المقال مترجم من اللغة الإنجليزية بتاريخ 20/2/2019
يسجل النفط الصخري أرقامًا قياسية جديدة، مما يهدد الأوبك باحتمال دخول السوق في حالة تخمة تقلب مسار الأسعار بعدما تمكنت من تجاوز سعر 55 دولار للبرميل.
وتزداد الأمور تعقيدًا، بتبني السعودية، قائد الأوبك، سياسة تخفيض إنتاج عنيفة، فالسعودية لا تمانع في خسارة جزء من حصتها في السوق الآسيوية، فيمكن أن تفعل أي شيء لتصل بسعر السلعة إلى 80 دولار للبرميل. ويمكن أن تحل الولايات المتحدة بسهولة محل السعودية في السوق الآسيوية. والدليل على ذلك: أعلنت الهند عن أول اتفاق استيراد أنواع من النفط الخام الخفيف من الولايات المتحدة.
يقول جون كيلدوف إن خام غرب تكساس الوسيط هبط أسفل 43 دولار للبرميل العام الماضي، وكان منتجو النفط الصخري، عالي التكلفة، على حافة الخروج من لعبة النفط كما حدث في 2015-2016؛ كيلدوف شريك مؤسس لصندوق التحوط، Again Capital.
ولكن أنقذت السعودية المنتجين، بتخفيض الإنتاج ورفع سعر النفط الخام.
يقول كيلدوف:
"عندما يتعلق الأمر بتخفيض الإنتاج، ربما يكون السؤال متعلق بالطلب إذا فعلت (وخفضت الإنتاج)، ومتعلق أيضًا بمعدل الطلب إذا لم تفعل. ولكن، هذا ما تشكو منه شركات النفط الروسية العالقة في تحالف تخفيض الإنتاج مع الأوبك."
كتب رئيس عملاق النفط، (LON:روسنفت)، إيجور سيتشين، إلى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في ديسمبر ليخبره بأن اتفاق موسكو مع الأوبك لتخفيض الإنتاج يعد تهديدًا استراتيجيًا يمكن الطرف الأمريكي من بعض خيوط اللعبة، وجاءت المعلومات عن تلك الرسالة في أحد تقارير رويترز هذا الشهر. ويعرف السوق جيدًا تأثير رسالة سيتشين على بوتين، فروسيا تماطل في تنفيذ ما قطعته من التزامات مع الأوبك، مجبرة الطرف السعودي على مضاعفة جهود التخفيض.
خلق السعوديون المشكلة
يضيف كيلدوف:
"عندما هبط خام غرب تكساس الوسيط إلى أسفل 50 دولار للبرميل، وقع النفط الصخري في أزمة، على الرغم من وجود ما يعرف بسعر 35 دولار الكافي لحفر الآبار، ولكن كانت تحاوط الصناعة العديد من النفقات الأخرى. وبارتفاع السعر إلى 56 دولار، أمد ذلك القائمين على صناعة النفط الصخري بحوافز إضافية تدفعهم نحو الاستمرار في الحفر، والتكسير. فسواء اعترفوا بذلك أم لا، أي ذروة تحققها صناعة النفط الصخري من الآن فصاعدًا، ستكون بدافع من السعوديين."
حتى الآن، لا تتوافر لدينا الأدلة الكافية حول قدرة النفط الصخري على غمر السوق، وخاصة مع إظهار تقارير المستودعات نمو متواضع خلال الأسابيع الماضية. وهبط عدد حفر التنقيب عن النفط لمستوى تسعة أشهر، عند 847 حفرة مسجلة في بداية هذا الشهر، ولم يرتفع سوى عشر وحدات منذ ذلك الحين.
ولكن هذا من المتوقع أن يتغير، فهناك توقعات حول ارتفاع إنتاج سبعة تكوينات صخرية ضخمة مقدار 84,000 برميل يوميًا في شهر مارس، لتسجل الصناعة رقمًا قياسيًا عند حوالي 8.4 مليون برميل يوميًا، وتأتي تلك المعلومات من إدارة الطاقة الأمريكية، في تقريرها الصادر يوم الثلاثاء، وتتزامن مع استمرار شغل الولايات المتحدة المركز الأول للدول المنتجة للنفط في العالم، بفضل ثورة النفط الصخري التي تساعدها في التقدم على السعودية وروسيا.
