تراجعت القيمة السوقية للعملات الافتراضية يوم 10 نوفمبر 2021 من اعلى مستوياتها عند حوالي 3 تريليون دولار لتنخفض أدنى مستويات تريليون دولار كما تراجعت عملة البيتكوين من 67 الف دولار إلى 20 ألف دولار حتى وقت كتابة المقال.
وبالتالي تعتبر هذه تراجعات شديدة ادت لتحطيم الكثير من آمال المستثمرين في مجال الكريبتو والذين كانوا يينتظرون مستويات 100 ألف دولار للبيتكوين هذا العام كما وعد الكثير من مؤيدين العملات الافتراضية مثل نجيب بوكيلي رئيس السلفادور وغيره .
ولكن السؤال الأبرز الان هل انتهت التراجعات للعملات المشفرة ووصلت لقاع الأسعار ام مازال هناك المزيد من التراجعات.
في البداية يمكنكم الرجوع لمقالي السابق بتاريخ 9 يناير2022 والذي حذرت من أني أتوقع تراجعات شديدة للعملات المشفرة الفترة القادمة على الرابط التالي : المقال السابق
وفي رأيي الآن أننا سنشهد استمرار لتغير المناخ في مجال الكريبتو مع استمرار لفصل الشتاء والذي يتميز بأمطار شديدة وسريعة في تراجعات العملات المشفرة فأي ارتفاعات في أسعار العملات المشفرة هو بمثابة الدخول في فصل الربيع الذي لن يستمر كثيرا وسندخل في مرحلة شتاء مرة أخرى للعملات المشفرة ( فأي ارتفاع سيكون تصحيح لهبوط جديد )لفترة قد تصل لسنوات حتى نرى مستويات 14200 دولار للبيتكوين مع تراجع في جميع العملات المشفرة فنحن في فترة هي الأصعب على مجال الكريبتو وستكون أصعب من تراجعات نهاية عام 2017 عندما تراجع البيتكوين من سعر 19700 دولار إلى 3300 دولار وسأسرد على حضراتكم أسباب توقعي في نقاط محددة ثم بالتفصيل:-
- 1-اتجاه البنوك المركزية لسياسة التشديد النقدي .
- 2-وجود بديل استثماري أكثر أمانا وهو أسعار الفائدة من البنوك.
- 3- تراجع الثقة في المؤثرين و حيتان العملات المشفرة.
- 4-أزمة ثقة في مجال الكريبتو بعد انهيار العملة المستقرة تيرا لونا
- 5- تراجع الثقة في شركات إقراض العملات المشفرة بعد تجميد شركة سلزيوس لعمليات السحب.
- 6-اتجاه شركات بورصات العملات المشفرة إلى تسريح الموظفين تحسبا للدخول في فترة ركود.
- 8-اتجاه الدول لتقنين مجال الكريبتو وامتثال الشركات لقوانين الدول مما يضغط على فكرة اللامركزية.
- ودعونا الآن نتحدث بالتفاصيل فأول نقطة وهى تشديد السياسة النقدية للبنوك المركزية
من الواضح أن أحد أهم أسباب ارتفاع العملات الافتراضية خاصة في عام 2020 هي اتجاه البنوك الدول في هذه الدول إلى سياسة التيسير النقدي وهي ببساطة زيادة في وتيرة طباعة الأموال والحزم التحفيزية التي انهالت في هذه الفترة على المواطنين في ظل بقائهم في المنزل بسبب جائحة كورونا بالتالي كان سبب رئيسي في رواج مجال الكريبتو لأننا أمام سيناريو وجود أموال جديدة تم طباعتها في ظل توقف الأعمال وفي ظل فائدة بنوك منخفضة صفرية في دول الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية وبالتالي اتجهت هذه الأموال إلى مجال الكريبتو والأسهم.
