على مدينة جنين أدت إلى تبادل إطلاق نيران استمر ساعات بين مسلحين فلسطينيين والقوات الإسرائيلية المدعومة بطائرات هليكوبتر. وقُتل سبعة فلسطينيين وأُصيب أكثر من 90 آخرين، بينما أُصيب سبعة إسرائيليين.
وانتقاما من واقعة إطلاق النار، هاجم مئات المستوطنين الإسرائيليين قرى فلسطينية بالضفة الغربية مثل بلدة ترمسعيا، وقتلوا فلسطينيا يبلغ من العمر 25 عاما وأضرموا النيران في عشرات المنازل والسيارات.
وقالت أمل عبد الحليم، وهي فلسطينية تحمل الجنسية الأمريكية، إنها كانت تؤدي واجباتها المدرسية في منزلها في ترمسعيا يوم الأربعاء حينما سمعت صوت تهشم زجاج وطلقات نارية. وقالت إنها وأشقاءها أغلقوا الأبواب وحاولوا اللجوء إلى غرفة آمنة في المنزل.
ولم يعلموا بإشعال النيران في السيارات في الخارج واقتراب ألسنة اللهب من منزلهم إلا عندما نبههم أحد الجيران إلى ضرورة المغادرة.
وقالت أمل إنها كتبت رسالة نصية لأسرتها أبلغتهم فيها أنها لا تعرف إن كانت ستظل على قيد الحياة هي وأشقاؤها أم لا.
وتمكنت هي وأشقاؤها من الفرار عبر النافذة، بعضهم دون أحذية، وساروا في الشارع حتى وصلوا لمكان آمن.
وزار وفد يضم أكثر من 20 بعثة أجنبية البلدة يوم الجمعة لتفقد الأضرار.
وقال سفين كون فون بورجسدورف من بعثة الاتحاد الأوروبي في فلسطين "هذه هجمات إرهابية ارتكبها مستوطنون لترويع هؤلاء الناس وإبعادهم عن أراضيهم".
وقال دانيال حجاري المتحدث باسم الجيش إن الشرطة ألقت القبض على ثلاثة أشخاص للاشتباه في تورطهم في الهجوم على القرى الفلسطينية.
وأضاف أن الجيش لم يكن مستعدا بصورة كافية للتعامل مع عنف المستوطنين.
وقال حجاري في إفادة صحفية "ما حدث في ترمسعيا جريمة وحدث خطير يجب أن نمنعه. فشلنا في منعه".
وتابع "سنتعلم الدرس ونجري تحقيقات داخل صفوفنا أيضا من أجل منع حدوث واقعة مثل هذه".
ونددت وزارة الخارجية الفلسطينية بالمشروعات الاستيطانية الإسرائيلية الجديدة ووصفتها بأنها جزء من خطة إسرائيل لفرض ضم الضفة الغربية كأمر واقع.
وأضافت أن إسرائيل "تغلق دوما الباب أمام أي فرصة لحل سياسي للصراع".
وتستند إسرائيل في مطالبها بخصوص الأرض إلى روابط دينية وتاريخية وسياسية بالضفة الغربية، وتقول إن البناء هناك يمضي وفق عملية ترخيص البناء.
(إعداد محمد عطية وسها جادو ومحمد أيسم ومحمد حرفوش للنشرة العربية - تحرير أيمن سعد مسلم ومحمود عبد الجواد)