خلال تقريرنا الأخير عن الأزمة التركية المنشور تحت عنوان (الليرة التركية :- تعافي مؤقت ، و أسباب الإنهيار لم تزول بعد) في 15 أغسطس ، كنا قد حددنا بعض الإجراءات التي كان يجب علي صناع السياسة التركية إتخاذها من أجل السيطرة علي حالة إنزلاق سعر الليرة التركية تحت عنوان فرعي بعنوان (فرص جيدة تلوح فى الأفق ).
كانت الإجراءات المقترحة هي عنوان لبداية جديدة ، يبدأ فيها الإقتصاد التركي خفض وتيرة تراجع سعر الليرة التركية ، علي المدي القصير تمهيدا لبدء إتخاذ إجراءات تشديد مالي من أجل تعافي أقوي للإقتصاد التركي علي المدي المتوسط و البعيد .
الطريق نحو الخروج من الأزمة
بدأ التعافي من الأزمة الراهن بتراجع الرئيس التركي ( رجب طيب أردوغان ) عن تشدده في كثير من القرارات الأخيرة وكان أهمها :-
1 - رفع أسعار الفائدة
وفقا لرويترز
رفع البنك المركزي التركي سعر الفائدة الرئيسي 625 نقطة أساس يوم الخميس الموافق 13 سبتمبر 2018 ، في خطوة دعمت الليرة التركية وربما تهدئ مخاوف المستثمرين من تأثير الرئيس رجب طيب أردوغان على السياسة النقدية.
التعليق
خلال التقرير ما قبل السابق عن الأزمة التركية المنشور تحت عنوان (أردوغان يخطو فى طريق خاطئ ، و ترامب يعزز من العقوبات ضد تركيا ، و الليرة تسقط مجددا ، و أوروبا تترقب الأزمة) في 11 أغسطس 2018 ، كنا قد أوضحنا التأثير السلبي للرئيس التركي علي للأوضاع الإقتصادية حيث " كان يرفض ان يكون البنك المركزي مستقلا فى عمله عن رئيس الدولة ، و يرفض أيضا رفع سعر الفائدة لدعم الليرة التركية"
لكن جاء قرار رفع الفائدة من قبل البنك المركزي التركي في خطوة أولية تعلن عن تراجع الرئيس التركي عن أفكاره ، بالإضافة إلي ان البنك المركزي التركي بدء فرض سياسة نقدية مشددة ، إلي جانب أنه تحرك إقتصادي أساسي للسيطرة علي أزمة الليرة التركية .
يتمثل أهمية رفع سعر الفائدة التركية في الآتي :-
- دعم الليرة التركية من التراجعات العنيفة.
- تخفيض نشاط الأسواق التركية للسيطرة علي التضخم.
- بداية تشديد السياسة النقدية لدعم استقرار الأسعار.
2 - التراجع عن التصعيد ضد الولايات المتحدة
تشددت تركيا في موقفها تجاه قضية القس " أندرو برانسون " الذي تم إتهامه من قبل السلطات التركية بتهمة الإرهاب والجاسوسية ، وتم وضعه تحت الإقامة الجبرية ، مما دفع الولايات المتحدة من فرض عقوبات إقتصادية علي تركيا ، زادت من حدة الأزمة التركية الإقتصادية.
تراجعت تركيا عن موقفها تجاه قضية القس الأمريكي ، مما دفع وزير الخارجية الامريكي إلي التصريح بالآتي :-
صرح (مايك بومبيو) وزير الخارجية الأمريكي، عقب محادثات مع تركيا ، إن الولايات المتحدة ربما تقرر الآن رفع العقوبات التي فُرضت على "أنقرة" أثناء أزمة القس الأمريكي "أندرو برانسون"، الذي كان محتجز لديها.
وأضاف بومبيو، خلال حديثه مع الصحافيين، أن واشنطن سيكون لديها قرار بهذا الشأن قريبًا، فبعض العقوبات التي فرضت كانت متعلقة بشكل مباشر بأزمة القس برانسون، وبعد الإفراج عنه أصبح من المنطق رفعها.
التعليق
من الناحية الإقتصادية ، يمثل التراجع التركي عن الموقف المتشدد تجاه قضية القس الأمريكي ، خطوة هامة وحكيمة للغاية ، حتي يتمكن الإقتصاد التركي من الإفلات من عقوبات إقتصادية كادت أن تجعل من الأزمة التركية كارثة إقتصادية ، وهي خطوة جديدة تشير إلي أن الرئيس التركي يعيد صياغة تشدده تجاه الكثير من القضايا.
3 - طلب قوي علي السندات التركية
وفقا لموقع Investing
شهدت تركيا طلبا قويا عند عودتها إلى سوق السندات العالمية أمس الأربعاء، مع تجاوز طلبات الاكتتاب في سندات دولية قيمتها ملياري دولار ، لأجل ثلاث سنوات للمعروض في إصدار مرتفع العائد ينظر إليه كاختبار لاستعادة ثقة المستثمرين بعد الأزمة الحادة التي شهدتها الليرة التركية خلال الأشهر الماضية.
تعليق
تجاوز حجم طلبات الإكتتاب علي السندات التركية حجم المعوض ، مؤشر قوي علي بداية إستعادة المستثمرين الثقة في الإقتصادي التركي ، وان خطوات البنك المركزي التركي بدأت تؤتي ثمارها علي المدي القصير ، لكن إرتفاع العائد علي السندات يعني أن الإقتصاد التركي ما زال يعاني من مشكلات تخص التصنيف الإئتماني و حجم الديون الخارجية ، و هي مشكلات تحتاج إلي خطوات إقتصادية رشيدة علي المدي المتوسط و البعيد .
الناحية السعرية للعملة التركية
من الناحية السعرية إرتفعت الليرة التركية من أدني مستوي لها خلال الأزمة عند مستوي 7.10 ليرات / دولار ، لتحقق أقصي إرتفاع عند مستوي 5.5 ليرة / دولار ، أي إستعادت الليرة التركية ما يقارب من 22.5 % من قيمتها ، مقارنة بأدني سعر وصلت إليه خلال الأزمة.
إذا إستمر البنك المركزي التركي في تشديد السياسة النقدية ، وبدأ يسيطر البنك المركزي التركي علي معدل التضخم ، ستبقي فرص الليرة في حصد المزيد من المكاسب مرتفعة للغاية ، و خاصة مع تزايد النظرة السلبية للدولار الأمريكي علي المدي المتوسط .