🐦 كن أول من ينتهز الخصم.. اكتشف أقوى الأسهم بأقل سعر مع خصم يصل لـ 55% على InvestingPro بالجمعة البيضاءاحصل على الخصم

عن كثب-ملايين السودانيين على شفا المجاعة مع عرقلة الحرب للمساعدات الغذائية

تم النشر 06/03/2024, 14:45
محدث 06/03/2024, 14:48
© Reuters. متطوع يوزع طعاما في أم درمان بالسودان في الثالث من سبتمبر أيلول 2023. تصوير: الطيب صديق - رويترز.
ZC
-

من نفيسة الطاهر

القاهرة (رويترز) - أم تحرم نفسها من الطعام حتى توفر ما يكفي من غذاء لطفليها، ومسن في الستين من العمر يتناول وجبة واحدة في اليوم لا تتكون إلا من عجين من دقيق وماء. أفراد يغامرون بالخروج من منازلهم في محاولة بائسة للبحث عن طعام حتى وهم يدركون أنهم يعرضون بذلك أنفسهم لخطر الإصابة بقذائف المدفعية.

عشرات من الروايات الشبيهة استمعت لها رويترز تظهر كيف ألقت ظروف قريبة من المجاعة بظلالها على مناطق من السودان تأثرت بشدة جراء الحرب التي اندلعت في أبريل نيسان الماضي، منها مناطق في العاصمة الخرطوم وفي دارفور بالغرب. وارتفع عدد السودانيين الذين يواجهون مستويات استثنائية من الجوع، وهي مرحلة ما قبل المجاعة، أكثر من ثلاثة أمثال خلال عام واحد ليصل إلى ما يقرب من خمسة ملايين، وفقا للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي وهو مؤشر للأمن الغذائي معترف به عالميا.

ويكابد مئات الآلاف في العاصمة السودانية صراعا يوميا من أجل الحصول على الطعام حيث تتعرض المطابخ الشعبية التي يعتمدون عليها للخطر بسبب تضاؤل ​​الإمدادات وانقطاع الاتصالات في أنحاء كثيرة من البلاد في الأسابيع القليلة الماضية. وفي دارفور، لم تتلق بعض المناطق أي مساعدات منذ بدء المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية قبل عام تقريبا.

وتحذر وكالات الإغاثة، التي لم تتمكن من إيصال الغذاء إلى الكثير من مناطق البلاد التي عصفت بها الحرب، من أن الجوع قد يتفاقم مع اقتراب موسم شح المحاصيل في السودان من أبريل نيسان إلى يوليو تموز وهو الوقت الذي يقل فيه توافر الغذاء بسبب قيام المزارعين بالزراعة.

وقال يان إيجلاند الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين في مقابلة بعد زيارة لمخيمات في تشاد في منتصف فبراير شباط حيث يقيم الآن أكثر من نصف مليون لاجئ سوداني "نواجه خطرا جسيما من حدوث مجاعة كارثية تطول سنواتها العجاف".

وتحدثت رويترز إلى 30 من السكان، كثير منهم في المناطق التي أنهكتها الحرب في السودان حيث بدأ الجوع مع بداية القتال. تحدث معظمهم عبر الهاتف أو عبر تطبيق واتساب. وأجريت مقابلات مع بعضهم في القاهرة التي لجأوا إليها بعد فرارهم من منازلهم. كما أجرت رويترز مقابلات مع أكثر من 20 من موظفي الإغاثة.

ولم يرد الجيش السوداني ولا قوات الدعم السريع على الأسئلة ذات الصلة بهذا التقرير.

* مياه شرب غير معالجة

الفتيحاب منطقة في أم درمان تقع على خط المواجهة في المعركة الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع. ويقول السكان الذين يبحثون عن طعام إنهم يضطرون إلى المخاطرة بالمرور عبر نقاط التفتيش التي تقيمها قوات الدعم السريع، فضلا عن نيران مدفعية وقناصة قوات الدعم السريع والجيش.

