المقال مترجم من اللغة الإنجليزية بتاريخ 9/8/2019
يبدو أن المملكة العربية السعودية مصممة على عدم السماح لأسعار النفط بالانهيار مجددًا.
ولكن، انقضى الآن أكثر من نصف فصل الصيف، وهو موسم القيادة في الولايات المتحدة، فهل يصب الوقت في صالح المملكة، مع أعضاء الأوبك الواقعين تحت تأثيرها، ويتمكنون من إنقاذ الأسعار هذه المرة، قبل نهاية العام؟
بعيدًا عن البيانات الصينية الأفضل من المتوقع، ارتفعت أسعار النفط يوم الخميس بعد تقرير من بلومبرغ اقتبس أقوالًا عن مسؤول رسمي سعودي مجهول الهوية، ذكر أن البلد لن تدع أسعار النفط تنزلق بقوة، كما حدث الأسبوع الماضي، وأضاف المسؤول أن السعوديين منفتحين على الخيارات المتاحة كافة، لإيقاف هذا الهبوط.
نتيجة لذلك، ارتفع خام غرب تكساس الوسيط، وخام برنت القياسيان أكثر من 2%، ليتمكنا من الخروج حبوًا من انخفاضات سبعة أشهر التي وقعوا فيها، ويكون هذا أول تعافي له معنى في أربعة أيام. ولكن، ما إن أتى يوم الجمعة، وفي بداية الجلسة الأوروبية، ظل خام غرب تكساس الوسيط منخفضًا نسبة 6% على الأساس الأسبوعي، وبرنت منخفض 7% من بداية الأسبوع وحتى اليوم.
ندرة الخيارات
رغم العزم السعودي على إصلاح السوق، ذكرت بلومبرغ في تحليل أن الخيارات المتاحة لفعل ذلك محدودة:
"تراجع خطى الاقتصاد العالمي، وما يصاحبه من نزاع تجاري بين الولايات المتحدة والصين، يضع المكابح على سرعة تقدم الطلب على النفط، لذلك فإذا قرر المنتجون تخفيض الإنتاج مزيدًا من التخفيض، ربما تستمر معاناة محاولة إعادة إحياء الأسعار."
الخطة السعودية غاية البساطة: زيادة حجم التخفيضات لترتفع عن 1.2 مليون برميل يوميًا، ذلك الرقم الذي التزمت به الدول الأعضاء وغير الأعضاء في الأوبك، ليستمر التخفيض حتى مارس 2020.
تخطط السعودية إلى إبقاء صادراتها النفطية أسفل 7 مليون برميل خلال الشهر القادم، وتعد السعودية أكبر منتجي الأوبك. في أوقات الرخاء، انتجت المملكة يوميًا من النفط ما يرقى إلى 10.3 مليون برميل، والوقت الراهن بالتأكيد ليس أحد تلك الأوقات الطيبة. يتوجب على أرامكو تخفيض حصص العملاء في الأقاليم كافة، بإجمالي رقم 700,000 برميل يوميًا، خلال شهر سبتمبر.
وبالنسبة للعملاء في أمريكا الشمالية، سترسل المملكة حوالي 300,000 برميل يوميًا أقل من الحصة الاسمية المجدول إنزالها في سبتمبر. أمّا بالنسبة للعملاء الأوروبيين، تنخفض حصصهم كثيرًا عن ذلك الرقم، وسيكون هناك تخفيضات متواضعة أيضًا للعملاء الآسيويين، بيد أن التفاصيل ليست متاحة للإعلان بعد.
أرقام المخزونات الأمريكية حرجة في هذه الأوقات
من بين الأرقام التي تصدرها إدارة معلومات الطاقة أسبوعيًا، ستكون الأهم: بيانات السوق الأمريكية حول الإنتاج، والاستهلاك، والموازنات، وتلك الأرقام أكثر شفافية من أي أرقام أخرى في العالم.
نجحت السعودية في تخفيض الصادرات النفطية للولايات المتحدة في الماضي نجاحًا مبهرًا، والدليل على ذلك: ارتفاع خام غرب تكساس الوسيط أكثر من 35% خلال الشهور الأربعة الأولى من هذا العام، في أعقاب ما أحدثته الإمدادات الغزيرة للسوق من خسائر بلغ إجماليها 45%، خلال الشهور الثلاثة الأخيرة من عام 2018.
