من محمد سالم ونضال المغربي
رفح (قطاع غزة)/القاهرة (رويترز) - سيطر الجيش الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني من معبر رفح الحيوي بين قطاع غزة ومصر يوم الثلاثاء وتوغلت الدبابات الإسرائيلية في المدينة الواقعة بجنوب القطاع بعد غارات جوية شنتها إسرائيل يوم الاثنين على القطاع.
وجاءت التحركات الإسرائيلية في الوقت الذي يسعى فيه الوسطاء للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) مع دخول الحرب شهرها الثامن.
واتهمت حماس إسرائيل بمحاولة تقويض محادثات الهدنة الجارية في القاهرة من خلال تصعيد الهجوم.
وقالت وكالات إغاثة دولية إن إغلاق معبري رفح وكرم أبو سالم، وهما المعبران الرئيسيان المؤديان إلى جنوب قطاع غزة، أوقف فعليا دخول المساعدات الخارجية إلى القطاع الفلسطيني الذي لا يوجد به الآن سوى مخزون ضئيل.
وأعلنت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن قواتها سيطرت على الجانب الفلسطيني من معبر رفح صباح يوم الثلاثاء وأظهرت لقطات بثها الجيش دبابات في المنطقة ورفع العلم الإسرائيلي في غزة.
وعلى الرغم من المناشدات الدولية لإسرائيل بوقف الهجوم على رفح، هاجمت دبابات وطائرات إسرائيلية أيضا عدة مناطق ومنازل هناك خلال الليل. وقالت وزارة الصحة في غزة إن الغارات الإسرائيلية على مختلف أنحاء القطاع أدت إلى مقتل 54 فلسطينيا وإصابة 96 آخرين خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية.
وأخذ الناس صباح يوم الثلاثاء يبحثون عن جثث تحت أنقاض المباني المدمرة. وتم نقل إحدى الجثث لدفنها.
وقال رائد الدربي إن زوجته وأطفاله قتلوا.
وأضاف لرويترز وعلى وجهه علامات الحزن الشديد "لا نقول إلا والله إنا صابرون وإنا محتسبون وإنا في هذه الأرض بإذن الله صامدون ننتظر التحرير وهذه المعركة بإذن الله معركة التحرير. سنكون بإذن الله وبالا على العدو. وعد الله سبحانه وتعالى ولن يخلف الله وعدا".
ونزح ما يزيد على مليون شخص إلى رفح ويعيشون في مخيمات وملاجئ مؤقتة. ويحاول الكثيرون المغادرة استجابة للأوامر الإسرائيلية لهم بالإخلاء ولكن مع تدمير مساحات كبيرة من القطاع الساحلي يقولون إن ليس لديهم أي مكان آمن للذهاب إليه.
وقال الجيش الإسرائيلي إن ما وصفه بالعملية "محدودة النطاق" في رفح تهدف إلى القضاء على مسلحي حماس وتفكيك البنية التحتية التي تستخدمها الحركة التي تدير القطاع المحاصر.
وقالت حركة حماس مساء يوم الاثنين إنها وافقت على اقتراح لوقف إطلاق النار لكن إسرائيل قالت إن الشروط الواردة في الاتفاق المقترح لا تلبي مطالبها. وأضافت يوم الثلاثاء أن التوغل الإسرائيلي في رفح يهدف إلى تقويض جهود وقف إطلاق النار.
وقالت مصر يوم الثلاثاء إن العملية الإسرائيلية في مدينة رفح تهدد مصير الجهود المضنية المبذولة للتوصل إلى هدنة مستدامة داخل غزة.
وحذر جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي من أن الهجوم الإسرائيلي على رفح سيؤدي على الأرجح إلى مقتل المزيد من المدنيين.
وقال "أخشى أن يتسبب هذا مرة أخرى في سقوط الكثير من الضحايا، بين المدنيين. مهما قالوا"، مضيفا "لا توجد مناطق آمنة في غزة".
وتهدد إسرائيل منذ أسابيع بشن عملية توغل واسعة النطاق في رفح التي تقول إنها تؤوي الآلاف من مقاتلي حماس وربما عشرات الرهائن. وتقول إن النصر مستحيل دون السيطرة على رفح.
وقالت وزارة الصحة في قطاع غزة إن ما لا يقل عن 34789 فلسطينيا قتلوا ومعظمهم من المدنيين في الهجوم العسكري الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول.