ويحجم الناس عن مغادرة منازلهم خوفا من التعرض لمضايقات واعتداءات. وقال محمود محمد (60 عاما) إنه تعرض للسرقة والجلد من مقاتلي قوات الدعم السريع عندما حاول الذهاب إلى السوق في ديسمبر كانون الأول الماضي. وأضاف أنه عندما عاد إلى منزله، كان جلبابه ملطخا بالدماء. وأكد أحد أفراد الأسرة أن ملابس محمد كانت ملطخة بالدماء عندما وصل إلى منزله.

وبدأت زوجة محمد بعد ذلك المخاطرة بالخروج بحثا عن طعام، لكنها توقفت بعد أن سمعت أن قوات الدعم السريع احتجزت مجموعة من النساء وأن أخريات اختفين. وقال مواطنان آخران إنهما سمعا أيضا عن اختفاء نساء أوائل العام الجاري. ولم تتمكن رويترز من التحقق على نحو مستقل من هذه الروايات عن حالات الاختفاء. وفي الشهر الماضي، فر محمد وأسرته من الفتيحاب.

وقال سكان إن القتال ألحق أضرارا بمرافق الكهرباء والمياه، مما حرمهم من الكهرباء والمياه الجارية. ويعاني كثيرون من الإسهال بعد اضطرارهم لشرب مياه غير معالجة من نهر النيل. وأفادت تقارير منظمة الصحة العالمية بوجود أكثر من عشرة آلاف حالة يشتبه إصابتها بالكوليرا في أنحاء البلاد منذ اندلاع الحرب.

وفي محاولة لتوفير الطعام للآلاف من السكان في الفتيحاب، أنشأ متطوعون مطابخ شعبية في وقت مبكر من الحرب تقدم العصيدة والأرز والخبز مرة أو مرتين في اليوم. لكن المتطوع محيي الدين جعفر قال لرويترز إن المطابخ اضطرت إلى تقليص هذه الوجبات عندما تسبب حصار قوات الدعم السريع للمنطقة في انقطاع الإمدادات عنها في يوليو تموز الماضي.

والمتطوعون جزء مما يسمى "غرف الطوارئ"، وهي شبكة تعمل على توفير الطعام وإجلاء السكان في مناطق في أنحاء البلاد. وقال متطوعان إن ثلاثة من زملائهم لقوا حتفهم بقذائف مدفعية ورصاصات طائشة في الفتيحاب العام الماضي أثناء محاولتهم مساعدة سكان المنطقة.

وفي أواخر فبراير شباط، أحرز الجيش السوداني تقدما في المنطقة، وكسر الحصار عن جزء من الفتيحاب. وسمح ذلك ببدء تدفق الطعام.

وكان الجيش وقوات الدعم السريع قد شاركا في انقلاب على الرئيس عمر البشير في 2019، لكن اندلعت حرب بينهما عندما تصاعد التوتر بشأن ما كان مزمعا من انتقال نحو الحكم المدني وإجراء انتخابات. وسرعان ما سيطرت قوات الدعم السريع على معظم أنحاء الخرطوم بالرغم من تفوق الجيش في القوة الجوية والأسلحة الثقيلة. كما أحكمت القوات شبه العسكرية قبضتها على دارفور التي عانت من الصراع والنزوح على مدى أكثر من عقدين.

وأثارت الحرب الحالية موجات من القتل بدوافع عرقية في دارفور. ووثقت رويترز أعمال العنف هناك، والتي قادتها قوات الدعم السريع وجماعات مسلحة متحالفة معها. وفي سلسلة من التقارير، كشفت وكالة الأنباء كيف أطلقت الحرب العنان لحملة قتل بدوافع عرقية ضد قبيلة المساليت في غرب دارفور.

كانت قوات الدعم السريع عبارة عن ميليشيات جرى استخدامها لسحق تمرد اندلع بدارفور في أوائل القرن الحادي والعشرين. وبحلول 2008، لقي ما يقدر بنحو 300 ألف شخص حتفهم في أعمال عنف، ومات الكثير منهم جوعا.

وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن الحرب في السودان أدت حتى الآن إلى مقتل أكثر من 14 ألفا ونزوح أكثر من ثمانية ملايين من منازلهم، ليسجل السودان أكبر أزمة نزوح في العالم.

