ترامب والأسواق .. مقارنات وأرقام

لايكف الرئيس الأمريكي عن اشغال الأسواق سواء بتصريحاته النارية على الصعيدين السياسي والاقتصادي أو بتغيير مفاجئ غير متوقع في قراراته وتوجهاته ككل . ويمكن القول بأن تصريحاته يوم أمس بأنه غير سعيد أبداً بقوة الدولار الأمريكي في وقت تتراجع فيه جميع العملات الرئيسية مقابل الدولار الأمريكي جزءاً من الحرب التجارية الخفية وغير الخفية التي تدور بين ترامب وبقية الدول (الصين أولاً وأوربا ثانياً) حيث يحاول كل طرف أن يجعل عملته ضعيفةً حتى لو لم يكن هناك تدخل مباشر للبنك المركزي في كل دولة. ان الفيدرالي الأمريكي ليس بنكاً ضعيفاً أو مؤسسةً هامشية في دولة متخلفة بل هو مؤسسة لديها من الاستقلالية المالية والادارية مالا يسمح للبيت الأبيض بفرض قرار كبير على ادارته, حيث نعتقد بأن البنك لن يغير في سياسته النقدية ورفع الفائدة لأجل كلام الرئيس ترامب. وكنا قلنا سابقاً أن قوة الدولار الأمريكي هي انعكاس لارتفاع العوائد الأمريكية والثقة بأداء الاقتصاد الأفضل حالياً بين الاقتصاديات المتقدمة . دعونا نسترجع بعض الأرقام المهمة التي قد تفيدنا في تحديد الاتجاه العام خلال المرحلة القادمة .

منذ قدوم ترامب رسمياً كرئيس أمريكي في بداية عام 2017 , حقق مؤشر داو جونز 35% مكاسب مرتفعاً من 19700 نقطة الى 26650 نقطة مع بداية العام الجاري 2018, قبل أن يقوم بتصحيح بنسبة 5.6% فقط ! أرقام ممتازة جداً .

ارتفع الذهب بنفس الفترة 20% من 1132$ الى 1360$ قبل عدة أشهر في نيسان الفائت , قبل أن يتراجع بنسبة 10% ليعود مجدداً الى مستويات 1220$ للأونصة , بالمجمل تعتبر أرقاماً جيدة .

أما مؤشر الدولار الأمريكي , فقد تراجع بنسبة 13.5% خلال نفس الفترة , قبل أن يرتفع مجدداً ويحقق مكاسب بنسبة 7.4% منذ نيسان الفائت ( ثلاثة أشهر فقط ) !

النتيجة , أولاً : كان الرئيس ترامب عاملاً ايجابياً للذهب بالمطلق , ان كان من جهة تراجع الدولار الأمريكي العام الفائت أو تصريحاته التي تشعل الأسواق سياسياً واقتصادياً وتجارياً .

تانياً , لايوجد ترابط بعد الآن بين تراجع الأسهم وارتفاع الذهب كما كان سابقاً , حيث كان تقليدياً الهروب من الأسهم (عالية المخاطر) والدخول بشراء الذهب (تحوط وأداة استثمارية آمنة).

ثالثاً , كان ضعف الدولار الأمريكي هو المحرك الأساسي لقوة الذهب خلال 2017 , ورغم كل الجدل التجاري لم يحقق الذهب مكاسب جيدة بل على العكس تراجع بقوة خلال ثلاثة أشهر فقط بنسبة تصل الى 10%.

رابعاً, ارتفاع التضخم التدريجي في أمريكا والصين والهند لم يساعد الذهب على تحقيق مكاسب حيث كانت القاعدة الذهبية تقول اشتري الذهب لتتحوط من ارتفاع التضخم.

ان كل ما سبق يدفعنا للاعتقاد بأن ترامب لن يغير في أسلوبه الصدامي مع الفيدرالي وهذا قد يفيد الذهب , واذا تراجع الدولارالأمريكي سيكون متعمداً وليس سياسة عبثية . من المهم القول أن الاستثمار بالذهب يحمل مخاطر كأي أداة استثمارية أخرى, وعليه فان تداول الذهب على المنصات يختلف عن شراء الذهب العادي وتخزينه . ان تراجع شراء الذهب من الصين والهند (أكبرمشترين للذهب في العالم) أثر سلباً ولكن هذا السيناريو قد لا يطول قبل أن نرى الطلب يرتفع في الربع الأخير من العام الجاري.