يبدو واضحاً تماماً أن الذعر واصطياد الفرص هما من يتحكم بالأسواق المالية خلال الأسابيع الأخيرة الماضية. عندما يتراجع مؤشر الداو جونز بقوة لأكثر من 500 نقطة ثم يعود مجدداً للارتفاع معوضاً كل خسائره خلال ساعات قليلة من يوم أمس , هذا معناه أن هذا السلوك هو سلوك مضاربة واصطياد فرص استفادت من تراجعات قاسية واشترت على أساسها. لا يمكن لأحد أن يقتنع بأن هذه الارتفاعات مرتبطة بتطور اقتصادي أو تعديل في المزاج الاستثماري العام , بل انه يثبت مرةً أخرى أن الشراء لا يرتبط في كثير من الأحيان بقيمة حقيقية بقدر ارتباطه بفرصة أو بشهية مخاطرة.
المستويات الحالية للداو جونز عند 24400 نقطة متراجعة 7% عن أعلى مستوياته التي وصلها في بداية الشهر الماضي عند مستويات 26262 نقطة , بينما بقي مؤشر الداكس الألماني متراجعاً بنسبة 21% عن أعلى مستوياته التي وصلها في بداية العام الجاري عند 13560 نقطة , حالياً يتداول عند مستويات 10700 نقطة .
بناءً على الحركة السعرية , يمكننا توقع ارتفاع أسرع للداو جونز مقارنة بمؤشر داكس . اذا تم التوصل لاتفاق بين الصين وأمريكا بعد ثلاثة أشهر بخصوص الرسوم التجارية عندها يمكن أن نرى الداو جونز مجدداً عند مستويات قريبة من مستوياته العالية التي حققها قبل شهرين. اذا لم يعجل الفيدرالي الأمريكي برفع الفائدة خلال العام القادم 2019 وهذا متوقع عندها لن يكون البنك المركزي الأوربي في وضع مريح لرفع الفائدة الأوربية التي ماتزال عند 0.0% , ماذا يعني هذا الكلام ؟
يعني أن مزيداً من أسعار الفائدة المتدنية ستكون لصالح مؤشرات الأسهم الأوربية وهذا جانب واحد فقط. الجانب الآخر سيكون بلا شك مرتبطاً بإمكانية تراجع نمو الاقتصاد العالمي والتي ستضغط بلا شك على مؤشر داكس (خاصة الصناعات). حتى مع هذه التراجعات , لا يمكننا توقع ارتفاعات سريعة بل ستكون تدريجية وبطيئة ( ان حدثت) . باعتقادنا أن مؤشر داكس قد يكون خياراً جيداً آخذين بعين الاعتبار القيم العالية للأسهم الأمريكية واللغط الدائر بشأن سياسات ترامب , وسياسة الفيدرالي الأمريكي الذي يحاول تجنب ارتفاع أعباء الدين الأمريكي الذي وصل الى 21$ تريليون , بينما تدفع وزارة الخزانة ألأمريكية ما يقارب 500$ مليار سنوياً كنفقات وأسعار فائدة لهذا الدين المتصاعد .