المقال مترجم من اللغة الإنجليزية بتاريخ 16/1/2020
هل الأوبك منظمة احتكار؟ ينفي وزير النفط السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، هذا.
ألقى الأمير وزير الطاقة خطابًا في مؤتمر تكنولوجيا البترول، ونفى هذا الافتراض حول المنظمة، ليشرح أن وسائل الإعلان هي من قالت إن أوبك منظمة احتكارية لسوق النفط، رغم أن المنظمة لا تتوفر بها أي من سمات المنظمات الاحتكارية.
ونفي الصفة الاحتكارية عن أوبك مبني بناء رئيسي على الحقائق التاريخية المشيرة لفشل المنظمة في وضع سعر محدد للنفط. ولكن، هناك رأي آخر، فرغم أن المنظمة غير مؤثر بالسعر، إلا أنها ضرورية للمتداول، وهي من يضع سيناريوهات للتلاعب بالأسعار على المدى القصير والطويل.
هل هذا التعريف مناسب؟
المنظمة الاحتكارية تتألف من منتجين أو أكثر لمنتج معين يتحالفان لتقييد الإمداد، وضبط الأسعار.
وعادة تعد أوبك من الأمثلة الكلاسيكية على هذا التعريف. خلال السبعينيات من القرن الماضي، تحكمت المنظمة في 70% من الإمداد العالمي للنفط، وكانت قادرة على حرمان العالم منه. ويوجد بها بعض الصفات المميزة للمنظمات الاحتكارية، مثل التنسيق، والعمل في تناغم للحد من الإنتاج ورفع الأسعار.
على سبيل المثال، في الأسابيع المعقبة لصدمة النفط في 1973، تفاوضت دول منظمة الأوبك ككيان واحد مع الشركات النفطية العالمية لتحديد السعر. وعندما أخفقت المفاوضات، قررت الأوبك إعادة التسعير بمفردها. وفي 1973، نجحت الأوبك بالفعل في وضع سعر لنفط الدول الأعضاء، وليس فقط الكمية المنتجة، أو المصدرة.
وفي نفس الوقت، سعى المنتجون من الأوبك إلى السعر الأعلى لبيع النفط، بينما منتجين آخرين قرروا السعي وراء الأسعار المعقولة للسلعة. وجادل وزير النفط السعودي في ذلك الحين، زكي يماني، على أن الأفضل للمنظمة أن تسعى لأسعار مناسبة بشكل ما، لأنها لو كانت مرتفعة للغاية ستهدد عندها النمو الاقتصادي العالمي، وربما تسبب ركود، وفي تلك الحالة لن يباع النفط على الإطلاق.
وقال إن الأسعار كانت مرتفعة للغاية، وهذا من شأنه دفع المنافسين إلى زيادة فرصهم في السوق للبيع بأسعار أقل. وكان يماني يود لو كانت الأسعار بين 7 و8 دولار، ولكن أوبك وضعت السعر عند 13 دولار.
متلاعب ناجح بالسعر؟
من المنظور التاريخي، تجاوز بعض الأعضاء في الأوبك حصتهم الإنتاجية، وزادوا الإنتاج لزيادة العائد. يعزى لهذا المنظور تحديدًا نفي صفة الاحتكار عن أوبك. بيد أن هذا محض تصرف طبيعي، وسبب رئيسي لفشل المنظمات الاحتكارية أغلب الوقت، خاصة في ظل غياب أي عواقب على انتهاك سقف الحصة المخصصة.
في حالة محتكري العقاقير، يجتمعون لتحديد السعر، ولكن هناك رادع لهم من الخروج عن السعر المخصص. أمّا الأوبك فلا تطبق أي نظم عقوبات، وهذا ما يهدد دومًا بفشل محاولات التحكم بسعر السوق.
واليوم، هبط إنتاج أوبك إلى 40% من الإمداد العالمي. ونظرًا لما واجهت أوبك من تحديات فيما يتعلق بتقييد الإمداد لبعض الوقت للتحكم بالسعر، قررت المنظمة إغراق الأسواق لتخفيض الأسعار عوضًا عن العكس.
وحقيقة أن الأوبك لا تنجح دائمًا لا تعني أنها ليست منظمة احتكارية. وفوق هذا وذاك، زادت الأوبك من إنتاجها وخفضت الأسعار، وتلك من استراتيجيات المنظمات الاحتكارية. ففي 2014، قرر وزير النفط السعودي، علي النعيمي، رفع الإنتاج من أوبك لإغراق الأسواق، واستعادة مركز المجموعة في السوق، في مواجهة ثورة النفط الصخري في أمريكا الشمالية. وحينها نجحت أوبك في الهبوط بالسعر.
واليوم، يرفض وزراء النفط من أوبك الإجابة عند السؤال عن السعر الذي يرغبون في وصول السلعة إليه. وتعد السعودية والإمارات من أكبر المنتجين في أوبك، وفي كل مرة يؤكدون على استقرار الدعم، والسوق المحافظ على استقراره باستدامة لا يوجد له هدف سعري.
ولا تعكس البيانات الرسمية المنشورة أي اجتماعات خاصة بين الوزراء. وبسبب ما فعلته الأوبك في السبعينيات من القرن الماضي من زعزعة الاستقرار لدرجة أفضت للركود، ينظر لها الأسواق بعين الريبة.
نظرًا للنفط الأمريكي الجديد، وظهور منتجين جدد، فقدت الأوبك جزء من زمام الأسواق، ولم تكن قادرة على التحكم تمامًا بالسعر في السابق. إلا أن في الفترة الراهنة، ترى الدول منافع أقل من الانضمام إلى المنظمات الاحتكارية، وتفضل لو تظل على سياساتها الحرة. ونجحت الأوبك أخيرًا في رفع الأسعار، واستفاد الجميع.
ولهذا السبب تحديدًا، يقول وزير النفط السعودية أن أوبك ليست احتكار. وقال إنه يرى المجموعة كعدد من المنتجين المسؤولين، وليسوا كارتل.
لماذا نعير اهتمام لهذا؟
قرارات الأوبك ما زالت شديدة الأهمية فيما يتعلق بسوق النفط، رغم أنها لم تعد قادرة على التحكم كما كانت في السابق. وبعض قرارات الأوبك لها تأثير محدود الفترة الزمنية، بعد إعلان فيينا أنها ما زالت قادرة على تحريك الأسواق.
كما انضم للسوق شركاء جدد مثل روسيا، وهذا ما يزيد من قدرة المنظمة على التحكم بالسعر. بيد أن هذا له التغير الآن، لأن بعض الشركات الكبرى قررت التوقف عن زيادة الإنتاج بقوة والتنقيب عن مصادر جديدة، وهذا ربما يعيد أوبك للسيطرة على 50% من النفط. ومن ثم، ربما تصعد أوبك بقوة لتحريك السوق.