ولكن ما يحدث الان هو العكس بسبب استمرار الأزمة الروسية الأوكرانية وارتفع التضخم في العالم بالكامل فاضطرت الدول للاتجاه للسياسة النقدية التشديدية وذلك عبر وقف البرامج التحفيزية ووقف طباعة الأموال أو تراجع وتيرتها بالإضافة للأهم وهو استخدام البنوك المركزية لرفع أسعار الفائدة في البنوك وبالتالي أصبح هناك بديل استثماري آمن للمستثمرين والمواطنين حول العالم خاصة في ظل تراكم الأسباب القادمة في نفس التوقيت وهنا ننتقل لنقطة أخرى وهى تراجع الثقة في المؤثرين وحيتان العملات المشفرة
إيلون ماسك يعتبر من أهم المؤثرين في مجال الكريبتو والذي يعتبره الكثير من الشباب والمستثمرين مثلهم الأعلى في الاستثمار وخاصة مجال الكريبتو ففي البداية كان كل تغريدة من إيلون ماسك او نجيب بوكيلي او جاك دورسي او مايكل سايلور كفيلة بتحريك العملات المشفرة على الأقل 10% ارتفاعا ولكن تراجعت الثقة تدريجيا مع التخبط الشديد في تغريدات ايلون ماسك والذي كان مؤيد للبيتكوين وأكد قبول شركته تسلا (NASDAQ:TSLA) لمدفوعات البيتكوين مقابل شراء سيارات تسلا ثم تراجع عن هذا القرار بحجة أن البيتكوين مضر للبيئة والمناخ وانه سيقبل فقط عملة الدوجي كوين واطلق على نفسه الاب الروحي لعملة الدوجي كوين وظهر كثيرا وهو يدعم هذه العملة ووضع تغريدة مفادها أن عملة الكلب ستكون بديلا للدولار وان سعرها سيرتفع إلى 1 دولار
ولكن ما حدث هو العكس وتراجعت من 8 مايو 2021 من سعر 73 سنت إلى 05.سنت لتفقد92 % من قيمتها في عام ولتحقق خسائر شديدة للمستثمرين وبالتالي أدت لازمة ثقة في تغريدات إيلون ماسك وغيره من المؤثرين لدرجة أن مع كل تغريدة لإيلون ماسك عن العملات الرقمية نرى تراجعا في أسعارها.
وزادت ازمة الثقة عندما انهارت عملة يو أس تي المستقرة ف المعروف عنها أنها عملات مرتبطة بالدولار الأمريكي تعادل الوحدة من تلك العملات واحد دولار لتفقد أكثر من 99% من قيمتها مما أثر بخيبة الامل على المستثمرين وفقدان استثماراتهم في شتاء العملات الافتراضية كما انخفضت عملة تيرا لونا مفتقدة حوالي 90% من قيمتها والتي كانت في 10 الأوائل في العملات الافتراضية مما زاد من الضغوط البيعية على جميع العملات خوفا من مزيد من الانهيارات لبقية العملات.
وبالتالي كان ذلك احد أهم الأسباب اتجاه إدارات الدول للتعليق على هذا الامر وتأكيدهم على ارتفاع المخاطرة بمجال الكريبتو وان الدول ستأخذ خطوات أسرع لوضع قوانين منظمة لمجال الكريبتو لحماية مواطنيها من مخاطر هذا المجال وهذا ما أكدته جانيت يلين وزيرة الخزانة الامريكية والتي صرحت بان الوضع مع تيرا يو إس تي يوضح ببساطة أن هذا منتج سريع النمو وأن هناك مخاطر على الاستقرار المالي ونحن بحاجة إلى إطار عمل مناسب. بالتالي سيكون من المناسب استهداف إطار فيدرالي متسق بشأن العملات المستقرة بحلول نهاية عام 2022 نظرًا لنمو السوق، ودعت إلى الشراكة بين أعضاء الكونجرس لسن تشريع لمثل هذا الإطار. والجدير بالذكر أن الرئيس بايدن في مارس قام بإصدار قرار لتنظيم مجال الكريبتو بهدف الحد من مخاطر هذا المجال على النظام المالي العالمي خاصة بعد قامت الولايات المتحدة الامريكية