من نضال المغربي وبسام مسعود وجيف ميسون
القاهرة/رفح (قطاع غزة) (رويترز) - طالبت نائبة الرئيس الأمريكي كاملا هاريس (NYSE:LHX) يوم الأحد حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) بالموافقة على وقف فوري لإطلاق النار لمدة ستة أسابيع، وحثت إسرائيل بقوة في الوقت نفسه على بذل المزيد لزيادة دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة حيث قال إن الأبرياء يواجهون "كارثة إنسانية".
وفي بعض أكثر التعليقات حدة حتى الآن على لسان كبار القادة في الحكومة الأمريكية ممن دعوا إسرائيل إلى تخفيف الأوضاع في غزة، مارست هاريس ضغوطا على الحكومة الإسرائيلية، وذكرت سبلا معينة يمكن من خلالها إدخال المزيد من المساعدات إلى القطاع المكتظ بالسكان الذي يواجه مئات الآلاف فيه مجاعة، في أعقاب الهجوم العسكري الإسرائيلي المستمر منذ خمسة أشهر.
وقالت هاريس أثناء وجودها في سيلما بولاية ألاباما "نظرا للحجم الهائل للمعاناة في غزة، يجب أن يكون هناك وقف فوري لإطلاق النار. هناك اتفاق على الطاولة، وكما نقول يتعين على حماس الموافقة على هذا الاتفاق. دعونا نتوصل لوقف إطلاق نار".
وأضافت "يتضور الناس جوعا في غزة. الظروف غير آدمية وإنسانيتنا المشتركة تلزمنا بالتحرك". وأضافت "لا بد أن تفعل الحكومة الإسرائيلية المزيد لزيادة تدفق المساعدات بشكل كبير. لا أعذار".
كان وفد من حماس قد وصل إلى القاهرة يوم الأحد لإجراء المحادثات التي وصفت بأنها تستهدف تجاوز عقبة أخيرة محتملة أمام التوصل إلى اتفاق لوقف القتال لستة أسابيع. لكن لم يتضح إن كان تم إحراز أي تقدم. وذكرت النسخة الإلكترونية من صحيفة يديعوت أحرنوت الإسرائيلية أن إسرائيل قاطعت المحادثات بعدما رفضت حماس طلبها بتقديم قائمة كاملة لأسماء الرهائن الذين ما زالوا على قيد الحياة.
وتصر واشنطن على أن اتفاق وقف إطلاق النار وشيك، وتسعى إلى تطبيق هدنة بحلول شهر رمضان بعد أسبوع. وقال مسؤول أمريكي يوم السبت إن إسرائيل توافق على اتفاق إطاري.
ومن شأن إبرام اتفاق أن يؤدي إلى أول هدنة طويلة للحرب التي اندلعت منذ خمسة أشهر ولم تتوقف حتى الآن سوى لأسبوع واحد في نوفمبر تشرين الثاني. وسيتم إطلاق سراح عشرات الرهائن الذين تحتجزهم حماس مقابل الإفراج عن مئات المعتقلين الفلسطينيين.
وقال مصدر مطلع يوم السبت إن إسرائيل قد لا ترسل أي وفد إلى القاهرة ما لم تقدم حماس أولا قائمة كاملة بأسماء الرهائن الذين ما زالوا على قيد الحياة، وهو مطلب قال مصدر فلسطيني إن حماس ترفضه حتى الآن.
وبعد وصول وفد حماس، ذكر مسؤول فلسطيني مطلع لرويترز أنهم لم يقتربوا بعد من وضع اللمسات النهائية على الاتفاق. ولم يرد تعليق رسمي.
وفي جولات سابقة من المفاوضات سعت حماس إلى تجنب مناقشة سلامة الرهائن الأفراد إلى ما بعد تحديد شروط إطلاق سراحهم.
وفي تحركات دبلوماسية أخرى، سيجتمع بيني جانتس العضو بحكومة الحرب الإسرائيلية مع هاريس في البيت الأبيض يوم الاثنين، كما سيجتمع مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في واشنطن يوم الثلاثاء، بينما يزور المبعوث الأمريكي آموس هوكستين بيروت يوم الاثنين لمواصلة جهود وقف تصعيد الصراع عبر الحدود اللبنانية الإسرائيلية.
