المقال مترجم من اللغة الإنجليزية بتاريخ 21/6/2019
جاءت التغريدة الرئاسية بعد 12 ساعة من ضرب الطائرة المسيرة (الدرون)، لتمنح متداولي النفط الفرصة الأمثل للتخلي عن كل الحذر والشروع في الشراء.
فغرد ترامب: "ارتكبت إيران خطأ فادح." كانت أسعار النفط مرتفعة خلال الليل، على خلفية إسقاط طهران لطائرة أمريكية مسيرة، وفورًا تضاعف هذا الرالي (الصعود بعد انخفاض). وانتهى يوم التداول بارتفاع 6%، أكبر ربح له خلال هذا العام.
ولكن لم يكترث متداولو النفط كثيرًا بباقي ما حدث يوم الخميس، بينما استمر ترامب محاولًا التراجع عن تغريدته، أو لنقل توضيحها، قبل انتهاء يوم التداول بالنسبة للنفط.
وعوضًا عن لوم الإيرانيين، كما ظهر في رده الأول، أخبر الرئيس المراسلين أن ما وقع من إسقاط طائرة استخباراتية أمريكية مسيرة هو محض "غباء" من جانب جنرال إيراني من الحرس الثوري، اتخذ قراراه منفردًا، وارتكب خطأ "أحمق" غير مقصود.
بالطبع ترامب لم يتوان أن يكون نفسه، واستمر معلقًا بعد تلك التصريحات. فزاد الطين بلة في رسالته بإضافة: "لن تتحمل تلك الدولة، سترى ذلك قريبًا،" عندما سأله أحد المراسلين كيف تخطط إدارته للرد. كما ذكر ملاحظة عديمة القيمة، واصفًا تلك الأزمة بـ "تجعيدة، وأن الموقف كان يتجه ناحية التحسن، حتى وقع ما وقع."
خطأ فادح غبي، يختار ثيران النفط تجاهله
ولكن بينما كانت التوضيحات عشوائية، ومتفرقة، إلا أن محاولة ترامب إظهار الموقف على حقيقته كانت كالتالي: إيران ارتكبت خطأ، كبير، وربما غبي، ولكنه غير متعمد.
ويختار ثيران النفط تجاهل كلمات ترامب الواضحة، واندفعت أسعار النفط للارتفاع، بعد أسبوع من المرور بسوق اتسم بقسوته على الثيران، واستمر حتى يوم الأربعاء. فخرجت إدارة معلومات الطاقة يوم الأربعاء بتقريرها الأسبوعي حول بيانات النفط الأمريكية، والذي كان مليئًا بالتفاؤل، كما خرج الفيدرالي متحدثًا عن احتمالية تخفيض معدلات الفائدة. ولم يكن أمام دببة النفط أي فرصة في الوقوف أمام قطار الثيرانية الذي اندفع يوم الخميس.
بيد أن الأسعار تراجعت في فترة الظهيرة خلال جلسة التداول الآسيوية، إذ ذكرت صحيفة النيويورك تايمز اتخاذ ترامب قرارًا بعدم ضرب إيران، بعد موافقته المبدئية على توجيه ضربات عسكرية للجمهورية الإسلامية ردًا على إسقاط الطائرة المسيرة. وظل الخام القياسي الأمريكي مرتفعًا 9% للأسبوع، رغم ذلك الانزلاق، ليختم أفضل أسابيع التداول منذ أبريل 2018. وارتفع برنت، السعر القياسي البريطاني، 4% على الأساس الأسبوعي، وهو الأعلى له منذ شهر فبراير.
وتستمر احتمالية ارتفاع النفط قائمة خلال الأسبوع القادم، لو كانت البيانات الأمريكية حول مستودعات النفط الخام والبنزين قوية كما كانت لهذا الأسبوع.
