المقال مترجم من اللغة الإنجليزية بتاريخ 21/5/2019
اتسمت تحركات النفط السعرية في البداية بالقوة، قوة داعية إلى الاحتفال، ولكن يعزى هذا إلى الرسالة التي بثتها الدول المنتجة للسوق، وكان مضمونها الوحدة، والتعاضد.
قال وزير الطاقة السعودية، خالد الفالح، في ختام مؤتمر الأوبك+ المنعقد في جدة، إن المملكة لا تخطط لرفع إنتاجها من النفط الآن، وربما لن ترفعه حتى نهاية العام. لم يكن من المفترض أن يخرج اجتماع جدة بأي قرار حول أي شيء. واتفق نظير الفالح الروسي، ألكسندر نوفاك، مع الفالح، فقال هو الآخر إنه من المبكر الحديث حول إنهاء التخفيضات التي استمرت لستة شهور الآن. وانضم لهما وزير الطاقة الإماراتي، سهيل المزروعي، بقوله إن وظيفة الأوبك "لم تنته بعد،" وتسهيل التخفيضات ليس "قرارًا صائبًا."
اجتمعت تلك التصريحات لتدفع سعر برنت للارتفاع 1.20 دولار أثناء تداولات يوم الاثنين في سنغافورا، مما أسعد ثيران النفط.
روسيا بالتأكيد ستختلف عن باقي الدول
لن تستمر تلك الأجواء الاحتفالية لأسعار النفط. في الواقع، ربما ينهار هذا الإجماع في غضون ساعات. غادر نوفاك قاعة الاجتماع بجدة، وبعدها بساعات أخبر بلومبرغ قصة مختلفة، بدت مصممة لإسعاد رئيسه، فلاديمير بوتين، أكثر من إسعادها للفالح، الذي يعتمد على نوفاك باعتباره الحليف الأكثر جدارة بالثقة من خارج الأوبك في السنوات الثلاث الماضية.
فقال نوفاك إن الأوبك+ ربما يلزمها إدخال بعض "تعديلات" على اتفاق الإنتاج الحالي، عند انعقاد القمة الشهر القادم. ويوجد خيارات مطروحة على طاولة التفاوض، منها "التخلص من الالتزام المبالغ فيه" إزاء الأهداف المحددة، كما قال إن تلك الحركة ستساعد على فتح الأبواب قليلًا للإنتاج بفاعلية خلال النصف الثاني من العام الجاري.
ولم تأخذ بلومبرغ تلك التصريحات وتنشرها فقط، فحولت المقابلة إلى قصة خبرية، تشبه مقالات الرأي، وتقول إن بوتين ربما لديه رغبة في أن يكون له قولًا مسموعًا في سياسة الأوبك+. قال بوتين في منتدى الاقتصاد الدولي السنوي المنعقد في سان بطرسبرج، إن روسيا "غير مهتمة بالارتفاع الذي لا نهاية له في سعر الطاقة والنفط،" وأوردت بلومبرغ تلك التصريحات من يونيو الماضي لتذكرة قرائها.
تنطلق فاعليات منتدى الاقتصاد في 6 يونيو، وتستمر حتى 8، ويبدو أن الروس يرضيهم انخفاض مستويات النفط السعرية أسفل المستويات التي ترغب فيها السعودية. يمكن أن تستمر الحياة في موسكو وسعر البرميل أقل من 60 دولار، بينما الرياض ستعاني لو انخفض السعر عن 80 دولار.
كما أضافت بلومبرغ مذكرة أيضًا بعدم خضوع روسيا للاتفاق الجديد، فبالكاد خفضت من إنتاجها وفق المطلوب منها، ولم تحقق الهدف المقرر لها إلا هذا الشهر. لذلك فالتخلص من الالتزام يعني بقاء روسيا على وضعها اليوم. ويرغب إيجور سيشين فر رفع الإنتاج، وهو الرئيس التنفيذي لشركة روسنفت، وأقوى الأفراد في الكرملين.
وتوصلنا تلك المعلومات للسؤال التالي: هل تستطيع الأوبك البقاء على وضع الإجماع في الرسائل التي تبثها حتى اجتماعها المهم في 25-26 يونيو، والذي يقرر فيه الأعضاء، عددهم 14، والحلفاء، وعددهم 10، ما سيفعلونه بالإنتاج خلال النصف الثاني من العام؟
فرض السعودية لقرارها على البقية يزداد صعوبة
فأخبر جون كيلدوف، الشريك المؤسس في صندوق التحوط Again Capital، موقع Investing.com، في مقابلة قريبة أن مهمة الرياض بفرض رأيها على باقي الدول ستزداد صعوبة، باستثناء بعض الدول المنتجة، مثل: الإمارات، وعدد من دول الأوبك الراضين بالسلطة السعودية، عوضًا عن سيادتهم الذاتية.
فقال كيلدوف:
"لم يكن الروس ليكونوا أوضح، فأعربوا عن رغبتهم في رفع الإنتاج لدى وصول السعر لنقطة معينة، وتلك النقطة كانت وصول برنت، فوق 70 دولار للبرميل."
ويضيف:
"أتنبأ بزيادة الصعوبات أمام السعودية، لتخفيض الإمدادات بدون مساعدة الروس، لأن كل الدول ستعود عليها فائدة من شحن مزيدًا من البراميل على حساب الحصة السعودية."
وقال نوفاك إن السوق في حالة "عدم استقرار قوية،" وذلك خلال مقابلة مع شبكة CNBC، يوم الاثنين، ونظرًا لتلك الحالة يصعب وضع سياسة طويلة المدى. وأشار إلى أن العقوبات ضد إيران تسببت في تصعيد خطير في المنطقة، كما أن الحرب التجارية ربما تلقي بثقلها على كاهل الاقتصاد العالمي، وتدفعه للهبوط.
ونأتي هنا للسؤال الثاني: هل تستطيع الرياض بمفردها تحمل الضغط الدولي، الذي يأتي بقوة من الرئيس دونالد ترامب على وجه التحديد، لرفع الإنتاج.
يتمنى السعوديون أن تظل الأوبك على إجماعها
يعتقد كيلدوف أن إجابة هذا السؤال تعتمد على حجم رغبة السعودية في الإبقاء على الديموقراطية الصورية على قيد الحياة في المنظمة، والتأكيد على أنها ليست ذات سلطة وحيدة. فيقول:
"يرغب السعوديون في إعطاء انطباع بأن هناك وحدة داخل الأوبك. ولكن، كيف يمكنهم كسب أي دعم من شريك مثل إيران، بينما وصلت مستويات العدائية بين الدولتين إلى عنان السماء؟"
"وليس هناك أي دولة يمكن إلقاء اللوم عليها بشأن دعم العقوبات على إيران سوى السعودية."
وفي مقالة يوم الاثنين، ذكرّت بلومبرغ السوق أنه منذ عام مضى في اجتماع مماثل لاجتماع الأحد في جدة، التقى دول الأوبك+، ومال الفالح إلى نفس النبرة الحادة بشأن عدم رفع الإنتاج.
ولكن بوقوعه تحت ضغط من ترامب وبوتين، تراجع، ويمكن أن يفعل المثل مجددًا.