منذ أن حدثت الأزمة المالية العالمية في خريف 2008 ,عشر سنوات تحولت فيها البنوك المركزية من اجتماعات مملة دورية شهرية وسنوية , الى اجتماعات يراقبها جميع العالم بما فيها الانسان العادي , ولماذا كل هذا الاهتمام ؟ لأن هذه البنوك أعادت تعريف دورها في الاقتصاد العالمي ,من ادارة للسياسة النقدية الى مشارك في رفع مستويات النمو ولاعب رئيسي في تغيير معادلات سياسية واقتصادية ضمن البلد الواحد, ولذلك تحولت اجتماعات هذه البنوك الى محط الأنظار بعد سنوات من التيسير الكمي وصولاً الى البدء بتشديد السياسة النقدية من قبل الفيدرالي الأمريكي , في وقت سيتبعه الجميع تدريجياً في أوربا وبريطانيا واليابان .
لايبدو أن اجتماع الفيدرالي الأمريكي لاحقاً هذه اليوم سيغير من مسار الأسواق العالمية أو يحقق اختراقاً كبيراً في مؤشر الدولار الأمريكي الذي يتداول حالياً عند 94.70 نقطة , مازال محتفظاً بمعظم مكاسبه . أسعار الفائدة الأمريكية عند 2% حالياً هي الأعلى بين الاقتصاديات المتقدمة , هي فعلاً تجعل من الأصول الأمريكية أكثر جاذبيةً للرهان عليها , أداء اقتصادي ممتاز وزخم في رفع الفائدة الأمريكية تدريجياً .
والحق يقال أن الفيدرالي الأمريكي كان ذكياً بما فيه الكفاية حتى يوصل رسالته للأسواق دون صدمة أو تغيير مفاجئ مؤكداً عل الرفع التدريجي للفائدة دون تعريض الاقتصاد الأمريكي لتصحيح قاسي حيث حقق الاقتصاد الأمريكي نمواً بنسبة 4.1$ في الربع الثاني هو الأفضل خلال خمسة عشر عاماً .
معدلات التضخم الأمريكية باتت عند 2% وهي الهدف الأساسي للفيدرالي الأمريكي , كما أن أرقام انفاق المستهلكين الأمريكين ارتفعت بنسبة 0.4% خلال الشهر الفائت متماشيةً مع التوقعات .
بشكل عام لانعتقد أن بيان الفيدرالي سيكون سيئاً للدولار الأمريكي , هذا السيناريو قد لا يكون جيداً للذهب حالياً الذي يتداول حالياً عند 1221.40$ للأونصة.
ان تراجع الدولار الأمريكي بحاجة الى أكثر من تصحيح فني, بحاجة الى أرقام سيئة للاقتصاد الأمريكي وهذا لن يحدث حالياً, كما أن العوائد الأمريكية لم تتراجع واستقرت قريبة من 3% في الأسبوع الأخير على سندات الخزينة الأمريكية لعشرسنوات.
تبدو مستويات الذهب عند 1215.80$ قابلة للتحقيق حيث لم يتمسك بمكاسبه عند مستويات 1227.50$ وتشكل مستويات الدعم بين 1208$ و 1215$ مستويات هامةً للغاية حالياً كما أنها تبدو قابلة للتحقيق , فنياً وأساسياً .
الاختراق الحقيقي قد يأتي من الصين حيث تشير الأرقام أنها تستهلك مايقارب 35% من الذهب عالمياً وعليه فان المزيد من تراجع اليوان سيكون ايجابياً للمعدن الثمين حسب اعتقادنا وبالتالي سيكون تحقيق بناء مراكز تدريجية خياراً جيداً وليست فقط مضاربات يومية تغير السعربسرعة كما يعتقد الكثيرون. الاتفاق التجاري الأمريكي - الصيني ان حدث قد يدفع ادارة الرئيس ترامب للضغط على الصينين بشأن سعر الصرف وهذا قد يضعف الدولار الأمريكي مجدداً,ولكن حتى نصل الى هذه المرحلة يبدو أن المعدن الثمين مستمر بوضع ضعيف فنياً.