المقال مترجم من اللغة الإنجليزية بتاريخ 11/9/2019
وقع دراغي في معضلة. فارتفعت حوله التوقعات إزاء تخفيض البنك المركزي الأوروبي لمعدل فائدته، ورفعه لمشترياته من الأصول، ويطمأن السوق لاتخاذ المركزي الأوروبي حزمة لا نهاية لها من إجراءات التحفيز، وهذا ما زاد المسألة صعوبة على رئيس البنك المركزي الأوروبي، إذ يصعب تحقيق تلك التوقعات كلها في اجتماع المجلس الحاكم المنعقد يوم الخميس.
وارتفعت أسعار السندات في ترقب لعودة البنك المركزي الأوروبي للشراء، مما دفع عوائد السندات الحكومة لمنطقة سلبية. كما أعدت البنوك الشكاوى حول معدلات الفائدة السلبية وتأثيرها على الإيداعات، فحتى لو كان التخفيض 0.1%، مضاف على الـ 0.4% السالب الحالي، ستلاقيه البنوك بمقاومة. كما تنظر بعض البنوك لمعدلات الفائدة الضعيفة تلك على أنها وسيلة لاستبعاد كمية معينة من الودائع من نسب الغرامة.
ومن ناحية دراغي، له أن يحدد مسار للسياسة يقيد من يلحقه بالمنصب لفترة من الوقت. وإذا استمر على الأجندة الحالية، ستظل يد كريستين لاغارد مقيدة حتى نهاية العام القادم، رغم أنه وبذلك الوقت سيكون دراغي خارج منصبه منذ 14 شهر. كما تتوارد أسئلة لم تُطرح من قبل حول متى فاعلية تلك الحزم التيسرية في تحسين النمو الأوروبي الواقف على شفا الركود، أو هل يمكن فعل أي شيء لرفع معدل التضخم، السبب الرئيسي الذي يدفع دراغي للتصرف.
على الجانب الآخر، يغوص الصقور (من غير المحبين لخفض المعدلات) عميقًا في الصفحات الاقتصادية، ويخرجون محذرين من استخدام البنك المركزي الأوروبي لكل قوته الآن، في أثناء تزايد مخاطر الهبوط. وعارضهم رئيس البنك المركزي الألماني، ينس فايدمان، بالطبع. إذ يحارب فايدمان الإجراءات التيسيرية، سواء كانت تخفيضات لمعدلات الفائدة، أو خطة استثنائية لشراء الأصول.
كما أن العلاقة بين فايدمان ودراغي لم تكن متقاربة، خاصة بعد إسقاط فايدمان من اختيارات رئاسة البنك بعد دراغي، واختيار لاغارد بدلًا منه، لميلها إلى التيسير. وخرج الشهر الماضي ضد سياسات التيسير النقدي، خاصة ضد شراء السندات.
في الوقت الراهن، تصدر أصوات معارضة من البنوك المركزية في: النمسا، وأستونيا، وهولندا. بينما تساءل محافظ البنك الفرنسي، فرنسوا فيليروي دي جالهوي، المائل لمعسكر الصقور حول قدرة برنامج شراء السندات على العوائد شديدة الانخفاض. بينما ضغطت عضو لجنة مسؤولي المركزي الأوروبي، سابين لوتينشلاغير، نحو اتخاذ سياسة تيسير أعمق.
ويحصل كل واحد من هؤلاء الأعضاء على صوت واحد على أقصى تقدير في المجلس الحاكم، والذي يوجد به الآن 25 عضو. فالمحافظ الفرنسي على سبيل المثال لن يصوت في هذه الدورة وفق نظام التصويت للبنك. ولكن هذا لم يمنع من زيادة أصوات المعارضة التي ربما تجبر دراغي على تخفيض حزمة المحفزات التي يقرها، حتى يترك البنك وهو متخذ قرارات عليها نوع من الإجماع.
ربما ينخفض سعر الفائدة لـ سالب 0.5 أو سالب 0.6%، بدلًا من سالب 0.8% كما يأمل الحمائم. ولكن البنك المركزي الأوروبي ربما يلجأ لتخفيض قوي، لتخفيف وطأة ما يواجه الاقتصاد في منطقة اليورو.
ومن غير المحتمل أن يتراجع دراغي عن تجديد مشتريات البنك من الأصول، ولكنه ربما يضع خطة لتخفيض الكم، على الإطار الزمني. وتقف التوقعات في الوقت الحالي عند 30 مليار يورو، إلى 40 مليار يورو من الدين الحكومي لهذا الشهر. وربما لا يستمر في رفع المشتريات من أي حكومة، ويقف الآن المعدل عند 33%.
ولكن لماذا يتراجع إذا كان القلق حول أن الإجراءات بصورتها الأصلية سيكون تأثيرها محدود على أي حال؟ ما فائدة نصف إجراءات الآن، والنصف الآخر فيما بعد، إذا كانت الإجراءات بصورتها الكاملة عاجزة.
اثبت دراغي على مر سنوات إدارته قوته، وقدرته على التحكم بما بين يديه، وسيضع البنك على مسار صحيح لاستكمال خططه. فيحصل دراغي على دعم قوي من الاحتياطي الفيدرالي، بينما يتجه الأخير نحو تخفيض فائدته الأسبوع القادم.
وربما لن يغادر دراغي منصبًا بعد إحداث تغيير جذري في مسار الاقتصاد، لكنه أيضًا لن يغادر والاقتصاد بحالة مزرية.