تبدو الصورة مشرقةً حالياً , ارتفاعات قوية مستمرة في مؤشرات الأسهم الأمريكية والأوربية , وعوائد السندات الأمريكية لعشر سنوات عادت مجدداً الى فوق مستويات 3% التي لم ترها منذ شهر أيار 2018 الفائت . وكأن التعريفات التجارية لم تكن أصلاً موجودة , قد يكون فعلاً سؤالاً محيراً , لماذا كل هذه الإيجابية والى متى ستستمر ؟
وصل مؤشر داو جونز الى مستويات 26427 نقطة يوم أمس , هذه المستويات التي لم يراها منذ بداية العام الجاري قبل أن يدخل مرحلة قصيرة من التصحيح . لاشك أن ارتفاع العوائد الأمريكية مجدداً فرض نوعاً من القوة والزخم في شهية المخاطرة مجدداً , حتى العملات التي تعبر عن شهية المخاطرة كاليورو والاسترليني بقيت في مستويات جيدة . لا أحد يمكنه الجزم الى متى ستستمر هذه الإيجابية والقوة ولكن من الأفضل حقيقةً الا نعاند التيار الحالي لأن النتيجة قد تكون سلبية . لنوضح جانبين مهمين حالياً :
أولاً , الرسوم التجارية التي فرضها الرئيس الأمريكي ترامب على الصين أتت بأقل من التوقعات ( تم فرض 10% بينما كان الحديث يدور عن 20% على أقل تقدير ) , ولذلك كانت الأسواق تتوقع الأسوء وهذا لم يحدث .
ثانياً , أرقام التضخم البريطانية وكذلك الأمريكية والصينية أتت بأفضل من التوقعات خلال الأيام القليلة الفائتة وهذا ترك انطباعاً أن نمو الانفاق الاستهلاكي بقي قوياً مع ارتفاع مستويات الأجور الأمريكية والبريطانية . من الواضح أن التركيز حالياً يدور على هذه البيانات وليس تأثيرها لاحقاً, بمعنى أن مزيداً من الأرقام القوية سترفع من إمكانية الرفع المستمر للفائدة الأمريكية , وكذلك قد تدعم بنك إنكلترا بقراره لاحقاً وكذلك البنك المركزي الأوربي . نظرياً تبقى أسعار الفائدة المتدنية في صالح شراء الأصول عالية المخاطر كالأسهم , بينما ستقوض أسعار الفائدة الأعلى من هذه الامكانية لاحقاً , هذا بالضبط لا تلتفت الأسواق اليه حالياً.
من المتوقع أن يرفع الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة في اجتماعه القادم المقرر الأسبوع القادم ( الأربعاء 26 أيلول ) , الفائدة الأمريكية حالياً عند مستويات 2% , أعلى من الأوربية 0% وكذلك البريطانية 0.75% ولذلك لا يجب أن نقلل من إمكانية تحقيق الدولار الأمريكي لمزيد من المكاسب حتى لو كانت محدودة لأن الزخم يبقى حالياً . لكن نعتقد أن الرهان الأهم يجب أن يكون على البنوك المركزية التي ماتزال أسعار الفائدة متدنية عندها ( المركزي الأوربي وانكلترا ) هذا بالضبط سيوسع من هامش قدرة هذه العملات على تحقيق مكاسب لاحقاً وتدريجياً.