ينما يتوجه تركيز المشاركين في الأسواق نحو قرارات الأوروبيين لحل مشكلة أزمة الديون و مساعدة البنوك بحلول بداية الشهر المقبل، البيانات الإقتصادية التي تصدر عن مختلف اقتصاديات العالم تؤكد استمرار التحديات في الربع الثالث من العام الحالي و التي قد تعطل محاولات التعافي للإقتصاد العالمي.
إذ تقترب بريطانيا من الركود الاقتصادي بعد نموها بنسبة 0.1% في الربع الثاني، و الأوضاع في الربع الثالث تبدوا أسوأ، حيث تعاني جميع القطاعات في الإقتصاد الملكي من التباطؤ في نشاطاتها، بما في ذلك قطاع الصناعات و الخدمات و العمالة.
بالأمس تراجع إنتاج الصناعات التحويلية إلى -0.3% في آب من السابق 0.1% مؤكدا بالتالي التحديات التي يعاني منها القطاع الصناعي، و هذا ينعكس على قطاع العمالة، إذ أن تراجع الطلب الذي يؤدي إلى تراجع الإنتاجية تدفع بالشركات في الإمتناع عن التوظيف أو تقليص عدد موظفيها.
بالتالي من المقرر هذا اليوم أن يرتفع معدل البطالة في آب إلى 8.0% من السابق 7.9%، بينما من المرجح أن يرتفع عدد المتقدمين بطلبات إعانة بقيمة 24 ألف في أيلول من السابق 20.3، أي بارتفاع نسبته 5.0% في أيلول مقابل 4.9% في آب.
كلما بقيت مستويات البطالة مرتفعة، فهذا مؤشر أن القدرة الشرائية للمستهلكين في طريقها للتباطؤ، خاصة أن التضخم لا يبدي إشارات للانخفاض، رغم حفاظ البنك المركزي البريطاني لسعر الفائدة ثابتا عند مستويات متدنية عند 0.5%.
بالتالي فإن الثقة من شأنها أن تتقلص أيضا، ليس فقط بالاقتصاد، بل بقدرة المسؤولين لإيجاد حل لهذه المشاكل، بالتالي سيمتنع المزيد من المستهلكين عن الإنفاق بما أن النظرة المستقبلية لاقتصادهم و للإقتصاد العالمي غير واضحة و لا تبعث بالتفاؤل.
يبدوا أن قرار البنك المركزي البريطاني بتوسيع برنامج شراء الأصول بقيمة 75 بليون جنيه الأسبوع الماضي ليصل إلى 275 بليون جنيه يؤكد الوضع الحرج الذي تتواجد فيه بريطانيا و قلقها المتصاعد من أزمة الديون السيادية الأوروبية التي قد تهدد التعافي الاقتصادي.
تزايد التحديات في الربع الثالث تنبئ بسقوط بريطانيا في حالة من الركود و أن السياسات الاستثنائية التي يحاول صانعي السياسات النقدية بتبنيها غير كافية لحماية الإقتصاد، إذ من المرجح أن يتوقف الإقتصاد الملكي عن النمو في الثلاثة أشهر ما قبل الأخيرة لهذا العام.
ننتقل إلى أوروبا، حيث سيصدر هذا اليوم تقرير الإنتاج الصناعي المتوقع أن يتراجع في آب إلى -0.8% من السابق 1.0%، رغم ذلك و نظرا لأهمية أزمة الديون في المنطقة، فإن المستثمرين يبقون تركيزهم على القرارات التي تصدر عن مختلف المسؤولين في المنطقة.
إذ بات وشيكا حصول اليونان على الدفعة التالية بقيمة 8 بليون يورو من برنامج الإنقاذ الخاص بها و الذي حصلت عليه العام الماضي، و ذلك خلال بداية شهر تشرين الثاني، كما ظهر في بيان صدر عن الاتحاد الأوروبي و صندوق النقد الدولي و البنك المركزي الأوروبي.
إذ أتى هذا البيان الأمس عقب قرار القادة الأوروبيين بتأجيل القمة الأوروبية المقررة في 18 من تشرين الأول إلى 23 من الشهر نفسه و ذلك بسبب إمكانية أن تشهد اليونان تخفيض في قيمة الأصول قد يتجاوز الـ 60%.
هذا و تكبدت أسواق الأسهم الأوروبية و اليورو و الجنيه الإسترليني الخسائر خلال الأمس بينما كان المستثمرين يترقبون صدور قرار البرلمان السلوفاكي بشأن توسيع برنامج الاستقرار المالي الأوروبي بعد أن كانت باقي دول اليورو قد وافقت عليه و آخرها مالتا.
رفضت سلوفاكيا توسيع صندوق الاستقرار المالي الأوروبي، و تم تأجيل التصويت إلى وقت لاحق يوم الجمعة القادم.
في وقت لاحق من هذا اليوم ستقوم الولايات المتحدة من الإعلان عن محضر آخر اجتماع للبنك الفدرالي، إذ سيحظى باهتمام لا بأس به من قبل المستثمرين بما أنه سيعطي فكرة عن الوضع الحالي المتواجد فيه الإقتصاد الأكبر عالميا و ربما الحالة المستقبلية المتوقعة على المدى القصير و المتوسط.