مازال الدولار في تقدُم أمام العملات الرئيسية بعدما قام أعضاء لجنة السوق مرة أخرى برفع مُتوسط توقعهم بالنسبة للنمو ليكون ب 7% هذا العام من 6.5% كانوا يتوقعونها في مارس الماضي بعدما كانت تُشير هذه التوقعات ل 4.2% عقب اجتماع السادس عشر من ديسمبر الماضي نتيجة لخطط بايدن لمواجهة الفيروس بما قيمته 1.9 تريليون دولار وتتابع خطط الحكومة الأمريكية لدعم النمو الاقتصادي.
كما رفع أعضاء اللجنة توقعهم بالنسبة للتضخُم ليبلُغ مُؤشر الأسعار للإنفاق الشخصي على الاستهلاك المؤشر المُفضل للفدرالي لاحتساب التضخم 3.4% هذا العام من 2.4% كان يتوقعها الأعضاء في مارس الماضي مع وصف الصعود الجاري في بيانات التضخُم السنوية بالاستثنائي مرة أخرى، لكن ذلك لم ينفي إدراكهم بتزايُد صعود التضخم مع مرور الوقت بفضل التطعيم ضد الفيروس والجهود المبذولة من جانب الفدرالي والحكومة أيضاً.
وهو ما أدى لرفع الأعضاء مُتوسط توقعات أعضاء اللجنة بشأن سعر الفائدة الذي كانت تترقبه الأسواق، فقد أظهر توقع الأعضاء برفع سعر الفائدة ب 0.5% خلال 2023 بعدما كانت تُشير توقعاتهم بعد إجتماع مارس لعدم الرفع قبل نهاية 2023 وهو ما يعني بطبيعة الحال أن اللجنة ستقوم بتخفيض دعمها الكمي البالغ مُعدله الشهري حالياً 120 مليار دولار في وقت أقرب مما كانت تنتظر الأسواق.
ما تسبب في صعود للعوائد على إذون الخزانة الأمريكية في أسواق المال الثانوية ليقترب العائد على إذن الخزانة الأمريكي لمُدة 10 أعوام الذي عادةً ما يجتذب أعيُن المُتعاملين في الأسواق مرة أخرى من 1.60% بعدما كان دون ال 1.50% لكن بالقرب منها قبل انتهاء الاجتماع ما أعطى الدولار جاذبية أمام العملات الرئيسية وأمام الذهب الذي تواصلت تراجُعاته ليهوي اليوم دون الـ 1800 دولار للأونصة بعدما كان بالقرب من 1860 دولار للأونصة لكن دونها قبل هذا الاجتماع.
ليتمكن الدولار من اختراق مُستوى مقاومته السابق أمام الين عند 110.32 ليتواجد حالياً عند 110.70، كما تواصلت تراجُعات اليورو أمام الدولار ليهبط على الآن خلال جلسة التداولات الأوروبية ل 1.2927 بعدما كان عند 1.2110 قبل انتهاء اجتماع الأمس، كما هبط الإسترليني ليتواجد حالياً بالقرب من 1.3945 أمام الدولار بعد ان كان قد تمكن من الصعود بالأمس ليصل ل 1.413 على إثر صدور من بريطانيا مؤشر أسعار المُستهلكين عن شهر مايو ليُظهر ارتفاع سنوي ب 2.1% في حين كان المُتوقع ارتفاع ب 1.8% بعد ارتفاع في إبريل ب 1.5% وهو ما تزيد معه أيضاً احتمالات قيام بنك إنجلترا برفع سعر الفائدة في وقت أقرب من المتوقع، بينما يستهدف البنك صعود هذا المؤشر ب 2% سنوياً على المدى المُتوسط.
كما تزايدت الضغوط على العقود المُستقبلية لمؤشرات الأسهم الأمريكية ليهبط مؤشر ستاندارد أند بورز 500 المُستقبلي دون الـ 4200 قبل ان يعود ليصعد حيثُ يتواجد حالياً بالقرب من 4205 بعد أن كان قد تمكن من تسجيل مُستوى قياسي جديد عند 4268.5 يوم الثلاثاء الماضي الذي سجل فيه أيضاً مؤشر ناسداك 100 المُستقبلي مُستوى قياسي جديد عند 14171.4 قبل أن يتراجع ليتواجد حالياً بالقرب من 13900 نتيجة بيان مبيعات التجزئة المُحبط عن شهر مايو الذي أظهر انخفاض شهري بلغ 1.3% في حين كان المُتوقع تراجُع ب 0.8% فقط ليُتبع ذلك باجتماع الفدرالي الذي أظهر استعداد أكبر مما كانت تتوقعه الأسواق لمواجهة ارتفاع التضخُم بتضييق سياساته التحفيزية.
