Investing.com - اتفقت أوبك+ يوم الأربعاء الماضي على تيسير قيود الإنتاج التي فرضتها في شهر أبريل. تبدأ التيسيرات من شهر أغسطس المقبل، مع عودة الاقتصاد العالمي إلى الحياة تدريجيًا بعد الأضرار الجسيمة التي ألحقها فيروس كورونا به. فرضت المنظمة في الفترة ما بين أبريل-يوليو تخفيضات تاريخية للإنتاج مقدرة بـ9.7 مليون برميل يوميًا من الإمداد العالمي، بعد انهيار أسعار النفط لتراجع الطلب تراجعًا غير مسبوق. وتخطط المنظمة الآن لتخفيض الإنتاج لـ7.7 مليون برميل يوميًا حتى شهر ديسمبر/كانون الأول. استجاب النفط استجابة سلبية لتلك الأنباء، مع انخفاض نفط خام غرب تكساس الوسيط لسعر 40.47 دولار للبرميل، أمّا خام برنت فتراجع 43.08 دولار للبرميل.
وبينما تلك التحركات السعرية ربما تفهم في سياق تحركات السوق الفنية، إلا أن النفط في قلق حيال احتمالية إسراع أوبك+ لرفع القيود خاصة في ظل ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا في الولايات المتحدة، أكبر مستهلك للنفط في العالم.
الموجة الثانية من فيروس كورونا؟
تدور المخاوف حيال تسبب إعادة فرض القيود في دفع أسعار النفط للانزلاق، خاصة إذا أعادت الاقتصادات فرض قيود شاملة مرة أخرى، ما يعيد النفط لمستوياته شديدة الانخفاض.
في الواقع، أقرت أوبك بنفسها باحتمالية العودة للتخفيضات القوية مجددًا حال ضربت الموجة الثانية لفيروس كورونا العالم بنفس القوة.
الأنباء السيئة هنا: 10 ولايات أمريكية على الأقل -خاصة فلوريدا، وتكساس وآريزونا- مجبرة على العودة إلى الإغلاق الجزئي على الأقل، أو غلق قطاعات، بعد الارتفاع القياسي في حالات الإصابة بفيروس كورونا بعد أسابيع من إعادة الافتتاح.
تصل حالات الإصابة الجديدة يوميًا في الولايات المتحدة لـ60,000 وما فوق، ضعف الأرقام المسجلة في أبريل الماضي. ويقول الطبيب أنتوني فاوتشي، مدير المعهد القومي للحساسية والأمراض المعدية، إن حالات الإصابة ربما تتجاوز 100,000 حالة يوميًا إذا لم تستطع الولايات المتحدة اختواء المرض. تجاوزت الإصابات الآن في الولايات المتحدة 3.5 مليون، وقرابة الـ140,000 حالة وفاة.
كما تلوح نفس المخاطر في دول كبرى أخرى مستهلكة للنفط، مثل: الهند والبرازيل.
كما أن هناك أسباب أخرى تحول دون عودة النفط لنفس المستويات السابقة المسجلة في شهر أبريل.
والأسباب في هذا تنحصر في التالي:
- الصين
بداية ظهرت الأزمة الصحية تحت مستويات معقولة في دول عدة، مع تقديم الصين لطريقة التعامل مع ما يعرف بالموجة الثانية لفيروس كورونا.
كان الصين من بؤر تفشي الوباء المبكرة، ومرت بالمرحلة الثانية من التفشي، واحتوتها سريعًا متبنية نفس الإجراءات التي تنتهجها ولايات أمريكية عدة، من الاختبارات الواسعة، وإعادة فرض القيود على القطاعات أو المناطق التي ترتفع فيها الحالات. ويجادل البعض بأن الولايات المتحدة لا تشهد في الوقت الحالي موجة ثانية من فيروس كورونا وما زالت في الموجة الأولى للانتشار.
- الدواء
حصل العالم الآن على لمحة أفضل للتعامل مع وباء كورونا، مقارنة بما كان الوضع عليه قبل أربعة أشهر ماضية، ناهينا عن ذكر العلاجات التي تقدمها شركات: مودرنا، وعلى ما يبدو تقترب الشركة من التوصل لعلاج.
وترتفع أسهم مودرما قوية بعد دراسة منشورة في دورية الطب من نيو إنجلاند، تقول إن الاختبارات السريرية لمصل mRNA-1273 لعلاج فيروس كورونا نجح في توليد أجسام مضادة في 45 مريض أجرى عليهم الاختبار، وما زال الاختبار في مرحلته الأولى. ومستويات الأجسام المضادة المنتجة في المجموعة الاختبارية مكافئة لمستويات الأجسام المضادة في أجساد المتعافين ممن تناولوا mRNA-1273.
تصدر بيانات المرحلة الثانية بين أغسطس، وسبتمبر. وعلى الرغم من أن السباق لم ينته في هذا المضمار بعد، إلا أن الحقيقة المؤكدة حيال قدرة المرضى على إنتاج أجسام مضادة، تزيد من نجاح المسعى.
وتستجيب الأسواق إيجابيًا لمثل تلك البيانات.
الالتزام بالقواعد
عندما أعلنت أوبك+ عن تخفيض الإنتاج بمعدل غير مسبوق بـ9.7 مليون برميل يوميًا كانت هنالك شكوك قوية حول معدلات الالتزام. وتلك الشكوك اشتدت في الشهر الأولى عندما سجلت الدول معدل التزام لا يزيد عن 74%.
ولكن أسهمت تلك التخفيضات في إعادة السوق لتوازنه، ويبدو أن الأعضاء اليوم مستمرين في الالتزام بخططهم.
خلال الاجتماع الأخير، قال سمو وزير الطاقة السعودية، عبد العزيز بن سلمان، إن الإنتاج سيرتفع بحوالي 1.15 مليون برميل يوميًا عن مستويات شهر يونيو، أو 43% أقل من الرقم الرسمي للزيادة المقدر بـ2 مليون برميل. ولن تتجاوز الزيادة 840,000 برميل يوميًا مع تعويض المخالفين عن المخالفات.
يظل الإنتاج العالمي أقل من 10% مقارنة بمستويات ما قبل الأزمة، وما زالت هوامش التكرير ضعيفة، ولن تكرر أوبك ما حدث في أبريل.
تستمر تخفيضات الإنتاج من المنتجين في الولايات المتحدة قوية، بهبوط 7.5 مليون برميل للأسبوع المنتهي في 10 يوليو، بمتوسط انخفاض 2.1 مليون برميل. وسجل معهد البترول الأمريكي تراجعًا بـ8.3 مليون برميل في مخزونات النفط الخام، بينما سجلت إدارة معلومات الطاقة تراجعًا بـ7.53 مليون برميل
وإلى الآن لقن فيروس كورونا الدرس لجميع الدول المنتجة للنفط، وعرفوا إلى أي مدى يمكن أن تسوء أحوال السوق، كما عرف العالم الإشارات التي تنذر بكارثة صحية شاملة، وعلى الأرجح لن يحارب أحد أساسيات سوق النفط في الوقت الحالي.