ارتفع إنتاج الولايات المتحدة إلى رقم قياسي أسبوعي، ليسجل 11.9 مليون برميل يوميًا، وكان الهدف الذي وضعته إدارة معلومات الطاقة عند 12 مليون برميل يوميًا. وتضع الإدارة توقعات ببلوغ الإنتاج 13 مليون بنهاية عام 2020، ويتوقع خبراء عديدون في الصناعة أن الصناعة ستتمكن من تجاوز هذا الرقم.
هل يصدق أحد تلك الرواية
تتضافر الآن العقوبات على فنزويلا وتخفيضات السعودية الحادة للإنتاج رافعة أسعار النفط. وتحاول صناديق التحوط هي الأخرى مطاردة أسعار النفط إلى الأعلى، بعد تغريدات الرئيس ترامب عن التقدم الذي أحرزته الولايات المتحدة والصين في المحادثات التجارية، بينما يتجاهلون ما يمكن أن يحدث لإنتاج النفط الصخري إذا ما ارتفعت الأسعار فوق 60 دولار. وأظهرت البيانات الأسبوعية الصادرة يوم الجمعة أن مدراء الأموال يرفعون من الرهانات الثيرانية على النفط الأمريكي بنسبة 10% منذ أواخر أغسطس.
في بداية التداولات الآسيوية ليوم الأربعاء هبط خاما غرب تكساس الوسيط وبرنت مؤقتًا، على خلفية الرقم القياسي الأخير لتوقعات إدارة معلومات الطاقة حول بلوغ إنتاج النفط الصخري مستويات قياسية، ومن ثم تابع الخامان ارتفاعها بعد الانخفاض (الرالي).
رغم ذلك، كتب معلق الفايننشال تايمر، دافيد شيبرد، الأسبوع الماضي ملحوظة حول "عدم اقتناع الجميع بالرواية الثيرانية للنفط." ويذكر أن منتجي النفط يصطفون لبيع النفط أثناء الرالي، وفق المعلومات التي أصدرتها مؤسسة تداول السلع، وهي شركة تحوط استشارية يترأسها المدراء العتيدون الذين عملوا لصالح (NYSE:مورجان ستانلي).
ويأتي سوق الثيران للنفط هذا ومعه تقارير حول الصادرات النفطية الإيرانية والتي جاءت أعلى من المتوقع في شهر يناير، وستستمر على تلك الحال، إن لم تتابع الارتفاع، هذا الشهر، رغمًا عن العقوبات التي أقرتها إدارة ترامب.
ما لم يخطر على بال: تنازل السعودية عن حصتها من السوق الآسيوية
تمكنت السعودية من تحقيق الكثير بفعل سياسة تخفيض الإنتاج على أنواع النفط الثقيلة التي تشحنها للولايات المتحدة، وتخطط المملكة أيضًا لتخفيض عرض النفط الخفيف الذي تشحنه للعملاء الآسيويين وذلك في شهر مارس، والهدف من القرار هو: منع السوق الآسيوية من مراكمة مستودعاتها بذلك النوع من النفط الخفيف. في الماضي، لم تلتزم السعودية بوضع حدود لعرض النفط شديد الخفة الذي تصدره لآسيا عند المستويات المتعاقد عليها.
وتحاول السعودية الآن أن تستخدم كل حصصها في السوق لرفع الإنتاج، ولكن هذا يمكن أن يضر بحصتها الثمينة في السوق الآسيوية إذا لم تتوخى الحذر، خاصة مع وجود منتجي الولايات المتحدة الذين ينتظرون فرصة الانقضاض على حصة من السوق الآسيوية.
أعلنت شركة النفط الهندية هذا الأسبوع أنها وقعت اتفاق بقيمة 1.5 مليار دولار لشراء النفط من الولايات المتحدة، لتقليل اعتمادها على الموردين التقليديين. ويعد هذا هو العقد الأول الذي توقعه شركة هندية لاستيراد أنواع النفط الخام الأمريكية. وأتى هذا الإعلان بعد يوم واحد من ذيوع أنباء الزيارة الرسمية للأمير ولي العهد، محمد بن سلمان، للهند.
يقول كيلدوف:
"يضرب الاتفاق الأمريكي الهندي القلب النابض للسوق الآسيوي، الذي يتناحر الجميع للحصول على حصة منه، بما فيهم السعودية وروسيا."
"تخلي السعودية عن حصتها في السوق الآسيوية هو شيء لم يخطر على بال، ولم يتوقعه أبدًا وزير الطاقة السعودي السابق، علي النعيمي. ولكن الوزير الحالي، خالد الفالح، على استعداد لتنفيذ أوامر الأمير ولي العهد، الذي يقرر سياسة النفط السعودية."