كانتربري (انجلترا) (رويترز) - دفع مهاجر سوداني عبر نفق القنال من فرنسا إلى بريطانيا سيرا على الأقدام مسافة 50 كيلومترا بينما كانت القطارات تمر بجواره وألقي القبض عليه عند وصوله إلى المخرج البريطاني ببراءته من التهمة الموجهة إليه المستندة إلى قانون من القرن التاسع عشر.
وكان عبد الرحمن هارون (40 عاما) تصدر عناوين الصحف العالمية بعد أن سلطت قصته الضوء على محنة آلاف المهاجرين الذين يخيمون في أوضاع مزرية قرب الجزء الفرنسي من النفق في كاليه في إطار سعيهم لايجاد طريقة سرية للوصول إلى بريطانيا.
وتسببت الفوضى في كاليه - وهي جزء من أزمة مهاجرين أكبر في أوروبا - في تعطيل حركة المرور وأدت لحملة أمنية من الشرطة الفرنسية والبريطانية وقسمت بريطانيا بين من يريدون اتخاذ إجراءات أشد لمنع المهاجرين من الدخول ومن يطلبون تضامنا أكبر مع الأشخاص الهاربين من الحرب.
وهارون هو أول مهاجر يقطع الرحلة سيرا على الأقدام إلى الطرف الآخر في فولكستون بانجلترا ولكنه الآن يواجه محاكمته بتهمة "اعاقة محرك أو عربة تستخدم خط السكك الحديدية" استنادا لقانون يرجع إلى عام 1861.
وفجرت قضيته جدلا. وتقول شركة يورو تانيل التي تشغل النفق إنها تأمل أن يطبق القانون بشكل كامل لردع آخرين حتى لا يحذوا حذو هارون بينما يقول المدافعون عن حقوق اللاجئين إنه لا ينبغي أن يحاكم على الإطلاق.
ولا يعرف الكثير عن هارون وقال محاميه نيكولاس جونز للمحكمة إن لغته الأولى هي الزغاوة في إشارة إلى أنه ربما يكون من إقليم دارفور الذي عانى من صراع لأكثر من عقد بين قوات الحكومة وجماعات متمردة.
ومثل أمام محكمة كانتربري كراون في كنت جنوب شرقي لندن عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من سجن إلملي وكان يساعده مترجم يجلس بجانب محاميه نيكولاس جونز.
ومن خلال المترجم أكد هارون اسمه وقال إنه ليس مذنبا في التهم التي وجهت له.
وأبلغ جونز المحكمة أن الدفاع عن هارون سيرتكز على نقطتين أولها هي أنه لم يسبب أي عرقلة للسكك الحديدية في نفق القنال الجنوبي عندما عبره يوم الرابع من أغسطس.
أما النقطة الثانية فتستند إلى البند 31 من ميثاق الأمم المتحدة بشأن وضع اللاجئين والذي ينص في جوهره على أنه لا يمكن محاكمة اللاجئين لاستخدم طرق غير مشروعة لدخول بلد للمأوى.
وتسلق هارون السياجات الأمنية وتفادى رصده على مئات من كاميرات المراقبة التلفزيونية ومن قبل فرق البحث التي تستخدم الكلاب المدربة في سبيل الوصول إلى النفق.
ثم أمضى حوالي 12 ساعة سيرا بجوار خط السكة الحديد وسط الظلام بينما كانت القطارات تمرق بجانبه بسرعة تصل إلى 160 كيلومتر في الساعة.
وأمرت القاضية أديل وليامز باستمرار حبسه وحددت جلسة التاسع من نوفمبر تشرين الثاني للنظر في أمر الاستمرار في القضية وقالت إنه إذا تمت الموافقة على مواصلة المحاكمة فستعقد الجلسة التالية في الرابع من يناير كانون الثاني.
وعندما علم هارون أنه سيظل محبوسا اهتاج ورفع ذراعيه وبدأ يتحدث بالعربية لكن القاضية قاطعته وألزمته السكوت ثم توقف البث عبر الدائرة التلفزيونية.