من علي صوافطة ونضال المغربي وإميلي روز
رام الله/الدوحة/القدس (رويترز) - قال فلسطينيون إن محكمة العدل الدولية خذلتهم بعدم إصدار أمر بوقف الهجوم العسكري الإسرائيلي في غزة لكنهم وصفوا الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا بأنها انتصار بعث في نفوسهم الأمل في إمكانية محاسبة إسرائيل.
وأمرت المحكمة إسرائيل بمنع أي أعمال إبادة جماعية ضد الفلسطينيين وطالبتها ببذل المزيد من الجهود للتخفيف من معاناة المدنيين. لكن المحكمة لم تصل إلى حد الأمر بوقف إطلاق النار كما طلبت جنوب أفريقيا.
وبُثت وقائع الجلسة على الهواء مباشرة يوم الجمعة في أنحاء العالم العربي وفي إسرائيل، التي ترفض مزاعم جنوب أفريقيا بأنها ارتكبت إبادة جماعية.
وفي ملجأ للنازحين الفارين من القصف الإسرائيلي بجنوب غزة، تجمع سكان حول مذياع لمتابعة الأخبار.
وقال مصطفى إبراهيم الناشط في مجال حقوق الإنسان "نحن النازحين والعائلات الثكلى وأولئك الذين فقدوا بيوتهم كان عندنا طموح أن يصدر عن المحكمة قرار بوقف إطلاق نار فورا".
وأضاف إبراهيم، وهو أحد سكان مدينة غزة والذي يعيش الآن في ملجأ مع أسرته المكونة من سبعة أفراد في مدينة رفح جنوب القطاع "رغم ذلك، فإن ما حدث كان انتصارا".
وطلبت جنوب أفريقيا من محكمة العدل الدولية اتخاذ تدابير طارئة لوقف القتال. وتقول السلطات في قطاع غزة الذي تديره حركة حماس إن أكثر من 26 ألف فلسطيني قتلوا في الهجوم الإسرائيلي.
وشنت إسرائيل حملة عسكرية ردا على الهجمات التي نفذتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في السابع من أكتوبر تشرين الأول، والتي أدت إلى مقتل 1200 شخص واختطاف نحو 250 آخرين، وفقا للإحصاءات الإسرائيلية.
وتسببت الحملة العسكرية الإسرائيلية في تدمير جزء كبير من قطاع غزة ونزوح معظم سكانه البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.
* توبيخ
رحب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقرار محكمة العدل الدولية بعدم إصدار أمر بوقف إطلاق النار لكنه رفض ادعاءات الإبادة الجماعية ووصفها بأنها "شائنة" وقال إن إسرائيل ستواصل الدفاع عن نفسها. وتقول إسرائيل إنها تبذل قصارى جهدها لتجنب سقوط ضحايا من المدنيين.
وفي انعكاس للانتقادات الموجهة لإسرائيل بسبب حكم المحكمة، نشرت صحيفة جيروزالم بوست الإسرائيلية عنوانا رئيسيا قالت فيه "محكمة العدل الدولية توبخ إسرائيل لمدة 35 دقيقة، ثم تفوز إسرائيل".
وقال جوناثان ديكل تشين، الذي لديه ابن محتجز في غزة، إنه شعر بالتفاؤل بعدما طلبت محكمة العدل الدولية إطلاق سراح المحتجزين.
وقال "هذه النقطة تعكس الحقيقة التي تجاهلها حكم محكمة العدل الدولية تقريبا وهي أن الحرب الحالية حدثت بسبب القتل الجماعي الذي ارتكبته حماس واحتجاز مدنيين إسرائيليين كرهائن في السابع من أكتوبر".
وبدد القرار آمال الفلسطينيين في إصدار أمر ملزم بوقف الحرب في غزة لكنه يمثل أيضا انتكاسة قانونية لإسرائيل التي كانت تأمل في إسقاط القضية المرفوعة بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية التي تأسست بعد المحرقة (الهولوكوست).
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية إن الفلسطينيين كانوا يأملون أن يشمل الحكم وقفا فوريا لإطلاق النار.
لكنه أضاف أن القرار "يعني انتهاء الزمن الذي تفلت فيه إسرائيل من العقاب وهو ما يفرض على الدول المساعدة لإسرائيل بالتوقف عن دعمها ومساعدتها لها".
واعتبر أشتية أن عدم رد المحكمة للدعوى ينطوي على درجة عالية من الأهمية لأنه يضع إسرائيل في قفص الاتهام كمجرم حرب وهي المرة الأولى التي تقف فيها بهذه الصفة أمام محكمة العدل الدولية.
ولم تبت المحكمة في أمر الإبادة الجماعية في غزة، والذي كان محور الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا.
* "شكرا جنوب أفريقيا"
في الضفة الغربية المحتلة، شاهد فلسطينيون وقائع الجلسة على شاشة كبيرة بقاعة المسرح البلدي في رام الله. وحمل أحدهم لافتة كتب عليها "شكرا جنوب أفريقيا".
وقال سامي أبو زهري رئيس الدائرة السياسية في الخارج لحركة حماس لرويترز إن القرار "تطور مهم يسهم في عزل الاحتلال وفضح جرائمه في غزة، وندعو لإلزام الاحتلال بتنفيذ قرارات المحكمة".
وخلصت المحكمة إلى أن الفلسطينيين يتمتعون بالحماية بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية وأن هناك قضية يجب الاستماع إليها حول مدى حرمانهم من حقوقهم في حرب قالت المحكمة إنها تسببت في ضرر إنساني جسيم.
وقال السياسي الفلسطيني مصطفى البرغوثي إن قبول محكمة العدل الدولية للقضية "يعني محاكمة إسرائيل لأول مرة على جرائمها و انتهاء حصانتها المشبوهة التي دامت 75 عاما أمام القانون الدولي".
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت إن إسرائيل لا تحتاج إلى محاضرات في الأخلاق.
وقال الإسرائيلي جوش موفر إن إسرائيل تتعرض للمعاملة "بمعايير مزدوجة".
وأضاف "يبدو أن الدول المعروفة بانتهاكها لحقوق الإنسان لا تخضع للمستوى نفسه من التدقيق".
(إعداد محمد عطية للنشرة العربية - تحرير أيمن سعد مسلم)