لن نعود كثيراً إلى الوراء في تحليلنا لتحركات الذهب؛ لأننا سبق وأن حللنا التحركات على امتداد أكثر من أربعة عقود من الزمن، ولكن سنعتمد في تحليلنا على الفترة المتوسطة الممتدة من عام 2015 ولغاية اليوم طبعاً مع التركيز على أن جوقة " انهيار الذهب " لم تتوقف عن الترنيم بتراجع الأسعار إلى مستويات لا تتواجد إلا في دهاليز أوهامهم وفي كل مرة تثبت هذه الجوقة فشلها.
بنظرة بسيطة إلى المخطط السعري الشهري للذهب الممتد من عام 2015 إلى عام 2018 سنجد أنه يمتلك قيعان مرتفعة ضمن الفترة الزمنية المدروسة؛ حيث بلغ أدنى قاع 1046 دولار للأونصة في ديسمبر عام 2015 وبلغ أعلى قاع عند مستوى 1160 دولار للأونصة في أغسطس عام 2018 أي بمعدل 10.9% بين أدنى قاع وأعلى قاع للفترة المدروسة.
ولا ننكر أن الذهب ضمن هذه الفترة حقق قمماً نستطيع أن نصفها بالعرضية وحاول اختراقها صعوداً في أكثر من مرة، ولكنه فشل في هذه المحاولات.
إن فشل الذهب في اختراق منطقة المقاومة السعرية التي تمتد من 1350 إلى 1375 دولار مع تحقيقه قيعان مرتفعة يؤكد لنا على الميل الصاعد للذهب خلال الفترة المدروسة.
إن طبيعة الذهب تجعل له خاصية متفردة في المضاربة تكون مخاطرها في عمليات البيع أكثر بكثير من عمليات الشراء (وأنا أتكلم هنا عن المضاربات اليومية)، لذلك فإن المضارب الذي يمتلك الخبرة بإمكانه أن يكون قادراً على تحقيق الأرباح في المراكز الشرائية القصيرة الأهداف، بالإضافة إلى الأهداف المتوسطة الأجل وطبعاً مع الأخذ بعين الاعتبار التوزيع الصحيح للسيولة مع حسابات مخاطرة دقيقة، وأؤكد إلى أنه لن يكون مضطراً إلى استخدام أوامر الوقف أو حتى الخروج بصفقات خاسرة.
وبالتالي فإن الأرباح المجمعة من صفقات الشراء ذات الأهداف القريبة مع الموجات الارتدادية القصيرة بالإضافة إلى عوائد الصفقات المتوسطة الأجل ستكون بدون شك مجزية و تتماشى بشكل كبير مع طبيعة المعدن الأصفر.
أعيد وأكرر أن هذه الاستراتيجية لا تنطبق على كل الأدوات المالية والاستثمارية؛ وإنما المعادن الثمينة بشكل عام والذهب بشكل خاص يمتلك طبيعة خاصة كما ذكرنا.
الخلاصة:
لن تنجح جوقة " انهيار الذهب " في الوصول إلى طبقة الصوت العالية التي تستهدفها؛ لأن أداء الذهب سيجعلهم يصابون بخيبة الأمل، وطالما أن التقارير والأرقام لا تزال تظهر أن البنوك المركزية الكبرى تتجه نحو زيادة الاستحواذ من المعدن الأصفر وكان آخرها بواقع 351 طن خلال العشر أشهر الأخيرة، وطالما أن الذهب يمتلك المزايا التي ذكرناها في المقال الذي نشرناه سابقاً " المعادن الثمينة بعيداً عن الثرثرة! " فسيكون الاستماع لجوقة " انهيار الذهب " مجرد مضيعة للوقت ونشاز نحن بغنىً عن الاستماع إليه.