المقال مترجم من اللغة الإنجليزية بتاريخ 29/5/2019
لترامب خيارته الشخصية في التعبير وقتما رغب في الحديث بحماسة حول أي شيء، كأي شخص. وبالنسبة لمن لديه سابق عهد بطريقة تحدث الرئيس الأمريكي سواء في الأنباء أو على تويتر سيجد كلمات مثل: "حقًا،" و"حقيقة" وبشدة من الكلمات التي يستخدمها بكثرة خاصة عندما يتحدث عن أمور مثل "إبرام اتفاق سريعًا."
وشاهدنا لغويات ترامب المفضلة يوم الثلاثاء، عندما أصر أن ما يرغب فعله في إيران ليس تغيير النظام السياسي، ولكن يرغب في دولة بلا سلاح نووي، وهو مستعد للحديث معها. "أعتقد حقًا أن إيران سترغب في إبرام اتفاق،" قال مجددًا في مؤتمر صحفي أثناء زيارته لليابان، قبل أن يضيف: "أعتقد أن هذا ينم عن ذكائهم، كما أظن باحتمالية حدوث ذلك."
لا يكمن في نفس إيران أي رغبة في تحقيق ما قاله، فترامب أقل الأهمية الآن.
في غضون الساعات التالية على تعليقات الرئيس، شرعت الصحف، ومقالات الرأي في تقريعه على الاستهانة بمستشار أمنه القومي، جون بولتون، المعروف برغبته في تغيير النظام الإيراني.
واستمر ترامب في التهوين من شأن بولتون بعد ذكره أن آخر اختبارات كوريا الشمالية الصاروخية لم تنتهك قرارات الأمام المتحدة، وهذا خاطئ.
انقلاب الموقف سيكون شديد الوطأة على النفط
يتقلب موقف ترامب إزاء إيران، وهذا مبعث للقلق للعالم، ولن يوجد ما يضاهي سوق النفط في عكس هذا التقلب.
فحصل النفط على قوته الاستثنائية من التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، وكانت تلك سمة صعود النفط خلال العامين الماضيين، فدائمًا الصراع الأمريكي الإيراني في الخلفية، والحظر الذي تفرضه إدارة ترامب على الصادرات النفطية الإيرانية.
وبعيدًا عن تخفيضات الأوبك للإنتاج، والعقوبات الأمريكية على فنزويلا، فالموقف الإيران هو أكبر داعم لرالي النفط، خاصة عندما تزداد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين سوءًا، وتؤثر على الاقتصاد العالمي. ولا يمكن المحافظة على "توازن السوق" في حال ضعف الطلب العالمي، سوى بتخفيض الإمدادات، وتخفيض الإمداد هي لغة الأوبك في الحديث عن رفع السعر.
وإذا كان كل ما يرغب فيه ترامب إزاء إيران هو التيقن من أنهم لا يعملون على قنبلة ذرية، أو يخصبون اليورانيوم، وخرجت إدارة روحاني قائلة إن شيئًا من هذا لا يحدث، عندها ستكون أسباب فرض العقوبات على إيران ضعيفة. فعلى أي حال كان توقف إيران عن نشاطها النووي هو هدف الاتفاق النووي الذي أبرمته إدارة أوباما مع إيران، ذلك الاتفاق الذي مزقه ترامب لدى توليه منصب الرئاسة.
الإعفاء المؤقت من العقوبات كابوس للثيران
لو بادر ترامب باقتراح إعفاء مؤقت للصادرات النفطية الإيرانية، كوسيلة لجذب إيران لطاولة المفاوضات، عندها يمكن أن يصبح هذا الاقتراح أسوأ كوابيس الثيران، فسيعقبه انهيار في سعر خام غرب تكساس الوسيط وخام برنت، دون أي اعتبار لتخفيضات الإمدادات التي تلوح بها الأوبك بقيادو السعودية. في تلك البيئة، سيجد السعوديون أنفسهم محاصرين في موقف يحتم تخفيض الإنتاج لأجل غير مسمى، لتجنب خسائر أعمق، خاصة مع رغبة أكبر حلفائهم، روسيا، في عدم إطالة أمد تخفيض الصادرات النفطية.
