يتعرض النفط فعليا لضغوط هائلة بفعل قرارات حكومية كما في حالة العربية السعودية ، أو ضغوط غير منتظرة كما في حالة فايروس كورونا وتبعاته ، إضافة إلى سياسات خاطئة مرتبطة بحيازات حصص سوقية على المدي البعيد.
البداية كانت من خارج المنظومة النفطية ومع ظهور فايروس كورونا الذي أصاب قطاع الصناعة في الصين بالشلل وتسبب في تراجع الطلب العالمي على النفط على خلفية عزوف أحد أكبر مستوردي النفط وهي الصين عن الشراء.
لكن يبدو أن ذلك لم يكن كافيا فبينما ينتظر العالم إجتماع أوبك لخفض الإنتاج وإعادة الأسعار للتوازن وجدت روسيا أنها لا تحتاج للتفاعل مع الأمر وبالتالي لم تمنح موافقتها على تخفيض الإنتاج لتضرب الأسعار من جديد.
لكن العربية السعودية التى تضع عينا على إنتاج النفط الصخري وكيف يمكن أن تفلس شركاته، وعين على الخصم اللدود الروسي الذي لا يوافق إطلاقا على أي مقترح سعودي وتمتلك العربية السعودية تاريخ غير سعيد مع روسيا داخل منظمة الأوبك، العربية السعودية قررت ضرب كل العصافير بحجر واحد، خفض مفاجئ لسعر بيع البرميل إلى آسيا لخلق طلب على النفط السعودي، الهدف الواضح هو الحفاظ على الحصة السوقية.
والهدف الأقرب هو خلق طلب على النفط الرخيص لتعويض مخزونات آسيا التى استهلكت كثيرا من إحتياطيها الذي اشترته بأثمان أعلى كثيرا ومنها ما كان قيمته بحدود 60 دولار للبرميل مطلع هذا العام ، أما الأهداف العدائية أو الإنتقامية فكان أولها توجيه ضربة موجعة للدب الروسي الذي خذلها داخل أوبك ، والهدف الإنتقامي الثاني هو دفع منتجي النفط الصخري إلى الإفلاس على خلفية خفض الأسعار بينما تتجاوز تكلفة إنتاج برميل النفط الصخري فعليا سعر النفط السعودي الرخيص.
لكن فعليا يمكن أن نلاحظ أننا لم نعد حتى الآن وحتى بعد إعلان منظمة الصحة العالمية فايروس كورونا وباء عالمي ، ولا بعد وقف دونالد ترامب السعر من وإلى أوروبا لمدة شهر ، حتى مع تضافر كل تلك العوامل مازلنا نتداول أعلى سعر لحظة الصدمة ( حدود الـ 26 دولار للبرميل ).
السبب ربما كان أبسط من أن يلفت نظر الكثيرين ، ببساطة هناك العديد من الدول التى حتى لو لم تكن تحتاج النفط الآن إلا أن فرصة بناء إحتياطي إستراتيجي رخيص السعر هو أمر مغري جدا للدخول كبائعين للسوق ، يمكن لتلك الدول أن تبنى إحتياطي ستراتيجي ممتاز بأسعار زهيدة يسهم في دعم ميزانيات دول تأثرت أو ستتأثر فعليا من جائحة فايروس كورونا وبالتالي سيكون لديها أفضلية في خفض تكاليف الإنتاج بالضغط على عنصر تكلفة الطاقة المستخدمة ، لا سيما أن الكثير من تلك الدول فعليا كان لديها تراجع في إحتياطيها الإستراتيجي.
هذا فعليا ما يحافظ على بقاء النفط أعلى 26 دولار للبرميل حتى الآن
لذلك وبإنتظار ما سيحدث نتوقع أن يظل سوق النفط مضطربا لا يحكم توازناته سوى مشتريات الدول التى تبنى إحتياطات ستراتيجية رخيصة حاليا ، وربما يظل الأمر كذلك إلى شهر مايو القادم ، لكن ربما يتسبب إعلان مفاجئ عن دواء ناجع لفايروس كورونا في تعجيل وتسريع الأمور بوتيرة متسارعة.
كما أن الرئيس الأمريكي الحائر حاليا وخلال عامه الإنتخابي حيث سيواجه تراجع في الشعبية في الولايات النفطية مع ضغوط من منتجي النفط الصخري ممن أصبحوا هم والبنوك الصغيرة الداعمة لهم مكشوفين فعليا في الأسواق وعرضة للإفلاس خلال فترة قصيرة لذلك نتوقع أن نشهد تعافيا على المدي المتوسط لأسعار النفط بإستهداف مناطق 40 دولار للبرميل وهو أقل من سعر التعادل اللازم للميزانية الروسية وبعيدا تماما عن سعر التعادل الذي تحتاجه الميزانية السعودية وهو 82 دولار للبرميل.
لكن قفزة بإتجاه 40 دولار للبرميل ستكون منطقية على الطريق نحو إعادة التداول ضمن هامش متحرك حده العلوي 60 دولار للبرميل والحد السفلي 50 دولار للبرميل مرة أخرى وهو القاع الذي يمكن أن يحافظ على المملكة قادرة على البقاء ضمن سوق المشترين لتكنولجيا السلاح الأمريكية وفي نفس الوقت يبقى على فرص شركات النفط.
للإشتراك في لمتابعة المقالة الأصلية اضغط هنا للإشتراك الآن ثم قم بمتابعة صفحتي الشخصية على الموقع
الصخري في البقاء على السطح