لا شك في أن متداولي العملات الأجنبية سيشهدون أسبوعًا حافلًا بالتقلبات، فخلال هذا الأسبوع سيتم إصدار مجموعة كبيرة من المؤشرات الاقتصادية، كما ستعلن بعض الشركات الكبرى عن أرباحها الفصلية. ولا شك أن المتداولين سيواصلون التركيز على بيانات النمو والتضخم، وتحديداً مبيعات التجزئة، بالإضافة إلى بيانات مؤشر أسعار المنتجين.
كذلك سنستمع لخطابات عدد من متحدثي الاحتياطي الفيدرالي هذا الأسبوع، وأغلب التوقعات تُرجّح أن مزيدا من صناع السياسة سَيَلْمَحُونَ إلى تأييد إبطاء وتيرة التشديد النقدي.
الأسواق تترقب مبيعات التجزئة بالولايات المتحدة
البيانات الأخيرة لمؤشر أسعار المنتجين ومبيعات التجزئة ستكون أبرز الأحداث هذا الأسبوع، والجدير بالذكر أن كلاهما سيصدر يوم الأربعاء. لقد أصبح من الواضح أن الضغوط التضخمية في أمريكا آخذة في التراجع أخيرًا، مع ذلك ليس من الضروروي أن يكون هذا الخبر جيدًا خاصةً وأن تراجع التضخم هذا يحدث غالبًا بسبب تدهور الطلب. فقد انخفضت الطلبات التجارية الجديدة بشكل حاد، والتي عادةً ما تشير إلى نمو اقتصادي ضعيف -أو حتى ركود- يظهر بعد فصول قليلة.
وبذلك، تعد مبيعات التجزئة إصدار مهم للغاية هذا الأسبوع، حيث تترقبها الأسواق بحرصٍ شديد بحثًا عن أية مستجدات بشأن طلب المستهلكين. وجدير بالذكر أن توقعات المستثمرين استقرت على أن الاحتياطي الفيدرالي قد يتوجه لرفع الفائدة بمعدل 25 نقطة أساس الشهر المقبل، وسيتطلب مفاجأة كبيرة في أرقام هذه البيانات لتتمكن من أن تُغيّر هذا الإجماع.
لن يركز المتداولون الآن على بيانات التضخم فحسب، بل سيركزون على مدى سرعة تباطؤ الاقتصاد أيضًا. كما سيترقبون بيانات مؤشر Empire للقطاع الصناعي، والإنتاج الصناعي، ومؤشر NAHB لسوق الإسكان، وإعانات البطالة الأسبوعية، وبيانات مبيعات المنازل القائمة بحرصٍ شديد.
وستصدر آخر إحصائيات التضخم في كندا يوم الثلاثاء، قبل مبيعات التجزئة المرتقبة يوم الجمعة.
آخر تطورات الدولار الأمريكي
واجه الدولار الأمريكي تحديات صعبة مع بداية العام حيث تراجعت التوقعات المتشددة بشأن توجهات الاحتياطي الفيدرالي. كما تعرض لضغوط بسبب تحوّل السياسة النقدية لبنك اليابان بالإضافة إلى الطقس الدافئ غير المعتاد الذي تشهده أوروبا حاليًا والذي ساعد على تهدئة التوترات حول أزمة الطاقة، مما عزز كل من الين واليورو.
مع ذلك، من الصعب توقع انهيار الدولار بشكل كامل خاصةً وأن معظم الاقتصادات الكبرى في حالة أسوأ من اقتصاد الولايات المتحدة، ومن الناحية التاريخية، عادةً ما يتراجع الدولار عندما يكون أداء الاقتصاد العالمي جيدًا ولا توجد مخاطر كثيرة حوله، إلا أنه ليس هذا هو الحال اليوم. وبالتالي، رغم تراجعه الحاد، فلا يزال من السابق لأوانه توقع انهيار الدولار.
الأنظار تتوجه نحو موسم الأرباح
يستمر موسم الأرباح هذا الأسبوع أيضًا. وقد تفوقت بنوك وول ستريت الكبرى على التقديرات يوم الجمعة. مع ذلك، لا يزال القلق يسيطر على هذه البنوك بسبب ارتفاع معدلات الفائدة المستمر وإمكانية حدوث ركود.
