عاد الجنيه الإسترليني لتراجعاته السلبية مقابل سلة من العملات الرئيسية, وهذا في ظل الترقب وعدم إحراز تقدم في مفاوضات البريكست مما أدى إلى زيادة الطلب على خيارات العملات التي تستفيد من ضعف الجنيه.
أيضاً يرتفع الطلب لخيارات المراهنة مقابل الجنيه الإسترليني, والتي تغطي المهلة النهائية في 29 مارس للخروج النهائي للبريكست عند أكبر مستوى هبوطي للجنيه الإسترليني منذ منتصف ديسمبر. هذا بعد التصويت الأخير بالبرلمان البريطاني على تعديل "برادي" كما وضحنا في مدونة شركة أوربكس بمقالتنا السابقة (الجنيه الإسترليني في طريق عدم اليقين إلى بروكسل!).
مما يظهر إن إقتصاد المملكة المتحدة معرض لخطر الركود أو الأسوأ حيث يتصاعد عدم اليقين في خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي مع تباطؤ أوسع في الإقتصاد العالمي.
كما أصبحت المملكة المتحدة ثاني أضعف نمواً في الإنتاج لكل ساعة عمل بين مجموعة الدول السبع, وبين عامي 2010 و 2015 إقتربت من الإرتفاع بنسبة 0.2% سنوياً. هذا أقل بكثير من المتوسط على المدى الطويل البالغ 2.4% من عام 1970 إلى عام 2007, وهو أقل من المتوسط في فرنسا وألمانيا مع يعتبر هذا أمر مثير للقلق بشكل خاص.
حيث كما ترى شركة الاستشارات "ماكنزي" تقدر أن حوالي 90٪ من النمو الاقتصادي المستقبلي يجب أن يأتي من تحسينات في الإنتاجية لمجرد مواكبة معدلات النمو التاريخية.
وفي أخر البيانات الواردة يوم أمس إنخفض النمو في قطاع الخدمات السائد في المملكة المتحدة إلى أدنى مستوى له منذ عامين ونصف في يناير, وهذا قد يعرقل الإقتصاد تقريباً مع تزايد قلق الشركات بشأن خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي.
حيث إنخفض مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات في المملكة المتحدة إلى 50.1 في يناير 2019 من 51.2 في الشهر السابق وأقل بكثير من توقعات السوق عند 51.1, وهي القراءة الأدنى منذ عامين ونصف. أيضاً ثاني أضعف قراءة منذ ديسمبر 2012 عندما كانت أقل من 50, وكان التفاؤل في هذا القطاع ضعيفاً ليبقي بالقرب من أدنى المستويات خلال عقد من الزمن.
تراجعت أحجام الأعمال الجديدة للمرة الأولى منذ يوليو 2016 وبأعلى معدل منذ أبريل 2009 وسط حالة عدم اليقين السياسي المتصاعد وخروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي. تأتي هذه التقارير بعد استطلاعات الرأي المخيبة للآمال حول التصنيع والبناء في يناير, وكلها مجتمعة تشير إلى وجود ركود محتمل في بداية العام.
من جهة أخرى سيقوم بنك إنجلترا بنشر توقعات جديدة بشأن النمو والتضخم إلى جانب إعلان السياسة النقدية يوم غداً الخميس, ويبدو أن بنك انجلترا سيبقي السياسة معلقة في ظل حالة عدم اليقين في خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي. كما من الممكن أن يقوم البنك البريطاني بتخفيض توقعات نمو إجمالي الناتج المحلي في المملكة المتحدة لهذا العام ورفع التوقعات للسنوات اللاحقة.
اخر تطورات البريكست!
مع بقاء 52 يوماً فقط حتى موعد مغادرة المملكة المتحدة للاتحاد الأوروبي لا تزال رئيسة الوزراء "تيريزا ماي" تناضل من أجل إجبار المشرعين البريطانيين على الإتفاق على صفقة خروج.
بينما تحاول إيجاد حل تبدأ اليوم الثاني من زيارتها إلى إيرلندا الشمالية ويسافر نظيرها الأيرلندي "ليو فارادكار" إلى بروكسل لعقد محادثاته الخاصة حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
تسعى "تيريزا ماي" إلى طمأنة حزبها بأنها مصممة على تجنب التغييرات في الحدود الأيرلندية, وهذا غير ملموس حالياً.
حيث يحرص المحافظون على أن يعني خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مغادرة الاتحاد الجمركي للاتحاد الأوروبي والسوق الموحدة حتى تتمكن المملكة المتحدة من توقيع صفقات تجارية جديدة, ولكن النظام الجمركي المختلف بين الشمال والجنوب سيتطلب بعض الآليات لفحص البضائع التي تنتقل بين المملكة المتحدة وأيرلندا.
فمن المقرر أن تقابل الأحزاب السياسية المختلفة في أيرلندا الشمالية, ومن أهم وجهات نظرها الحزب الوحدوي الديمقراطي الذي يدعم حكومتها الأقلية, وإذا إستطاعت إقناعهم بالتوقيع على صفقتها فإن العديد من المتمردين في حزبها قد ينسجمون أيضاً.
أما مزيج عدم اليقين بما يخص البريكست وتزايد مخاوف النمو العالمي يضع بلا شك الفرامل على النمو الاقتصادي في المملكة المتحدة, ولكن يشك بعض الإقتصاديون بأن يكون مؤشر مديري المشتريات محق في أن يكون إشارة إلى الركود. فإذا صح ذلك نعتقد أن الإقتصاد من المرجح أن ينمو خلال الربع الأول, وإن كان أقل من الاتجاه.
في حين أن أخبار صفقة بخروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي يجب أن تساهم في صعود دوري, ومن المرجح أن يعني ترك الاتحاد الأوروبي أن كثافة التجارة في الاقتصاد ستكون ضعيفة على الأقل لبعض الوقت كما أن تدفقات الهجرة الأضعف ستؤثر أيضاً على الإقتصاد. لكن في حالة الفشل أو خروج بدون إتفاق قد يضع بالفعل الإقتصاد في حالة طوارئ.
Abdelhamid_TnT@