* إطلاق نار وفوضى
سلط مقتل أكثر من 100 فلسطيني الأسبوع الماضي أثناء اقترابهم من شاحنة مساعدات في غزة الضوء على الأزمة الإنسانية الحادة في القطاع، وهي واقعة ذكرتها هاريس خلال كلمتها.
وقالت "لقد رأينا أناسا جياعا ويائسين يقتربون من شاحنات المساعدات محاولين ببساطة تأمين الغذاء لعائلاتهم بعد أسابيع من عدم وصول المساعدات تقريبا إلى شمال غزة، وقوبلوا بإطلاق النار والفوضى".
وقالت إسرائيل يوم الأحد إن مراجعة أولية أجرتها خلصت إلى أن معظم القتلى والمصابين سقطوا نتيجة تدافع.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاجاري إن القوات أطلقت في الغالب طلقات تحذيرية فقط.
وأضاف أن القوات "ردت تجاه عدة أفراد" في وقت لاحق بعد أن "اقترب عدد من المخربين من قواتنا وشكلوا تهديدا".
لكن مسؤولا كبيرا بوزارة الصحة في غزة رفض نتائج هذه المراجعة.
وقال معتصم صلاح عضو لجنة الطوارئ في وزارة الصحة في غزة لرويترز إن الرواية الإسرائيلية تتعارض مع إصابات بالأسلحة الرشاشة.
وأضاف "معظم الشهداء والإصابات برصاص من العيار الثقيل وليس من أسلحة خفيفة".
وتابع "قول إن الناس استشهدت بسبب التدافع أو الدهس غير صحيح".
وفي تصريحاتها أشارت هاريس إلى سبل معينة يمكن من خلالها للحكومة الإسرائيلية أن تسمح بدخول المزيد من المساعدات إلى غزة. وأضافت "عليهم فتح معابر حدودية جديدة، وليس فرض قيود غير ضرورية على توصيل المساعدات وحماية العاملين في المجال الإنساني ومواقع وقوافل المساعدات الإنسانية من أن تصبح أهدافا والعمل على استعادة الخدمات الأساسية وتعزيز النظام كي يتسنى وصول المزيد من الغذاء والماء والوقود للمحتاجين".
وتحت ضغوط من الداخل والخارج نفذت إدارة بايدن يوم السبت أول عملية إسقاط جوي للمساعدات على قطاع غزة، حيث أسقطت طائرة عسكرية أمريكية 38 ألف وجبة.
ويقول منتقدون إن عمليات الإسقاط الجوي للمساعدات لها أثر محدود في تخفيف المعاناة، وإن من المستحيل تقريبا منع سقوط المساعدات في أيدي الجماعات المسلحة.
وقالت هاريس إن الولايات المتحدة ستواصل إسقاط المساعدات جوا، وأضافت أن واشنطن تعمل على فتح ممر بحري جديد لإرسال المساعدات أيضا.
واندلعت الحرب في أكتوبر تشرين الأول بعد أن اقتحم مسلحون من حماس بلدات إسرائيلية وهو ما أدى بحسب إسرائيل إلى مقتل 1200 شخص واحتجاز 253 رهينة.
وتقول السلطات الصحية في غزة إن القوات الإسرائيلية قتلت أكثر من 30 ألف فلسطيني منذ هجوم السابع من أكتوبر تشرين الأول، مع مخاوف من وجود آلاف القتلى تحت الأنقاض.
ودُمرت مساحات شاسعة من قطاع غزة، وأصبح جميع السكان تقريبا بلا مأوى. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن ربع سكان غزة على شفا المجاعة.
وفي مشرحة خارج مستشفى في رفح، بكت نساء وانتحبن بجانب صفوف من جثامين تنتمي لعائلة أبو عنزة التي قُتل 14 من أفرادها في غارة جوية إسرائيلية خلال الليل.
وفي وقت لاحق، نُقلت الجثامين إلى إحدى المقابر ودفنت هناك، وكان من بينها جثمانان لرضيعين توأمين (ذكر وأنثى) أدخلهما المشيعون في المقبرة بعد تكفينهما.
وقالت والدتهما رانيا أبو عنزة، التي فقدت زوجها أيضا في الهجوم "راح قلبي... والله ما شبعت منهم لسه".
(شارك في التغطية آري رابينوفيتش من القدس - إعداد أميرة زهران ومحمد عطية ومحمد علي فرج ومحمد أيسم ومروة سلام للنشرة العربية)