* ‘حكم بالإعدام‘

قبل الصراع الأحدث كانت الخرطوم بالكامل تقريبا بمنأى عن القتال الذي اجتاح إقليم دارفور. لكن الناس في كثير من مناطق العاصمة يجدون أنفسهم الآن عالقين في منطقة حرب بين الجيش وقوات الدعم السريع.

وقال متطوعان فرا من المنطقة في نهاية العام الماضي إنه على الجانب الآخر من نهر النيل من الفتيحاب، يوجد نحو 2800 شخص محاصرون في المناطق المحيطة بقاعدة الجيش السوداني في حي الشجرة بالخرطوم.

وقال أحدهما، ويدعى جهاد صلاح الدين، إنه بعد نفاد الطعام بدأ الرجال بالتسلل تحت جنح الظلام للبحث عن إمدادات. وقال المتطوعان إن السكان يشربون أيضا مياه نهر النيل بلا معالجة.

وفي أنحاء العاصمة، أجبر انقطاع الاتصالات المطابخ الشعبية على التوقف عن الطهي لأنها لم تعد قادرة على تلقي التبرعات المرسلة عبر تطبيق الخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول. وقالت غرف الاستجابة للطوارئ بولاية الخرطوم في الثالث من مارس آذار إنها اضطرت لإغلاق 221 من هذه المطابخ بسبب انقطاع التيار الكهربائي.

وفي الآونة الأخيرة بدأت التبرعات تتدفق مرة أخرى حيث تمكن المتطوعون بشكل متقطع من الوصول إلى الإنترنت باستخدام شبكة ستارلينك المملوكة للملياردير إيلون ماسك في بعض الأماكن.

لكن المساعدات الدولية التي تدخل السودان لا تكاد تذكر، حيث تواجه منظمات الإغاثة صعوبات للحصول على تصاريح الدخول والنقل اللازمة من السلطات. وانتقدت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي كلا من الجيش وقوات الدعم السريع بسبب تعطل توزيع المساعدات.

ولم تصل المساعدات إلى مناطق واسعة من دارفور منذ ما قبل بدء الحرب الأحدث، وفقا لسكان ووكالات إغاثة. وبعدما كانت السلطات تمنع دخول المساعات في السابق من تشاد، قال مسؤول في الأمم المتحدة في الخامس من مارس آذار عبر منصة إكس للتواصل الاجتماعي إن السلطات السودانية وافقت على نقل المساعدات عبر معبر حدودي إلى شمال دارفور.

وردا على نداءات من قوات الدعم السريع للوكالات لتوصيل المساعدات إلى المناطق الخاضعة لسيطرتها، قال الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان قائد الجيش السوداني في فبراير شباط "إن المتمردين يقتلون وينهبون ويطلبون من المنظمات الدعم والإغاثة"، وشدد على أن هذا "لن يكون إلا بعد وقف هذه الحرب ودحر هؤلاء المتمردين المجرمين".

واتهمت وزارة الخارجية السودانية، المتحالفة مع الجيش، قوات الدعم السريع بنهب ومنع المساعدات، وأكدت ذلك بعض وكالات الإغاثة. ونفت قوات الدعم السريع وقوع أعمال نهب وقالت إن أي عناصر فاسدة في صفوفها ستتحمل المسؤولية.

وخلص تقييم أجرته منظمة أطباء بلا حدود في يناير كانون الثاني إلى أنه في مخيم زمزم للنازحين في شمال دارفور، الذي يؤوي ما يقدر بنحو 400 ألف شخص، يموت طفل كل ساعتين. ووجدت المجموعة أن ما يقرب من 40 بالمئة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ستة أشهر وسنتين يعانون من سوء التغذية.

وقال إيجلاند الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين، إنه إذا لم تصل المساعدات إلى دارفور قريبا، فسيكون ذلك "حكما بالإعدام على الملايين الذين هم في أمس الحاجة إليها".

ووفقا لموظفي الإغاثة وسكان في مخيم كلما بجنوب دارفور، الذي يؤوي مئات الآلاف من النازحين، يكافح الناس من أجل البقاء على قيد الحياة بالاعتماد على عصيدة من دقيق الذرة والماء، في حين يصاب الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية بالعدوى والملاريا.

