باكو (رويترز) - أرسلت أذربيجان قوات مدعومة بالمدفعية إلى منطقة ناجورنو قرة باغ يوم الثلاثاء في محاولة لإخضاع الإقليم الانفصالي بالقوة، في خطوة تنذر بحرب جديدة مع جارتها أرمينيا.
وقرة باغ معترف بها دوليا على أنها جزء من أذربيجان لكن منطقة منها تديرها سلطات انفصالية من عرقية الأرمن تقول إن المنطقة وطن أجدادها. وتسبب النزاع على المنطقة الواقعة في جنوب القوقاز في نشوب حربين منذ سقوط الاتحاد السوفيتي عام 1991 أحدثهما في عام 2020.
ودعا وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أذربيجان إلى وقف عمليتها على الفور، قائلا إنها تؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني المتردي بالفعل في قرة باغ، في إشارة إلى الحصار الفعلي الطويل الذي تفرضه باكو على المنطقة.
كما ندد الاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا بالعمل العسكري ودعوا أذربيجان إلى العودة إلى المحادثات مع أرمينيا حول مستقبل قرة باغ.
وأمكن سماع دوي قصف متكرر في لقطات صورت في ستيباناكيرت عاصمة قرة باغ، التي تسمى خانكندي في أذربيجان، ونشرت على وسائل التواصل الاجتماعي يوم الثلاثاء.
وقال حكمت حاجييف مستشار رئيس أذربيجان للسياسة الخارجية إن باكو نشرت قوات برية قال إنها اخترقت الخطوط الأرمنية في عدة أماكن وحققت بعض أهدافها الرئيسية، وهو ما نفته القوات الانفصالية الأرمينية.
وذكر بيان لوزارة الدفاع في باكو أن قوات أذربيجان سيطرت حتى الآن على أكثر من 60 موقعا عسكريا ودمرت ما يصل إلى 20 مركبة عسكرية ومعدات أخرى.
وقالت السلطات الانفصالية في قرة باغ إن 25 شخصا قتلوا، بينهم مدنيان، وأصيب 138 آخرون بسبب العمل العسكري في باكو. وأضافت أنه تم إجلاء سكان بعض القرى.
ولم تتمكن رويترز من التحقق من روايات أي من الجانبين.
ولم يتضح ما إذا كانت خطوات باكو ستؤدي إلى صراع واسع النطاق تنجرف له أرمينيا المجاورة أم أنها عملية عسكرية محدودة. لكن كانت هناك دلائل بالفعل على أن تداعيات سياسية ستحدث في يريفان حيث تحدث رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان عن دعوات للانقلاب ضده.
وتجمع بعض الأرمن في يريفان عاصمة أرمينيا لمطالبة الحكومة باتخاذ إجراءات. وهناك أنباء عن وقوع اشتباكات عنيفة بين الشرطة والحشود أدت إلى وقوع إصابات في الجانبين.
وقد يغير القتال التوازن الجيوسياسي في منطقة جنوب القوقاز، التي تتقاطع فيها خطوط أنابيب نفط وغاز وحيث تسعى روسيا،المنشغلة بحربها في أوكرانيا، إلى الحفاظ على نفوذها في مواجهة اهتمام أكبر من تركيا التي تدعم أذربيجان.
* ’استعادة النظام الدستوري’
وأعلنت وزارة الدفاع في أذربيجان في بيان عن العملية عزمها على "نزع سلاح تشكيلات القوات المسلحة الأرمنية وتأمين انسحابها من أراضينا، (و)تحييد بنيتها التحتية العسكرية".
وقالت إنها لا تستهدف إلا الأهداف العسكرية المشروعة باستخدام "أسلحة عالية الدقة" وليس المدنيين في إطار ما وصفتها بأنها حملة "لاستعادة النظام الدستوري لجمهورية أذربيجان".
وأضافت أن المدنيين أحرار في المغادرة عبر ممرات إنسانية تشمل واحدا يؤدي إلى أرمينيا.
وقال نيكول باشينيان رئيس وزراء أرمينيا إن عرض المغادرة يبدو وكأنه محاولة أخرى من باكو لإجبار الأرمن على ترك قرة باغ في إطار ما وصفه بأنه حملة "تطهير عرقي" وهو اتهام تنفيه باكو.
* نداء للمساعدة
دعت أرمينيا، التي تقول إن قواتها المسلحة ليست في قره باغ وإن الوضع على حدودها مع أذربيجان مستقر، أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى المساعدة كما دعت قوات حفظ السلام الروسية في المنطقة إلى التدخل.
ودعت روسيا، التي توسطت في وقف هش لإطلاق النار بعد الحرب في عام 2020، جميع الأطراف إلى وقف القتال. واستعادت أذربيجان في نفس العام مساحات واسعة من الأراضي كانت قد خسرتها في صراع سابق في التسعينيات داخل قرة باغ وحولها.
وقال دميتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين اليوم الثلاثاء إن روسيا على اتصال بكل من أذربيجان وأرمينيا وحثت الطرفين على إجراء مفاوضات لحل الصراع في قرة باغ، مضيفا أن موسكو تعتبر ضمان سلامة المدنيين أهم قضية.
وقالت أرمينيا إن روسيا مشتتة بسبب حربها في أوكرانيا لدرجة أنها لا تستطيع حماية أمنها واتهمت قوات حفظ السلام الروسية في قرة باغ بالفشل في أداء مهمتها.
وناشد المصرفي روبن فاردانيان، الذي كان مسؤولا كبيرا في إدارة عرقية الأرمن لقرة باغ حتى فبراير شباط، أرمينيا الاعتراف باستقلال قرة باغ الذي أعلنته من جانب واحد عن أذربيجان.
كما دعا فاردانيان، الذي كان يتحدث من قرة باغ وصوت المدفعية يدوي في الخلفية، المجتمع الدولي إلى فرض عقوبات على أذربيجان.
وقال على تيليجرام "تكشف وضع خطير حقا هنا... أذربيجان بدأت عملية عسكرية واسعة النطاق ضد 120 ألف نسمة، من بينهم 30 ألفا من الأطفال والحوامل والمسنين".
(إعداد نهى زكريا ومحمد علي فرج للنشرة العربية - تحرير سلمى نجم)