من على صوافطة
المغير (الضفة الغربية) (رويترز) - روى سكان قرية المغير الفلسطينية بالضفة الغربية كيف اجتاح مستوطنون يهود قريتهم في 12 أبريل نيسان بأعداد أكبر وبأسلحة أكثر من أي هجوم آخر نفذوه من قبل.
وبعد مرور عدة أيام، لا تزال منازل وسيارات محترقة تقف شاهدة على الهجوم الذي قال السكان إنه دام لعدة ساعات ولم يفعل جنود إسرائيليون أي شيء لوقفه.
وبسبب افتقارهم لوسائل الدفاع عن أنفسهم في الضفة الغربية المحتلة، يخشى السكان من وقوع المزيد من هذه الهجمات على القرية.
وقال عبد اللطيف أبو عليا الذي تعرض منزله للهجوم إنهم لا يملكون سوى الحجارة لكن المستوطنين مسلحون ويساندهم الجيش. وتناثرت دماء فلسطينيين أصيبوا وهم يحاولون صد المهاجمين بالحجارة على سطح منزله. وأضاف أن أحدهم، وهو قريبه جهاد أبو عليا، قُتل بالرصاص.
وقال "طبعا الهدف الترحيل".
والمغير واحدة من عدة قرى فلسطينية اجتاحها مستوطنون في مداهمات استمرت عدة أيام اعتبارا من 12 أبريل نيسان وهو تصعيد بدأ بعد اختفاء فتى إسرائيلي (14 عاما) تم العثور فيما بعد على جثته في مكان لا يبعد كثيرا عن المغير في اليوم التالي.
وقالت إسرائيل إنه قتل في هجوم إرهابي.
وكان العنف في الضفة الغربية متصاعدا بالفعل قبل بدء الحرب في قطاع غزة في أكتوبر تشرين الأول التي تسببت في مزيد من إراقة الدماء في الضفة.
ويتنامى القلق لدى حلفاء إسرائيل الغربيين من عنف المستوطنين. وفرضت دول منها الولايات المتحدة عقوبات على مستوطنين بسبب العنف وحثت إسرائيل على فعل المزيد لوقف هذه الأفعال.
وفرضت واشنطن عقوبات يوم الجمعة على حليف لوزير الأمن الإسرائيلي المنتمي لليمين المتطرف إيتمار بن جفير وكيانين جمعا أموالا لإسرائيليين متهمين بالضلوع في عنف المستوطنين.
وقال الجيش الإسرائيلي إن المواجهات انتشرت في المنطقة نتيجة مقتل الفتى الإسرائيلي بما في ذلك "تبادل إطلاق النار والتراشق بالحجارة وإحراق ممتلكات أصيب فيها مدنيون فلسطينيون وإسرائيليون".
ولدى سؤال الجيش عن اتهامات السكان بأن الجنود لم يفعلوا شيئا لوقف الهجوم على المغير قال الجيش إن قواته وقوات الأمن تتصرف بهدف حماية "الممتلكات وأرواح كل المواطنين وتفريق المواجهات".
* إصابات بطلقات نارية
قال أمين أبو عليا، رئيس المجلس القروي في المغير، إن 45 فلسطينيا أصيبوا بأعيرة نارية في الهجوم الذي بدأ بعد تجمع مئات المستوطنين على طريق بالقرب من القرية.
وأضاف أن القوات الإسرائيلية وصلت قبل وقت قليل من بدء الهجوم وأقامت حواجز على الطرق وطوقتها مما أدى إلى عزل المنازل على مشارف القرية عن وسطها مما يعني عدم تمكن السكان من الذهاب لمساعدة من يتعرضون للهجوم.
وأضاف أن الجنود منعوا أيضا سيارات الإسعاف من الوصول إلى المنطقة لعلاج الجرحى.
وقال الجيش الإسرائيلي إن سيارات الإسعاف "تأخرت لإجراء فحص أمني ثم تم منحها الإذن بمواصلة التحرك".
واتهم أبو عليا الجيش الإسرائيلي بتوفير الأمن لهجوم المستوطنين التي قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه كان "بمرافقة قوات إسرائيلية".
وقال الجيش الإسرائيلي إنه سيتم فحص الشكاوى المتعلقة بسلوك الجنود الذي لا يتوافق مع الأوامر.
وبدأت إسرائيل الأنشطة الاستيطانية واسعة النطاق في الضفة الغربية منذ عام 1967، وتعتبرها منطقة "يهودا والسامرة" المذكورة في التوراة وترى فيها أهمية لأمنها. وأثار تشجيع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للتوسع الاستيطاني انتقادات أمريكية.
والتهمت المستوطنات أراضي الضفة الغربية حيث يسعى الفلسطينيون منذ فترة طويلة إلى إقامة دولة مستقلة تشمل أيضا قطاع غزة وتكون عاصمتها القدس الشرقية.
* إضرام النار في شاحنة إطفاء وسرقة أغنام
بعد أن احترق منزله في الهجوم، نصب شحاتة أبو رشيد خيمة لتكون مأوى مؤقتا له. وتفحمت جدران المنزل من الداخل حتى صار لونها أسود. وقال أبو رشيد إن زوجته أصيبت برصاص أحد المستوطنين وأصيب واحد من أبنائه الأربعة بجروح طفيفة جراء إطلاق النار.
وقال الدفاع المدني الفلسطيني إن المستوطنين أحرقوا أيضا شاحنة إطفاء كان قد أرسلها إلى المغير خلال الهجوم. وكان يتم تحميل حطام الشاحنة المتفحمة على متن شاحنة عندما وصل صحفيون من رويترز إلى الموقع يوم الأربعاء.
وذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن المستوطنين أحرقوا 21 منزلا في قرية المغير بشكل كامل، مما أدى إلى نزوح 86 فلسطينيا وتلف 32 مركبة ونفوق أو سرقة نحو 220 رأسا من الأغنام.
وقال إنه لا يستطيع تأكيد إذا كان الفلسطيني الذي لقي حتفه خلال المداهمة قُتل على يد القوات الإسرائيلية أو المستوطنين.
وأضاف المكتب أن أربعة من سبعة فلسطينيين قُتلوا في الضفة الغربية بين 12 و15 أبريل نيسان لقوا حتفهم في وقائع يضلع فيها مستوطنون إسرائيليون في سلسلة من الهجمات على فلسطينيين في أثناء وبعد البحث عن الفتى الإسرائيلي. وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إن فلسطينيا آخر قتل في هجوم للمستوطنين في 20 أبريل نيسان.
وفرضت الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي عقوبات على المستوطنين في الأشهر القليلة الماضية بسبب أعمال العنف.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر في مؤتمر صحفي يوم 15 نيسان أبريل إن واشنطن تندد بأعمال العنف التي ارتكبت بحق الفلسطينيين بقدر ما تندد بقتل الفتى الإسرائيلي. وأضاف أن الولايات المتحدة "تشعر بقلق بالغ" إزاء عدم بذل قوات الأمن الإسرائيلية ما يكفي لوقف عنف المستوطنين.
وتقع قرية المغير في منطقة بالضفة الغربية تتمتع إسرائيل بسيطرة أمنية كاملة عليها بموجب اتفاقيات سلام مؤقتة وقعها زعماء فلسطينيون قبل ثلاثة عقود على أساس أنها ستؤدي في نهاية المطاف إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وبموجب الاتفاقيات لا تخضع معظم مناطق الضفة الغربية لسيطرة قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية التي تتخذ من رام الله مقرا.
وقال عبد اللطيف أبو عليا، من سكان قرية المغير، إن كل ما يأمله هو أن "يكون في حماية من الحكومة، الحكومة تساعد الناس في حماية بيوتها، في تسييج بيوتها، أسوار، أبواب، شبايبك، غير هيك شو ممكن يعملولنا؟ هم حتى قادرين يحموا حالهم؟ كل يوم بيدخلوا عندهم" في إشارة إلى مداهمات الجيش في المدن الفلسطينية.
(شارك في التغطية هنريت شقر وجيمس ماكنزي من القدس - إعداد سلمى نجم ومحمود رضا مراد وأميرة زهران للنشرة العربية - تحرير سها جادو)