وقال محمد عمر، أحد سكان مخيك كلما، إنه نزح هو وعائلته أربع مرات منذ بدء الحرب. وأضاف أنه يتلقى وجبة واحدة في اليوم عبارة عن قطعة من العجين. وقال "لا يمر يوم دون أن نذهب فيه إلى المقبرة لدفن ناس".

وكانت فاطمة إبراهيم حاملا بتوأم في الوقت الذي اتسع فيه نطاق القتال في العام الماضي. وقالت إنها بعد الولادة في ديسمبر كانون الأول، لم تكن قادرة على تحمل تكاليف حليب الأطفال ولم تتمكن من الرضاعة الطبيعية لأنها كانت تفتقر إلى ما يكفي من الطعام.

© Reuters. متطوع يوزع طعاما في أم درمان بالسودان في الثالث من سبتمبر أيلول 2023. تصوير: الطيب صديق - رويترز.

وسرعان ما أصيبت ابنتاها التوأم، جنة وجنات، بسوء التغذية وتم إدخالهما إلى المركز الطبي في كلما.

وتحدثت فاطمة إبراهيم (27 عاما) عبر الواتساب من المركز الطبي. وقالت "لا يوجد مال ولا طعام ولا حليب...لا يوجد شيء".

(إعداد مروة غريب ومحمود سلامة وأميرة زهران وشيرين عبد العزيز للنشرة العربية - تحرير حسن عمار وسامح الخطيب)

أحدث التعليقات

قم بتثبيت تطبيقاتنا
تحذير المخاطر: ينطوي التداول في الأدوات المالية و/ أو العملات الرقمية على مخاطر عالية بما في ذلك مخاطر فقدان بعض أو كل مبلغ الاستثمار الخاص بك، وقد لا يكون مناسبًا لجميع المستثمرين. فأسعار العملات الرقمية متقلبة للغاية وقد تتأثر بعوامل خارجية مثل الأحداث المالية أو السياسية. كما يرفع التداول على الهامش من المخاطر المالية.
قبل اتخاذ قرار بالتداول في الأدوات المالية أو العملات الرقمية، يجب أن تكون على دراية كاملة بالمخاطر والتكاليف المرتبطة بتداول الأسواق المالية، والنظر بعناية في أهدافك الاستثمارية، مستوى الخبرة، الرغبة في المخاطرة وطلب المشورة المهنية عند الحاجة.
Fusion Media تود تذكيرك بأن البيانات الواردة في هذا الموقع ليست بالضرورة دقيقة أو في الوقت الفعلي. لا يتم توفير البيانات والأسعار على الموقع بالضرورة من قبل أي سوق أو بورصة، ولكن قد يتم توفيرها من قبل صانعي السوق، وبالتالي قد لا تكون الأسعار دقيقة وقد تختلف عن السعر الفعلي في أي سوق معين، مما يعني أن الأسعار متغيرة باستمرار وليست مناسبة لأغراض التداول. لن تتحمل Fusion Media وأي مزود للبيانات الواردة في هذا الموقع مسؤولية أي خسارة أو ضرر نتيجة لتداولك، أو اعتمادك على المعلومات الواردة في هذا الموقع.
يحظر استخدام، تخزين، إعادة إنتاج، عرض، تعديل، نقل أو توزيع البيانات الموجودة في هذا الموقع دون إذن كتابي صريح مسبق من Fusion Media و/ أو مزود البيانات. جميع حقوق الملكية الفكرية محفوظة من قبل مقدمي الخدمات و/ أو تبادل تقديم البيانات الواردة في هذا الموقع.
قد يتم تعويض Fusion Media عن طريق المعلنين الذين يظهرون على الموقع الإلكتروني، بناءً على تفاعلك مع الإعلانات أو المعلنين.
تعتبر النسخة الإنجليزية من هذه الاتفاقية هي النسخة المُعتمدَة والتي سيتم الرجوع إليها في حالة وجود أي تعارض بين النسخة الإنجليزية والنسخة العربية.
© 2007-2024 - كل الحقوق محفوظة لشركة Fusion Media Ltd.