اعتبر القادة الأوروبيون مؤخرا أن البنوك يجب أن تجبر على سد العجز في احتياطاتها الرأسمالية إذا ما كتب لمنطقة اليورو أن تخرج من أزمة الدين. لكن ثمة سؤالا آخر، ألا وهو ما إذا كان بمقدور الساسة تحقيق ذلك على أرض الواقع بأسلوب مقنع، خصوصا في ظل الخلاف الفعلي القائم بين ألمانيا وفرنسا وترى ألمانيا أن على كل دولة من دول منطقة اليورو إعادة رسملة بنوكها منفردة، بينما ترى فرنسا أن إعادة رسملة البنوك يجب أن تتم بشكل منسق من دول اليورو ورغم أن اجتماع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي تم في عطلة الأسبوع أشار إلى أن لدى البلدين خطة مشتركة لإعادة رسملة البنوك، ولكن لم يتحدث البيان عن تفاصيل هذه الخطة.
وهو ما حدا بالمحللين الماليين والمستثمرين إلى قراءة أن الدولتين ليس لديهما خطة لإعادة رسملة البنوك وإنما أطلقا التصريح لتهدئة الأسواق وما زاد في الشكوك تأجيل القمة الأوروبية أسبوعا آخروتحدو المحللين شكوك في أنه حتى إذا كان في استطاعة أغنى الدول الاتفاق على توجهات عامة لجهد منسق واسع النطاق في هذا الشأن، يكون مؤثرا بالدرجة الكافية لإزالة كل الشكوك المتعلقة بالملاءة في حالة عجز اليونان أو أي دولة أخرى لديها ديون سيادية عن السداد.
وفي الوقت نفسه، بددت المشكلات الخطيرة التي عصفت ببنك «ديكسيا» الفرنسي - البلجيكي الأوهام المتعلقة بتعافي البنوك الأوروبية. فقط في شهر يوليو (تموز)، تمكن بنك «ديكسيا» من اجتياز اختبار ضغط رسمي كان من المفترض أن يكشف عن البنوك المعرضة للمخاطروحصل بنك «ديكسيا» على حزمة إنقاذ ممولة من دافعي الضرائب خلال 3 سنوات في شكل ضمانات قيمتها 123 مليار دولار. لقد بات من الواضح أن استعادة البنوك الأوروبية استقرارها أمر لا غنى عنه لحل أزمة الدين والقضاء على الخطر الحقيقي الذي يهدد الاقتصاد العالمي.
ومن الواضح أن ثقة المستثمر في ملاءة البنوك الأوروبية بدأت تتداعى. فالبنوك الأوروبية ترفض إقراض بعضها البعض، كما يرفض المقرضون في الولايات المتحدة إقراض المؤسسات الأوروبية. وقد عجزت البنوك عن بيع ما تمتلكه من سندات لجمع أموال. ويكمن الخطر في أن البنوك الأوروبية ستعاني من نفاد السيولة النقدية اللازمة لإقراض الشركات والمؤسسات والعملاء، مما يضخم حالة الكساد التي ربما تكون قد بدأت بالفعل. وفي ما يشكل حلقة مفرغة، يسهم خطر الركود في زعزعة الثقة في البنوك.
وتعتمد الحسابات الهادفة لتحديد مقدار رأس المال الإضافي الذي تحتاجه البنوك على تقديرات متعلقة بمدى التدهور الذي يمكن أن تصل إليه الأزمة التي تمر بها. وتضم القائمة أسماء كبرى مثل: «كوميرز بنك»، و«دويتشه بنك» في ألمانيا، و«يوني كريديت» في إيطاليا، و«سوسيتيه جنرال»، و«بي إن بي باريباس» في فرنسا. فضلا عن ذلك، ربما يكون هناك عشرات، إن لم يكن مئات، من البنوك الأخرى التي لا تمتلك رأس المال الكافي، والتي لم يلاحظها المحللون، إما لأنها ليست لديها أسهم متداولة معلن عنها، مثل البنوك الحكومية الألمانية، أو لأنها صغيرة جدا.
ونظرا لثقل الآراء في منطقة اليورو، من المحتمل أن تنحاز المفوضية الأوروبية إلى جانب ميركل وتؤيد فكرة أن أموال الإنقاذ يجب استخدامها في إعادة رسملة البنوك كملاذ أخير فقط، ما لم يتمكن ساركوزي من إقناع المستشارة الألمانية بخلاف ذلك. وعلى الرغم من ذلك، فإن موقف ألمانيا يضع فرنسا في موقف حرج؛ فالبنوك الفرنسية تعتبر من بين البنوك الأكثر عرضة لمخاطر الدين الحكومي. وليس من المرجح أن تكون الزيادات الضئيلة نسبيا في احتياطات رأس المال كافية لإقناع أسواق المال باستقرار أوضاع البنوك. لكن إذا خسرت فرنسا تصنيفها الممتاز، فسيسبب ذلك مشكلات أيضا بالنسبة لحزم الإنقاذ، نظرا لأن فرنسا هي ثاني أكبر ضامن لأموال الإنقاذ بعد ألمانيا.