كما سبق وذكر كريستوفر والار المُنضم للجنة السوق المُحددة للسياسة النقدية للفيدرالي بنهاية ديسمبر عندما صرح بأنه "لا يعتقد أن أي شخص داخل اللجنة سيكون في غاية الارتياح أثناء مُشاهدة التضخُم يرتفع ل 3% سنوياً ويستقر فوقها لفترة من الوقت" مشيرًا إلى أن القلق الأكبر في المرحلة القادمة سيكون في حال تزايدت توقعات التضخم الفعلية مع تحسُن الأداء الاقتصادي رغم أنه أشار لاحقاً هو الأخر إلى أن ارتفاع التضخُم الحادث حالياً مرحلي وأنه من المُمكن أن يستمر خلال 2022 بعد فتح الاقتصاد بشكل كامل.
بينما جاءت تصريحات رئيس الفدرالي جيروم باول بالأمس خلال المؤتمر الصحفي الذي أعقب اجتماع أعضاء لجنة السوق لتُشير إلى أن الفدرالي يرى تقدم إسراع من المُتوقع نحو بلوغ أهدافه داخل سوق العمل وبالنسبة للتضخُم الذي تتزايد فُرص ارتفاعه مع عودة الاقتصاد للعمل بفضل التطعيم ضد الفيروس والسياسات التحفيزية التي قام بها الفدرالي وهو ما جعل الأعضاء يبدأون في نقاش قد يستمر لأشهر حول تناسُب خطة الدعم الكمي ومُعدلاتها مع التقدُم الذي يُحرزه الاقتصاد.
هذا النقاش ذكره باول بالإسم تحديداً ليُعبر عما يدور حالياً داخل اللجنة للأسواق بعدما أظهرت وقائع الاجتماع الأخير في 28 إبريل الماضي احتمال بدء هذا النقاش في الاجتماعات القادمة مع استمرار تعافي الاقتصاد وتحسُن أدائه
بينما كانت رسائل باول بعد الاجتماع الثامن والعشرين من إبريل الماضي تُشير إلى "أن الحديث عن خفض للدعم الكمي هو حديث سابق لأوانه ومُعلق بوصول الفدرالي لأهدافه داخل سوق العمل وبالنسبة للتضخم"، كما أوضح حينها أيضاً أن الفدرالي لن يقوم بتضييق سياساته الحالية دون إحراز تقدُم كبير في هذا الشأن".
بالطبع هناك اختلاف كبير في موقف الفدرالي وتقييمه الاقتصادي بين الاجتماعين ما أدى لما رأينا خلال الساعات الماضية من صعود للدولار وارتفاع للعوائد وانخفاض لمؤشرات الأسهم الأمريكية التي استفادة بشكل كبير من دعم الفدرالي وسياساته التحفيزية الاستثنائية التي كان منها دعم للسيولة مُنخفضة التكلفة في مارس من العام الماضي وبشكل غير مسبوق.
من خلال عرض توفير السيولة المطلوبة من بنوك مركزية أخرى بضمان ما لديها من إذون خزانة لتجاوز الأزمة ومنع تفاقمها لتصل لأزمة سيولة تضُر بالقطاع المالي والبنكي وهو ما أعلن الفدرالي بالأمس عن إنهاء العمل به بنهاية هذا العام، كما أعلن عن رفع الفائدة التي يدفعها عن الودائع الاحتياطية لديه من 0.10% ل 0.15%.
بعدما سبق وأعلن بداية هذا الشهر عن استغنائه عن العمل ببرنامج شراء سندات الشركات والأوراق المالية الخاصة بصناديق الاستثمار المتداولة والذي امتلك من خلاله الفدرالي ما قيمته 13.6 مليار دولار من أجل دعم الاقتصاد، فيما وصف بأنه تمهيد من جانبه للقيام بخطوات أكبر بأدوات أقوى من أجل احتواء الضغوط التضخُمية للأسعار.
للإطلاع على المزيد يُمكنك مُشاهدة الفيديو مع رسوم بيانية توضيحية لحركة الأسعار: