باتت أيام الدولار بوصفه عملة احتياطية للعالم معدودة ما يفسر بروز الذهب من جديد وبداية العودة الى الأصول الثابتة في كل عام ينقل مزيد من الذهب من الخزائن في الغرب الى الشرق في إشارة ترمز الى تغير القوى في الميزان العالمي.
هذه الجملة نسمعها دائما منذ سنوات لكن في كل مرة مهما كان حجم الازمة نجد بان الدولار يحافظ دائما على مكانته وينجح في الخروج منتصرا بفضل السياسات الاقتصادية ودور الفدرالي الأمريكي.
بالعودة إلى الذهب نجد بأن الصراع الذي أججه ترامب منذ 2018 بفرضه تعريفات جمركية جديدة على الصين أدت الى ارتفاع أسعار الذهب بشكل كبير باعتباره ملاذا آمنا في ظل التوترات السياسية بين أقوى اقتصادين بالعالم.
نلاحظ انه كلما انفرجت أو تأزمت هذه التوترات يتبعها الذهب ارتفاعا وانخفاضا ونلاحظ أيضا انه كلما ارتفعت التعرفة الجمركية ارتفع معها الذهب.
أغلب التوقعات تشير الى أن أسعار الذهب سيتجاوز حاجز ال 2200 $ للأونصة العام القادم، لكن ماذا سيحدث للدولار وقتها؟ هل سيتم السماح للذهب بتحقيق هذه الأرقام على حساب الدولار؟ هل سيفقد الدولار قيمته باعتباره العملة الاحتياطية الأوحد؟ هل سيفقد مكانته عالميا؟
في الواقع تشير الأرقام والتاريخ أنه في كل مرة يشعر اقتصاديو الولايات المتحدة الأمريكية بسحب البساط من تحتهم يتم التدخل فورا وكل مرة ينجح هذا التدخل ويحافظ الدولار على مكانته عالميا لتظهر بعدها مقولة شهيرة " الدولار يمرض ولا يموت ".
في كتابه الانهيار الكبير يشير ويليام مديلكوب لوجود تحول في النظام العالمي يتمثل بفتح الباب أمام عودة الذهب لمكانته كركيزة أساس في النظام المالي العالمي وهذا ما بات يدركه العالم والولايات المتحدة الامريكية والتي باشرت بالتخطيط للتحول في سياساتها النقدية.
عام 2000 قامت الولايات المتحدة بإضافة 8 آلاف طن من الذهب إلى مخزونها من الاحتياطي ليشكل 78.3% من إجمالي الاحتياطات النقدية.
أما الصين فمعروف للجميع انها بدأت من وقت ليس بالقليل بدعم مخزونها من المعدن الأصفر من خلال عمليات شراء مباشرة أو من خلال عمليات الاندماج والاستحواذ على مناجم الذهب حول العالم، لتتصدر قائمة الدول الأكثر إنتاجا للذهب ب 12% من إجمالي الناتج العالمي أي بحوالي 384 طن بينما تأتي الولايات المتحدة الرابعة عالميا بحوالي 201 طن.
يتضح جليا لنا أن السباق في أوجه وأن الغلبة لمن يسيطر على هذا القطاع لكننا نعلم أيضا أن الصين قبل الولايات المتحدة لا تريد دولارا ضعيفا فهي أكبر المشترين للديون الامريكية هي لا تريد ذلك اقلها الآن...
ونعلم أيضا أن الولايات المتحدة وجزء كبير من العالم لا يريد ان يفقد الدولار مكانته عالميا فقوة الدولار مقترنة بقوة الولايات المتحدة فهل سيتم التدخل لمنع الدولار من الانهيار؟ الجواب هو نعم ... كيف؟ سنوضح أمثلة في الحلقة القادمة....
تنويه: هذه السلسلة ليست للتخويف او لبث الذعر بين المتداولين انما محاولة حقيقية لمعرفة الحقائق وطريقة عمل النظام المالي العالمي...