ستنتهي عملية إصدار أرباح البنوك الكبرى هذا الأسبوع بإعلان بنك Goldman Sachs وبنك Morgan Stanley يوم الثلاثاء. بالإضافة إلى ذلك، سيبدأ الإعلان عن أرباح أولى شركات مجموعة FAANGs هذا الأسبوع بشركة Netflix يوم الخميس.
الأسواق تترقب قرار حاسم من بنك اليابان
صدم بنك اليابان الأسواق المالية الشهر الماضي عندما رفع سقف العوائد اليابانية طويلة الأجل، وهو نفس القرار الذي عزز الين. وبظل اقتراب قرار السياسة النقدية التالي يوم الأربعاء، فإن الأسواق تتساءل ما إذا كان بنك اليابان يستعد لاتخاذ قرار مماثل فيما يخص معدلات الفائدة.
ارتفع الين الياباني يوم الجمعة، حيث عزز مكاسبه السابقة مدعومًا بالتكهنات التي تفيد بأن بنك اليابان سوف يعيد النظر بسياسته النقدية التيسيرية للغاية، في حين ارتفع الدولار مقابل معظم العملات الرئيسية الأخرى، مرتفعا من أدنى مستوى له في سبعة أشهر. وكانت قد ارتفعت العملة اليابانية بنسبة 2.4٪ يوم الخميس بعد أن أشارت صحيفة Yomiuri أن مسؤولي بنك اليابان قد يدرسون عواقب سياسة التحكم في منحنى العائد في اجتماعهم هذا الأسبوع. كما صرّح البنك المركزي يوم الجمعة أنه قد يجري عمليات شراء سندات إضافية يوم الاثنين، قبل اجتماعه في السابع عشر والثامن عشر من يناير.
حتى لو لم يبدأ التشديد هذا الأسبوع إلا أنه يبدو أن هذه الخطوة بلتت قريبة، وهو ما تُرجحه توقعات السوق أيضًا، حيث يتوقع المستثمرون حاليًا بنسبة 45٪ أن يتوجه بنك اليابان لرفع الفائدة بمعدل 10 نقاط أساس، مما قد يمهد الطريق للخروج من سيناريو المعدلات السلبية. وبالمثل، يراهن المضاربون على أنه سيتم تعديل سقف العائد مرة أخرى قريبًا، وهو أمر يتضح من اتساع الفارق بين مقايضات المؤشرات الليلية وعائد السندات الآجلة لعشر سنوات.
آخر التطورات في المملكة المتحدة
في المملكة المتحدة، سيتم إصدار تقرير الوظائف الأخير يوم الاثنين. وسيتم الإعلان عن أرقام التضخم يوم الأربعاء قبل أن ينتهي الأسبوع بالإعلان عن مبيعات التجزئة يوم الجمعة.
تتوقع الأسواق حاليًا أن يتوجه بنك إنجلترا لرفع الفائدة بمعدل 50 نقطة أساس في فبراير، لكن لا يزال هناك بعض الشك حول هذه التوقعات. وبالتالي، يمكن أن تكون هذه البيانات مهمة لتأكيد التوقعات وتشكيل المسار المستقبلي للجنيه الإسترليني.
بشكل عام، من الصعب توقع صورة فنية إيجابية للجنيه الإسترليني. فربما يرفع بنك إنجلترا معدلات الفائدة، لكنه قد يتخذ هذا القرار على مضض وبتردد، خاصةً وأنه يوجه معظم تركيزه على مخاطر الركود التي أحاطت بالاقتصاد. وقد تصاعدت هذه المخاطر في الآونة الأخيرة وسط إضرابات عمالية واسعة النطاق بسبب الأجور المتدنية.
وبجانب العوامل المحلية، فإن للجنيه الإسترليني أيضًا علاقة قوية بأسواق الأسهم. ويبدو هذا وكأنه نقطة ضعف في هذه المرحلة، نظرًا لأن التقييمات في وول ستريت لا تزال "مرتفعة" وغير متزامنة مع ما تشير إليه المؤشرات الاقتصادية الرائدة حول ما قد تشهده الأسواق في المرحلة القادمة.