لاشك بأن العام الجاري حمل الكثير من التحديات في الأسواق العالمية فمع البداية الضعيفة للاقتصاد الأمريكي الذي انكمش في الربع الأول بنسبة -2.1% يبدو أن الدفة عادت من جديد للاقتصاد الأمريكي الذي حقق معدلات نمو جيدة في الربعين الثاني والثالث محققاً ارتفاعاً بنسبة 4.6% في الربع الثاني وكذلك 3.9% في الربع الثالث من العام الجاري وسط ارتفاع أرقام التوظيق الى فوق مستويات 200 ألف وظيفة شهرياً للعشر اشهر الأخيرة وهذه افضل أرقام في قطاع التوظيف منذ العام 1999 . في نفس الوقت وصلت مؤشرات الأسهم الأمريكية داو جونز عند مستويات 17900 نقطة غير بعيدة عن مستويات 18000 نقطة. ان العديد من المتابعين يتساءل هل ستتابع الأسواق الأمريكية ارتفاعها بذات القوة خلال العام القادم ؟ وماهي الأسباب التي يمكن أن تمكنها من ذلك اذا حدثت؟
من الواضح أن الأسواق الأمريكية استفادت بقوة من تدفقات مليارات الدولارات للاستثمار طالما أن الأداء الاقتصادي يسجل اتجاها تصاعديا وهذا استعادة لنفس الأداء الاقتصادي في منتصف التسعينات, كما أن عجز الكثير من الاقتصاديات في العالم عن تحقيق معدلات نمو جيدة ومستدامة جعل من الاقتصاد الأمريكي خيارا جيدا لكنه يبدو وحيدا حاليا فالاقتصاد الصيني لديه تحديات قوية قد تمنعه من تحقيق معدلات النمو المستهدفة عند 7.5% والاقتصاد الياباني سجل انكماشا بنسبة -1.7% في الربع الثالث كما أن منطقة اليورو مازالت تصارع بين الانكماش وبين تعارض السياسات الأوربية. هناك نقطة هامة أن مستويات السيولة المرتفعة والرخيصة في اليابان والولايات المتحدة أتت لصالح الأسهم الأمريكية وكذلك العوائد على سندات الخزينة الأمريكية.
اننا نعتقد بأن قيام الفيدرالي الأمريكي برفع اسعار الفائدة خلال العام القادم ستكون فرصةً قوية للدولار الامريكي لتحقيق مزيد من الارتفاع وتعزيز مكاسبه التي حققها في الشهرين الأخيرين ووصل الى أعلى مستوياته في سبعة أعوام لكن سيكون هذا الارتفاع متبايناً مقابل العملات الرئيسية كاليورو والين من جهة والجنيه الاسترليني على سبيل المثال من جهة أخرى, كما أن استمرار الأداء الصاعد للاقتصاد الأمريكي سيرفع العوائد على سندات الخزينة الأمريكية ويصل بها الى مستويات قريبة من 3% على سندات العشر سنوات وهذا سيجعلها مفضلة من قبل المستثمرين الأجانب. ان وصول مؤشرات الأسهم الأمريكية الى مستويات قياسية ارتبط ربما بتوافر مستويات السيولة الهائلة والرخيصة اضافةً الى الأداء الجيد للاقتصاد الأمريكي في الربعين الثاني والثالث كما ذكرنا سابقاً وبالتالي قد يبقى هناك مجال للمزيد من المكاسب حتى لو كانت بنسبة 7% الى 10% اذا ماأخذنا بعين الاعتبار عدم قيام الفيدرالي الأمريكي برفع أسعار الفائدة خلال عام 2015 عنده ستكون المكاسب محدودة.
اننا لطالما ننصح المستثمرين بتوخي الحذر وعدم الانكشاف بقوة على مختلف الأدوات الاستثمارية حيث يبقى هناك مجال لعوامل غير متوقعة سياسية واقتصادية, حيث أن حدوث الأزمة الأوكرانية على سبيل المثال في منتصف العام الجاري كان غير متوقع كما أنه غيّر بقوة من المعطيات الاقتصادية في كثير من البلدان وفي مقدمتها روسيا ومنطقة اليورو.