اضطربت أرباح خام غرب تكساس الوسيط منذ بداية هذا الصيف، ولكن تمكنت تخفيضات الأوبك من وضع أرضية أسفل الأسعار تمنعها من الانزلاق لانخفاضات سحيقة. كما استمدت الأسعار بعض العون من الطلب المرتفع على النفط هذا الصيف. فهبطت المخزونات الأمريكية لسبعة أسابيع متتالية، وحتى يوليو حوالي 50 مليون برميل إجمالًا، وتلك المعدلات مرتفعة للغاية بالنسبة للسحب.
بيد أن الأوقات الطيبة لا تدوم، فبدا الأسبوع الماضي أن اتجاه السحب هذا وصل إلى نهايته، لتسجل الإدارة أولى الارتفاعات في مخزون النفط الخام الأمريكي منذ منتصف يونيو.
الجانب المشرق هنا، أن الوقت ما زال مبكرًا لإصدار حكم بشأن الارتفاع المحدود، 2.4 مليون برميل للأسبوع المنتهي في 2 أغسطس، وما إذا كان هذا بداية اتجاه جديد في حد ذاته.
أسابيع قليلة في ذروة موسم القيادة
ما هو معلوم حتى الآن: الباقي من الزمن في موسم القيادة أقل من أربعة أسابيع، إذ يصادف الثاني من شهر سبتمبر يوم العمال، وهو إجازة قومية، وتكون تلك شارة النهاية للموسم، حتى قبل أن يتحول الجو للبرودة.
استمرت عمليات السحب، المؤدية لانخفاض المخزونات، حتى منتصف سبتمبر من العام الماضي، ليتبعها 11 أسبوع من التراكمات استمرت لنهاية نوفمبر، وطرقت بمطرقة حديدية على رأس خام غرب تكساس ليهبط لأدنى المستويات، بنسبة هبوط بلغت 30%،
بالعودة للوقت الراهن، إذا عززت السعودية التخفيضات تعزيزًا واضحًا حتى نهاية سبتمبر، سيساعد هذا في وضع أرضية أسفل الأسعار تمنعها من الانزلاق الحاد.
ولكن تظل هناك ورقة من أوراق اللعبة في يد من لا يحب أسواق النفط ولا يطيق ارتفاعها، وهي: ورقة الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
يلوح في آفاق المستقبل جبال جليدية من الحروب التجارية
أقدمت بكين على تخفيض قيمة عملتها الأسبوع الماضي، ويبدو أن تلك الخطوة مجرد قمة الجبل الجليدي لما ينتظر الاقتصاد العالمي من صدمات، لا يقين حول حصول الأوبك على ما تريد بتخفيضها الإنتاج.
ورد في تقرير لمحطة سي إن بي سي، أن تخفيضات الأوبك لإنتاجها رغبة في رفع الأسعار ربما لن تؤتي ثمارها، لأن الصين ربما تخطط لتخفيض صادراتها من المنتجات النفطية الأمريكية في إطار ردها على ما تفعله الولايات المتحدة، عندها سيكون للولايات فائض في الإمدادات، ولن تتأثر بانخفاضات الواردات من دول الأوبك. لو صدقت تلك التكهنات، سيتسبب هذا في تخمة المخزونات الأمريكية أسبوعيًا، مما يضغط على خام غرب تكساس الوسيط ويدفعه للانخفاض. وكان الأسبوع الماضي مثالًا صارخًا على ما يمكن أن يفعله التراجع في الصادرات النفطية الأمريكية: فتراجعت الصادرات 710,000 برميل، مما أدى لتراكم المخزونات بـ 2.4 مليون برميل يوميًا.
ما سيمد الأوبك بالدعم في ظل هذا المناخ هو: تراجع الإنتاج الأمريكي.
ولكن، تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فالأسعار المنخفضة ربما يلزمها تراجع قوي في الإنتاج الأمريكي، بينما يستخرج منتجو النفط الصخري كميات هائلة.
وشرحت ايلين والد، رئيس Transversal Consulting، وأحد الكتّاب المساهمين في Investing.com، هذا المنطق في تحليلها للسوق هذا الأسبوع:
"طالما لم تهبط أسعار النفط أسفل 40 دولار، يظل منتجو النفط الصخري، افتراضًا، قادرين على استكمال أعمال الحفر والتوسع. ويساعدهم في هذا السعة المتزايدة لخطوط الأنابيب التي تبدأ عملها في 201، وتلك الشركات قامت بالفعل بحفر بعض الآبار، ولكن العمل عليها ليس مكتملًا، بالتالي لن تتطلب الكثير لاستخراج النفط منها."