تواصل قطر لعب دور محوري في قطاع النفط والغاز العالمي بحسب بيانات جديدة لعام 2014 وردت في التقرير الإحصائي للطاقة العالمية الذي أصدرته شركة بي بي (LONDON:BP) (بريتيش بتروليوم سابقاً) الأسبوع الماضي. فدولة قطر هي ثالث أكبر منتج للغاز الطبيعي في العالم بعد الولايات المتحدة وروسيا بنسبة إنتاج تبلغ 5,1٪ من الإنتاج العالمي. كما تعتبر قطر أيضاً أكبر مُصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم، إذ تمثل صادراتها 31,0٪ من إجمالي صادرات الغاز الطبيعي المسال العالمية في عام 2014. ويأتي هذا الدور المحوري نتيجة لثروة قطر الكبيرة من احتياطيات النفط والغاز. ولا تزال قطر تتصدر الدول المنتجة للنفط بفارق كبير من حيث نصيب الفرد من احتياطيات النفط والغاز بواقع 83,6 ألف برميل من النفط المكافئ في عام 2014. وتوفر العائدات الناتجة عن صادرات النفط والغاز في قطر مصدراً مستقراً لتمويل استثمارات البنية التحتية الرئيسية التي تقود النمو والتنويع في الاقتصاد المحلي.
نصيب الفرد من احتياطيات النفط والغاز (2014)
(ألف برميل نفط مكافئ)
المصادر : شركة بي بي وصندوق النقد الدولي وتحليلات قسم الاقتصاد في QNB
وأشار التقرير الصادر عن شركة بي بي إلى أن احتياطيات النفط والسوائل الأخرى قد زادت بنسبة 2,6٪ لتبلغ 25,7 مليار برميل في عام 2014. ويُرجح أن تكون الدراسات الحديثة وعمليات استكشاف حقول النفط ومشاريع تطويرها قد أدت إلى زيادة في مستوى الاحتياطيات النفطية المؤكدة. وفي غضون ذلك، انخفضت احتياطيات الغاز في قطر بنسبة 0,6٪ في عام 2014 نتيجةً لاستخراج الغاز مع غياب عمليات استكشاف وتطوير احتياطيات جديدة على خلفية وقف أعمال تطوير الغاز والتنقيب عنه في حقل الشمال الذي يحتوي على كل احتياطيات قطر من الغاز تقريباً.
وفيما يتعلق بالإنتاج، ظل إجمالي إنتاج قطر من المحروقات دون تغيير تقريباً في عام 2014 بواقع 5,2 مليون برميل نفط مكافئ في اليوم ‒ 3,2 مليون برميل من الغاز و2,0 مليون برميل من النفط. ويرجع ذلك في الأساس إلى وقف مشاريع تطوير الغاز المذكور أعلاه. ونتيجة لذلك، زاد إنتاج الغاز بنسبة 0,4٪ فقط في عام 2014. وقد قابل الزيادة التي طرأت في إنتاج الغاز تراجع في إنتاج النفط في عام 2014 (-0.8٪) بسبب نضوج حقول النفط القطرية. ومن شأن تنفيذ المشاريع الاستثمارية الكبيرة أن يساعد على استقرار إنتاج النفط، مثل خطط تطوير منشآت حقل بو الحنين بقيمة 4,0 مليار دولار أمريكي بهدف زيادة الانتاج من 40 ألف برميل في اليوم إلى 95 ألف برميل في اليوم.
ويتم تصدير معظم إنتاج قطر من الغاز في شكل غاز طبيعي مسال (58٪ في عام 2014). وقد أصبحت قطر أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم بفضل الاستثمارات الكبيرة في منشآت الغاز الطبيعي المسال على مدى السنوات العشرين الماضية إلى جانب الزيادة الكبيرة في الإنتاج، وهو ما قاد بدوره إلى إنشاء سوق عالمية للغاز الطبيعي المسال. ويعتبر الغاز مصدراً نظيفاً ومنخفض التكلفة للطاقة بالمقارنة مع غيره من المواد الهيدروكربونية، مثل الفحم والنفط. وبات بالإمكان نقل الغاز الطبيعي في جميع أنحاء العالم بسبب تزايد عدد مصدري الغاز الطبيعي المسال. وقد فتح ذلك مصدراً جديداً للطاقة النظيفة لكثير من البلدان وشجعهم على الاستثمار في البنية التحتية اللازمة لاستيراد الغاز الطبيعي المسال وإعادة تحويله إلى غاز.
وأصبحت منطقة آسيا والمحيط الهادئ أكبر سوق لصادرات قطر من الغاز الطبيعي المسال بفعل التحول إلى مصادر الطاقة النظيفة والنمو الاقتصادي القوي، حيث استوردت تلك المنطقة 72,0٪ من صادرات قطر في عام 2014. لكن صادرات قطر من الغاز الطبيعي المسال لا تقتصر على منطقة آسيا. فقد دفع رُخْص أسعار الغاز الطبيعي المسال مقارنةً مع أسعار الغاز المستورد عن طريق خطوط الأنابيب في أوروبا بريطانيا إلى التحول إلى الغاز الطبيعي المسال. ونتيجة لذلك، زادت المملكة المتحدة وارداتها من الغاز الطبيعي المسال من قطر بنسبة 20,5٪ في عام 2014.
مستقبلاً، من المتوقع أن تحافظ قطر على دورها المهيمن في قطاع النفط والغاز العالمي، حيث يُتوقع أن يتواصل نمو الطلب العالمي على الطاقة النظيفة. علاوة على ذلك، من المتوقع أن يرتفع الطلب المحلي على الطاقة بشدة بسبب النمو السريع في عدد السكان مع وصول المزيد من الأجانب الوافدين للعمل في برنامج البنية التحتية الضخم في البلاد. ولتلبية هذا الطلب المحلي المتزايد، بدأ العمل على مشروع برزان، وهو مشروع بقيمة 10,3 مليار دولار أمريكي لتطوير إنتاج الغاز في حقل الشمال بهدف زيادة الإنتاج للاستخدام المحلي والذي شارف الآن على الانتهاء. ويُتوقع للمشروع أن يعمل على دفع النمو في قطاع النفط والغاز. ومن المتوقع أن يبدأ الإنتاج الأولي لمشروع برزان خلال النصف الثاني من العام الحالي. وفي غضون ذلك، يُتوقع أن يستقر إنتاج النفط، وهو ما سيؤدي إلى زيادة في نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لقطاع النفط والغاز تبلغ نسبتها 0,8٪ في عام 2015، و1,8٪ في عام 2016 و1,9٪ في عام 2017. وفي الوقت نفسه، فإننا نتوقع أن ينمو القطاع غير النفطي بنحو 10,8٪ في الفترة 2015-2017، مدفوعاً بالاستثمار في مشاريع البنية التحتية الرئيسية. ويُفترض لذلك أن يؤدي إلى إجمالي نمو تبلغ نسبته 7,0٪ في 2015 و7,5٪ في عام 2016 و7,9٪ في عام 2017. وتمتلك قطر احتياطات كافية من الغاز لمواصلة الإنتاج بالمعدلات الحالية لمدة 138 سنة قادمة، ولذلك يُرجح لها أن تواصل دورها المحوري في أسواق النفط والغاز العالمية لعدد من السنوات القادمة.