وربما يشهد السوق ارتفاعًا حادًا، لو تمت محادثات إيجابية بين ترامب وفريقه، وبين الرئيس الصيني تشي جين بينغ، ومفاوضيه من بكين في اجتماع مجموعة العشرين، كما وعد ترامب. ويحاول الطرفان حل حرب تجارية دامت لعام بين القوى العظمى، وهددت بإشعال الركود العالمي.
وربما يُنثر بعض الغبار السحري الذي يدفع السوق للارتفاع، من انعقاد قمة الأوبك المتألفة من وزراء النفط في اجتماعات 1-2 يوليو، المعقودة في فيينا، واستمرار الحرب الكلامية مع إيران.
رغم ذلك، يوجد فرد واحد يمكن أن يخرب حفلة الثيران.
ومجددًا هذا الفرد هو ترامب نفسه.
ترامب يضع النفط في مقدمة الأولويات
حاول ترامب تحوير استجابته المبدئية لما قامت به إيران يوم الخميس، وانتهز الرئيس فرصة جديدة ليظهر أن ما يهمه في حملة إعادة الانتخاب هو: أسعار النفط المنخفضة. وتأكيده على عدم الرغبة في دخول حرب مع إيران، تزيد قوة هذا الزعم.
من الناحية التاريخية، يظهر أن لأسعار النفط، وضخ البنزين المرتفعة تأثيرات سلبية على إعادة انتخابات الرؤساء الأمريكيين.
ومن يتابع الرئيس الأمريكي، ترامب، منذ فترة يلاحظ أنه يحاول تجنب أي توترات جيوسياسية ينتج عنها رفع أسعار النفط، وضخ البنزين.
ويفسر لنا هذا موقفه، فترامب كان مهندس أغلب التوترات مع طهران، فهو من مزق الاتفاق النووي لعام 2015، وفرض عقوبات جديدة على البلاد، وهو أيضًا من سارع بالرد العنيف على الأحداث الأخيرة.
يقول أوليفير جايكوب، من الشركة الاستشارية للنفط في زوغ سويسرا، PetroMatrix،إن ترامب وضع أقصى حد من الضغط على الفيدرالي لتخفيض معدلات الفائدة، ليقر الأخير بتسهيلات اقتصادية لتحسن اقتصاد الأسهم، وتحسين أوضاع قاعدة مؤيديه.
ويضيف جايكوب:
"من الواضح أن الرئيس الآن يركز تركيزًا قويًا على إعادة الانتخاب في 2020. ولهذا، يرغب ترامب في سوق أسهم قوي، وأيضًا لا يريد حرب في الشرق الأوسط. تتفهم إيران هذا هي الأخرى، ونتيجة لذلك يزيدون من الاستفزازات العسكرية على أمس أن تراجع الولايات المتحدة عما تطلبه خلال المفاوضات."
هل يقف ترامب حجر عثرة في طريق صعود النفط؟
يأتي إسقاط الطائرة المسيرة أمس، الخميس، في أعقاب اتهامات لطهران بمهاجمة ناقلتي نفط في خليج عمان خلال الأسبوع الماضي، وخلال الشهر الماضي كانت إيران موضع الاتهام في عمليات تخريب الناقلات النفطية السعودية والإماراتية. كما يشن وكلاء إيران في المنطقة هجمات صاروخية على منشآت ذات صلة بالولايات المتحدة في العراق. وتعهدت إيران بتخصيب اليورانيوم مجددًا في بداية هذا الأسبوع، مما يزيد مخاوف سعي إيران لإنتاج أسلحة نووية.
لا ندري ماذا يخبأ ترامب للنفط في جعبته. فحاول الأسبوع الماضي استخدام رئيس الوزراء الياباني، شينزو آبي، كوسيط سلام بينه وبين إيران، ولكنه فشل فشلًا ذريعًا.
ولكن يحاول ترامب بكل التغريدات والتعليقات أن يصيب رالي النفط في مقتل، ويدفعه للهبوط. وربما يحاول مجددًا، وربما ينجح، وهذا ما يزيد إحباط الثيران.