بالتوصل بان روسيا تقوم بالتهرب من العقوبات عن طريق العملات الرقمية . وبالتالي أصبحت العملات الرقمية عائق امام سيادة الولايات المتحدة الامريكية. وبالتالي بدأت حتى من قبل ظهور القانون رسميا الضغط على كبرى شركات الوساطة في العملات الافتراضية مثل شركة بايينس فقد قامت الولايات المتحدة الأمريكية بطلب بيانات العمليات الكبيرة من الجانب الروسي عبر منصة بايننس بالإضافة لتجميد حسابات كبرى رجال الاعمال والمسؤولين الروس داخل المنصة والتي رفضت في البداية بايننس هذا الطلب بحجة أن ذلك مخالف لفكرة انشاء العملات المشفرة وهى (اللامركزية ) والتي تعني انه لا يوجد جهة يمكنها السيطرة على هذا المجال او وقف عملياته او حظر حسابات فالعملات الافتراضية تعتمد على فكرة الحرية المالية واللامركزية وكانت دائما هذه شعارتها والتي من الواضح انها انهارت ففي النهاية وافقت شركة بايننس على طلب الولايات المتحدة الامريكية بالإضافة انها أرسلت لعملائها بروسيا بوقف أي عمليات فوق 10 الاف يورو عبر منصتها مما زاد من ازمة الثقة في هذا المجال وقام الكثير من المستثمرين الكبار بسحب أموالهم خوفا من تجميد حسابتهم.
وزاد سرعة وتيرة امطار العملات المشفرة عندما قامت شركة سلزيوس نتورك لإقراض العملات المشفرة في الولايات المتحدة الأمريكية في 13 يونيو 2022 بكتابة تغريدة لعملائها إنها جمّدت عمليات السحب والتحويلات بين الحسابات “لتثبيت السيولة والعمليات”، وأنها تتخذ خطوات للحفاظ على الأصول وحمايتها، ولكن لم تقدم موعد محدد لوقف التجميد.. وبالتالي اضطر هذا الخبر المجال بالكامل فأدى لارتفاع حالة الخوف والذعر بين المستثمرين من أن تقوم بقية الشركات بنفس النهج وبالتالي لن يكونوا قادرين على سحب أموالهم , وزاد الامر سوءا عندما أعلنت شركة بايننس وقف سحب عمليات البيتكوين عبر منصتها والذى استؤنف بعد ساعات ولكن مع تراكم هذه الاخبار فزاد الخوف والقلق بين المستثمرين فانفجرت عمليات البيع بعد فتح باينانس لعمليات السحب خوفا أن يحدث توقف مرة أخرى. .
بالتالي في ظل تراكم هذه الاخبار فأرى أن شتاء العملات الافتراضية مستمر ومن الممكن أن يستمر لسنوات كما حدث في عام 2017 واستمرت التراجعات لمدة 3 سنوات وبالتالي أرى أن الدخول للشراء في هذا التوقيت هو توقيت شديد المخاطرة خاصة في ظل استمرار موجة التضخم العالمية والتي أدت لاتجاه البنوك المركزية لتشديد السياسة النقدية.. وما يؤكد كلامي أن شتاء وتراجعات العملات المشفرة مستمر هو اتجاه الكثير من منصات العملات المشفرة للإعلان عن اضطررها عن تخفيض حجم الموظفين لديها لانهم يتوقعون الدخول في فترة ركود في هذا المجال لا أحد يعلم متى تنتهي فقد أعلنت شركة "كوين بيس غلوبال والتي تعتبر من اكبر منصات التداول العالمية في العملات المشفرة، أنها ستسرح 18% من قوتها العاملة أي حوالي 1200 موظف وستبقى على 5 الاف موظف, كما قامت منصة جيمني تراست بالإضافة إلى بنك التمويل اللامركزي بلوك فاي إلى نهج نفس الاتجاه بتخفيض حجم الموظفين لديها وبالتالي ذلك يؤكد أن هذه المنصات لديها رؤية مستقبلية بدخول مجال الكريبتو في فترة تراجعات شديدة خلال الفترة القادمة.