عرفت العملات الرقمية خلال شهر نوفمبر 2022 سقوطا مدويا بعد انهيار منصة FTX، وما صاحب ذلك من هلع في وسط المتجولين، ودعوة الكثير من المهتمين بسحب العملات الرقمية من منصات التداول للمحافظ، على أساس قاعدة "التداول في المنصات والتخزين في المحافظ"، مما زاد الضغط على المنصات التي عانت من سحب السيولة بشكل كبير في فترة وجيزة وغير متوقعة.
الآن جميع المتداولين يتساءلون، هل نشتري الآن؟ هل انتهى البير ماركت؟ وهل وصلنا للقاع؟ هذه الأسئلة والاستفسارات تجدها الآن على لسان جميع المتداولين، سواء بالنسبة للمتداولين في مجال العملات الرقمية، الذهب والمعادن الثمينة أو أسواق أخرى مثل الأسهم والفوركس وغيرها.
وكي نعطي تحليلا أساسيا للعملات الرقمية علينا أن نعرف أمرين اثنين، أولهما موقف الفيدرالي الأمريكي، والثاني امتدادات وتبعات انهيار FTX السياسة المالية والنقدية للفيدرالي الأمريكي.
الفيدرالي الأمريكي
الفيدرالي الآن أمام سياستين متعاكستين لدرجة التناقض كي يسيطر على التضخم عليه أن يرفع الفائدة بوتيرة سريعة وبمعدلات كبيرة، ومن الممكن أن يرفعها بـ 75 نقطة أساس في اجتماعهم المقبل بتاريخ 14 ديسمبر 2022، خاصة أن الحرب الأوكرانية تزيد الطين بلة وتساهم بشكل واضح في ارتفاع التضخم.
ومعلوم أن الجميع يتحدث عن إمكانية دخول الولايات المتحدة في ركود اقتصادي، ولربما ركود تضخمي، وهو ما يعتبر كابوسا مخيفا للفيدرالي الأمريكي، خاصة أن التقارير تشير بشكل واضح أن القارة العجوز وخاصة بريطانيا دخلت فعليا في ركود اقتصادي بعدما تراجع وانكماش اقتصادها لأشهر متتالية، وحتما ستلقي بظلالها على الاقتصاد الأمريكي نظرا للارتباطات المالية والتجارية بين الاقتصادات العالمية. بينما تشير التوقعات الحالية إلى أن الفيدرالي الأمريكي غالبا سيرفع الفائدة بـ 50 نقطة أساس في 14 من هذا الشهر.
تبعات انهيار منصة FTX
معلوم أن انهياره FTX لعبت فيه إحدى المنصات دورا أساسيا تسبب في التعجيل بانهيارها، وتأثرت منصات أخرى من هذه الأخبار السلبية، حيث عانت بعض المنصات من قلة السيولة، مما دفع بعض المنصات إلى الإعلان عن احتياطاتها المالية لطمأنة المستخدمين، غير أن بعض كبار المنصات لم تصرح ولم تعلن عن احتياطاتها مما أثار شكوكا حولها وحول مصداقيتها وشفافيتها.
في حين أعلن بعض كبار الفاعلين في مجال العملات الرقمية GENESIS و GRAYSCALE عن صعوبات في الدفع بعد تراجع السيولة بشكل أكبر وبحكم ارتباطاتها مع FTX وفرعها الاستثماري ALAMEDA.
حاليا هدأت العاصفة وعادت المياه لمجاريها وتبين أن الإفلاس أصبح مستبعدا، والتقطت العملات الرقمية أنفاسها من جديد وتستعد للتحليق والدخول في موجات صعود متتالية قد تتخللها موجات تصحيحية لجني الأرباح بشكل متواصل.
ونعتقد أن الأسواق التي عانت من موجات الهبوط لعدة أشهر خاصة العملات الرقمية والذهب والأسهم مقبلة في القريب على موجات الصعود والتحول من ترند هابط لترند صاعد، وعليه من الجيد التفكير في إعادة النظر في المحفظة الاستثمارية واختيار الفرص الجيد، فلربما قد لا نرى هذه الأسعار مجددا إلا بعد سنوات أو بعد انتهاء الدورة الاقتصادية المقبلة، ولا تنسى القاعدة التي تقول "عند الأزمات تصنع الثروات". بناء على كل ما سبق وعلي تتبعنا لمؤشر قوة الدولار نعتقد ما يلي:
الاقتصاد الأمريكي دخل فعلي في مرحلة الركود وهو ما دفع الفيدرالي الأمريكي إلى التصريح بتخفيف من حدة رفع الفائدة.
الاجتماع المقبل لرفع الفائدة سيكون بتاريخ 14 ديسمبر 2022 وستظهر خلال هذه الفترة بيانات اقتصادية ستظهر الركود بشكل واضح.
مؤشر الدولار تراجع وسيتراجع بشكل تدريجي ومتذبذب، فاتحا المجال لصعود بعض الأسواق مثل الذهب باعتباره الملاذ الآمن وسوق العملات الرقمية لمخاطره العالية.
الأسوأ في سوق العملات الرقمية مر معنا وانتهى البير ماركت وسنعرف مرحلة من الاستقرار ثم الصعود نحو 20K ثم 30k ثم 40k ثم 50k وطبعا سيتخلل الصعود موجات تصحيحية قد تكون مخيفة أحيانا.
أعتقد أنه وجب على المتداولين التفكير بالشراء من الآن والبدء بتجميع العملات ذات المشاريع القوية على مرحلتين أو ثلاث كي لا يفوتكم القاع.
المقالة تعبر عن رأي كاتبها وليست توصية شراء أو بيع.