شاهدنا الهبوط الذي تأثر فيه سعر مؤشر الدولار الامريكي والارتفاع الملموس لأسعار الذهب وصولا الى مستويات 1834 دولار للأونصة وذلك فور صدور بيانات سوق العمل الامريكي عن شهر 8 حيث كان أهم هذه البيانات:
- تقرير التوظيف بالقطاع الخاص (الغير زراعي) والذي اظهر ان الاقتصاد الامريكي أضاف 243 ألف وظيفة في أغسطس حيث كان المتوقع اضافة 750 ألف وظيفة وكان صدى هذا البيان السلبي على الدولار كبير جدا
- معدل البطالة في الولايات المتحدة الذي طابق التوقعات عند مستوى %5.2 حيث كانت القراءة السابقة عند 5.4% وهذا المعدل المطابق للتوقعات أثر سلبا على مؤشر الدولار ولم يستطيع ان يعادل تأثير خبر الوظائف السلبي والمخيب للآمال.
وكان في تقرير سوق العمل الأمريكي يوم الجمعة بيانات ثانوية أثرت سلبا على مؤشر الدولار مثل الضغوط التضخمية للأجور وبيان انتاجية الوحدة العاملة خارج القطاع الزراعي الذي كان ايضا اقل من التوقعات.
كان ذلك استعراض لأهم محركات الأسواق في الوقت الحالي والتي ساهمت بما حصل في جلسة تداول يوم الجمعة من انخفاض على مؤشر الدولار وبالتالي انخفاض الدولار الأمريكي أمام سلة العملات الرئيسية الاخرى وارتفاع اسعار المعدن الاصفر - الذهب لأظهر لكم اهمية تقرير سوق العمل الأمريكي والبيانات الخاصة فيه ومدى تأثيرها على الاسواق وخصوصا هذه الأيام والأيام اللاحقة حيث إنني أرى أن بيانات سوق العمل الأمريكي هي التي تتحكم بالأسواق بشكل رئيسي في هذه الاوقات وأرى ان تأثيرها سيكون أكبر في الفترات اللاحقة.
ولتأكيد هذه النظرة لابد لنا أن نسترجع قليلا بعض التصريحات الاقتصادية الهامة دعوني أعود قليلا بالزمن الى الوراء وتحديدا كلام جيروم بأول في منتدى جاكسون هول حيث كان من ضمن كلامه أنه قال قد يكون من المناسب البدء في التناقص التدريجي هذا العام ويتوقع الاحتياطي الفيدرالي أن يرى تقدما إضافيا في تعافي سوق العمل في الأشهر المقبلة ونحن كمتداولين ومستثمرين نفهم من هذا الكلام أنهم يركزون على أرقام سوق العمل لمعرفة مدى تعافي الاقتصاد الأمريكي وأن هذه البيانات هي من ثوابت أهدافهم التي يتابعوها بدقة كبيرة وينتظرون صدور العديد منها بأرقام قوية قبل اتخاذ خطوة التشديد المرتقب.
وسأستعرض لكم بعض من تصريحات أعضاء الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي التي قد تعطينا لمحة عامة وصورة أوضح عن إمكانية البدء بالتشديد وإنهاء السياسة السهلة:
- حيث قال هاركر رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في فيلادلفيا: "أولويتي هي خفض مشتريات الأصول ثم التفكير في رفع أسعار الفائدة عندما يحين الوقت وأريد أن تكون عملية التناقص التدريجي سهلة وان يكتمل التناقص التدريجي بحلول منتصف عام 2022"
- وقال زميله روبرت كابلان رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي في دالاس: "لقد استوفى بنك الاحتياطي الفيدرالي معايير التناقص التدريجي وبالرغم من مخاوف -دلتا- لكن بتوفر اللقاحات الأمور مختلفة الآن."
- وقال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا رافائيل بوستيك: "سيكون من المعقول تقليص برنامج شراء السندات قبل نهاية العام إذا ظلت مكاسب الوظائف في الولايات المتحدة مستمرة"
- ولا ننسى كلام إستر جورج رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في مدينة كانساس حيث قال: "يجب أن يبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في خفض مشتريات السندات هذا العام."
هذه التصريحات نستشف منها انهم يرون أن تحقيق أهدافهم ليس ببعيد وأنهم يركزون بشكل كبير على أرقام (سوق العمل) التي تعد ركيزة أساسية هامة في أهدافهم وعلى الرغم من أن جيروم باول لم يعطي توقيت زمني محدد للبدء بذلك إلا انه شاركهم الفكرة مما يضع التركيز كل التركيز على اجتماعات الاحتياطي الفيدرالي القادمة قبل نهاية العام حيث سيكون الاجتماع التالي يوم الأربعاء الموافق 22 سبتمبر والذي سينصب الاهتمام عليه بشكل واضح.
قد يسأل سائل يقول أنت بدأت كلامك عن بيانات سوق العمل وأنت الان تتكلم بمحور آخر أقول لكم احبتي كل ما سيصدر مستقبلا من قرارات للسياسة النقدية الأمريكية يعتمد جزء كبير منه على قراءات وبيانات سوق العمل الأمريكي فكلما كانت قوية فنحن نسير باتجاه إجراءات وقرارات جديدة والعكس صحيح لو حصل.
النظرة العامة
تدعوني إلى ان اضع تقارير وأرقام سوق العمل الامريكي الخاصة بالربع الأخير من هذه السنة في أهم أولوياتي ومن دراستي الشاملة لما صدر من هذه البيانات ارى ان الفيدرالي سيؤخر فرض تطبيق السياسة المتشددة الى نهاية هذا العام وسيكون ذلك مرتكز على صدور بيانات في تقرير سوق العمل الأمريكي مرضية لصناع القرار بالفيدرالي وسيكون هناك تصريحات من صناع القرار عن ذلك في اجتماع الفيدرالي القادم 21-22 / 9 وقد نرى ايضا بعض التصريحات التفاؤلية عن الاقتصاد والتي ستدعم مؤشر الدولار ولكن دون إقرار فعلي لتخفيض الدعم الكمي في هذا الاجتماع حيث اتوقع ان يكون الفعلي قرابة نهاية هذا العام.
اما عن المضاربة في هذه الفترة فلا بد لنا الأخذ بعين الاعتبار الحركات التصحيحية على الأصول ولا بد أن نكون كمتداولين على أقصى درجات توخي الحذر وألا نثق بالاتجاه العام وأن تكون المرونة بالتداول موجودة متابعيني الكرام والارتكاز بشكل رئيسي على أقوى مراكز الدعوم والمقاومات أثناء التداول لأن هذه الفترة من السنة حاسمة و بناءا على ما تقدم سنشاهد بعض التقلبات السعرية القوية والتصحيحات السعرية على أسعار العملات والمؤشرات والمعادن والأسهم.
وعلينا أن نؤمن أن مصنع السعر الذي أمامي على الشاشة واهم محركاته هو البيانات والتصريحات الاقتصادية بشكل عام وبشكل خاص في ظل هذه الظروف التي تشاهدها اقتصادات الدول العظمى واهمها الاقتصاد الأمريكي.
لذلك أتمنى من الجميع ان يكونوا على أهبة الاستعداد والجاهزية والمتابعة عن كثب مع خالص امنياتي لكم بالأرباح الوفيرة ودمتم بحفظ الله ورعايته
المحلل المالي والتقني
عبد الرحمن الاصفر