واندلعت أحدث حرب في غزة عندما هاجم مقاتلو حماس إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول. وتقول إسرائيل إن الهجوم أدى لمقتل نحو 1200 إسرائيلي وأجنبي واحتجاز نحو 250 رهينة، تعتقد أن 133 منهم ما زالوا في غزة.
* إغلاق معبر رفح
قال هشام عدوان المتحدث باسم هيئة المعابر في غزة لرويترز يوم الثلاثاء إن معبر رفح الحدودي، وهو منفذ رئيسي للمساعدات إلى القطاع الذي دمرته الحرب، مغلق من الجانب الفلسطيني بسبب وجود دبابات إسرائيلية.
وقالت مصادر في الهلال الأحمر في مصر إن المساعدات لغزة توقفت تماما عبر معبر رفح وعبر معبر كرم أبو سالم الذي تسيطر عليه إسرائيل.
وأضاف عدوان "الاحتلال الإسرائيلي يحكم على سكان القطاع بالموت بعد إغلاقه معبر رفح... إغلاق معبر رفح يحكم على مرضى السرطان بالموت في ظل انهيار المنظومة الصحية".
وتضغط الولايات المتحدة ودول أخرى على إسرائيل كي لا تشن حملة عسكرية في رفح قبل وضع خطة انسانية تتعلق بالفلسطينيين الذين يحتمون هناك.
وقالت إسرائيل إن الغالبية العظمى من السكان تم إجلاؤهم من منطقة العمليات العسكرية وأخبرتهم بالانتقال إلى ما وصفها الجيش الإسرائيلي بأنها "منطقة إنسانية موسعة" على بعد نحو 20 كيلومترا.
ووضعت أسر فلسطينية الأطفال والمتعلقات على عربات تجرها الحمير، بينما غادر آخرون بشاحنات صغيرة أو سيرا (TADAWUL:1810) على الأقدام في الشوارع الموحلة.
وقال عبد الله النجار إن هذه هي المرة الرابعة التي ينزح فيها منذ بدء القتال قبل سبعة أشهر. وأضاف أنه لا يعلم إلى أين سيذهبون وأنه لم يقرر وجهتهم الجديدة بعد.
وفي جنيف قال ينس لايركه المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة إن "الذعر واليأس" يسيطران على الناس في رفح.
وأضاف أنه بموجب القانون الدولي يجب منح الناس الوقت الكافي للاستعداد للإخلاء مع وجود ممر آمن يوصلهم لمنطقة آمنة تصل إليها المساعدات.
وقال إن المنطقة التي سُمح للنازحين من رفح بالذهاب إليها "مليئة بذخائر لم تنفجر بعد وقنابل كبيرة ملقاة في الشوارع. إنها ليست آمنة".
* محادثات القاهرة حول الهدنة
ذكرت وزارة الخارجية القطرية أن وفدا من الدوحة سيتوجه إلى القاهرة يوم الثلاثاء لاستئناف المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة حماس.
وقالت حماس في بيان مقتضب يوم الاثنين إن رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية أجرى "اتصالا هاتفيا مع رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ومع وزير المخابرات المصرية السيد عباس كامل، وأبلغهما موافقة حركة حماس على مقترحهما بشأن اتفاق وقف إطلاق النار".
وقال مسؤول فلسطيني مطلع على جهود الوساطة لرويترز إن وفدا من حماس قد يصل القاهرة في وقت لاحق من يوم الثلاثاء أو يوم الأربعاء لبحث اتفاق لوقف إطلاق النار.
وستكون أي هدنة أول توقف للقتال منذ وقف لإطلاق النار استمر أسبوعا في نوفمبر تشرين الثاني وأفرجت حماس خلاله عن نحو نصف الرهائن وأفرجت إسرائيل عن 240 فلسطينيا كانوا محتجزين في سجونها.
ومنذ ذلك الحين تعثرت جميع الجهود الرامية إلى التوصل إلى هدنة جديدة إذ ترفض حماس إطلاق سراح المزيد من الرهائن من دون تعهد بوقف دائم للحرب بينما تصر إسرائيل على مناقشة وقف مؤقت فقط.
(إعداد أميرة زهران وشيرين عبد العزيز ومحمد علي فرج للنشرة العربية - تحرير علي خفاجي)