وبينما تعاني وسائل الإعلام في إضفاء المنطقية على أسلوب ترامب الجديد مع إيران، تلك الدولة التي هدد باتخاذ إجراء عسكري ضدها قبل أسابيع قليلة، بالنسبة لنا في Investing.com،لا يمثل الأمر أي مفاجئة.
فكتبنا في الخامس من أبريل أن ترامب ربما يمنح إيران خيارًا للحديث إذا شاءت، رغبة في تجنب تعمق الأزمة الاقتصادية من برنامجها النووي.
أمور تهم ترامب أكثر من أسعار النفط المنخفضة
في اعتقادنا، هناك عدد محدود من الأمور التي تسبق أسعار النفط المنخفضة على قائمة أولويات ترامب، حتى بداية حملة إعادة الانتخاب في نوفمبر 2020. سيطول هذا المسار، ولكنه سيحاول وسعه، هذا رأينا.
وربما يقف النفط وراء تراجع ترامب عن إبرام اتفاق تجاري مع الصين. فلو انعقد الاتفاق التجاري بين الصين والولايات المتحدة سيحصل النفط على دفعة قوية، بالنظر إلى توقف الصين عن شراء النفط الأمريكي لحين إنهاء التوقيع على الاتفاق. وانهارت أسعار النفط نسبة 7% الأسبوع الماضي، عندما زادت الأعمال العدائية بين الصين والولايات المتحدة، وغاب الحديث عن الاتفاق.
وكما ذكرنا في المقالة السابقة، في حال خرجت فكرة الاتفاق النووي 2.0 بين الولايات المتحدة وإيراني، سيعني هذا تمكين إيران من تصدير نفطها الخام بحرية مجددًا، وإن كانت هناك قيودًا محدودة، يمكن أن تؤدي إلى هبوط سعر النفط 5 دولار للبرميل أو أكثر.
وفي المقالة السابقة، سردنا عدة أسباب توضح عدم حدوث هذا الاتفاق. والأسباب تلك تتضمن: عدم رضا الرئيس الإيراني، حسن روحاني، عن ترامب، مقارنة بسابقه أوباما، والاحتجاج الإسرائيلي. فترتكز سياسة الشرق الأوسط الأمريكية على العلاقات التاريخية مع السعودية، وإسرائيل لمواجهة الطموحات الإيرانية الإقليمية. وتظل تلك الأسباب قائمة.
بيد أن ترامب سيظل ترامب، ويمكنه التقدم بطلب لبدء مثل تلك المحادثات مع إيران لسحب السوق للأسفل.
لا يتوقع أحد أن يجلس الرئيس مع كيم جونغ أون بعد عام من تبادل الطرفين للانتقادات اللاذعة، وعلى الرغم من أن القمة مع قائدة كوريا الشمالية لم تدفع بواشنطن قريبًا من هدف نزع التسلح النووي من بيونغ يانغ. وعلى جانب أفضل، جذب ترامب الصين للعب معه في ساحة المحادثات التجارية.
وبينما يظهر على الإيرانيين الغضب من اقتراح ترامب، ورفضوا الوساطة اليابانية، إلا أن وزير الخارجية، جواد ظريف، طلب من ترامب إثبات نواياه "من خلال الأفعال لا الكلام."
واندفع ترامب مرارًا يحاول الهبوط بأسعار النفط، ويمكن أن ننظر لاسترضاء إيران كطريقته الخاصة في إنجاح محاولاته. وربما تجبر الحاجة الاقتصادية الملحة إيران لطاولة المفاوضات، كما حدث في 2015. ويمكن لترامب العودة لفرض العقوبات، ورفع التعريفات وقتما شاء، إذا لم تسر الأمور على رغبته.