تمتعت الأسواق العالمية بانتعاش قوي هذا العام بعد انهيارها عام 2022، لكن الاضطرابات الأخيرة تشير إلى أن الارتفاعات السابقة التي تم الوصول إليها ستظل بعيدة المنال على المدى القريب.
والخبر السار للمستثمرين هو أن جميع فئات الأصول الرئيسية تقريبًا لا تزال تسجل مكاسب منذ بداية العام حتى الآن، بقيادة الأسهم الأمريكية، بناءً على مجموعة من صناديق الاستثمار المتداولة حتى إغلاق يوم الجمعة (8 سبتمبر). حتى بعد التراجع الأخير، ارتفعت أسهم صندوق فانجارد لمؤشر سوق الأسهم الإجمالي ETF بنسبة مذهلة بلغت 16.1% حتى الآن في عام 2023.
المكونات الوحيدة لفئات الأصول الرئيسية التي تعرضت لخسائر هذا العام: مجموعة واسعة من السلع، والسندات الحكومية في الأسواق المتقدمة باستثناء الولايات المتحدة والعقارات باستثناء الولايات المتحدة.
وفي علامة واضحة على ارتفاع أسعار الأصول بشكل عام، ارتفع مؤشر السوق العالمية (GMI)، الذي يصدره موقع CapitalSpectator.com، بنسبة 11٪ تقريبًا في عام 2023. ويحتفظ هذا المؤشر غير المُدار بجميع فئات الأصول الرئيسية (باستثناء النقد) في السوق مرجح بالأوزان النسبية عبر صناديق الاستثمار المتداولة ويمثل مقياسًا تنافسيًا لاستراتيجيات المحفظة متعددة الأصول.
وقد توقفت الارتفاعات في الأسابيع الأخيرة، وهو أمر غير مفاجئ نظرا للقوة والمثابرة التي سادت حتى وقت قريب في الأسواق في جميع أنحاء العالم. لكن المستثمرين يكافحون الآن لتحديد ما إذا كانت الانتكاسات الأخيرة هي أدلة على مجرد انتعاش في إطار السوق الهابطة في عام 2023 أم أنها توقف مؤقت يؤدي في النهاية إلى ارتفاعات جديدة في الوقت المناسب.
ومن وجهة نظر الولايات المتحدة، يركز أحد المكونات الرئيسية للتحليل على تقييم قوة الاقتصاد وكيف سيؤثر ذلك على قرارات الاحتياطي الفيدرالي المقبلة بشأن أسعار الفائدة.
تقول ماريا فيتمان، كبيرة الخبراء الاستراتيجيين للأصول المتعددة في شركة ستيت ستريت للأسواق العالمية: "أشعر بالقلق من أن البيانات الاقتصادية الجيدة الحالية من المرجح أن تبقي الضغوط التضخمية تغلي تحت السطح. وهذا من شأنه أن يمنع بنك الاحتياطي الفيدرالي والبنوك المركزية الأخرى من خفض أسعار الفائدة، الأمر الذي سيؤدي في النهاية إلى انهيار الاقتصاد".
يتم تسعير العقود الآجلة لصناديق الاحتياطي الفيدرالي FED SWAPS حاليًا باحتمال كبير بأن يبقي البنك المركزي هدفه دون تغيير في الاجتماع القادم للجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في 20 سبتمبر. بعد قرار سعر الفائدة التالي. ومع ذلك، فإن تقديرات السوق هي في الأساس مجرد تخمينات.
كتب تيم دوي، كبير الاقتصاديين الأمريكيين في إس جي إتش ماكرو أدفايزورز، في مذكرة بحثية أُرسلت إلى العملاء اليوم: "البيانات أقوى من المتوقع وقد أبرز بنك الاحتياطي الفيدرالي أن النشاط الأقوى من المتوقع قد يؤدي إلى رفع أسعار الفائدة مرة أخرى. ومع ذلك، في الوقت نفسه، يؤدي انخفاض التضخم إلى تقليل الحاجة الملحة لرفع أسعار الفائدة مرة أخرى، ويقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي بموازنة سياسته بناءً على هذين الاعتبارين".
والأمر الواضح هو أن معظم الأسواق لا تزال أقل بكثير من أعلى مستوياتها السابقة. إن عمليات التراجع الحالية لجميع فئات الأصول الرئيسية تقريبًا وصلت لأقل من -10٪ وهي أعمق من انخفاض مؤشر السوق العالمية من الذروة إلى القاع.
العوامل الرئيسية التي من المرجح أن تحدد مدى قرب الارتفاعات الجديدة تتوقف على الكيفية التي سيتراجع بها التضخم خلال الأشهر الأخيرة من عام 2023 وكيف يتفاعل بنك الاحتياطي الفيدرالي معه.
بعبارة أخرى، فإن تقييم الاحتمالات الناشئة لما يسمى الهبوط الناعم ــ أو خفض التضخم بأقل قدر من التأثير السلبي على النمو الاقتصادي ــ سيكون في المقدمة وسيكون محور تركيز الأسواق في الأسابيع المقبلة.
حتى المتفائلون يتوقعون أن الطريق سيكون وعراً. ويتوقع إد كليسولد، كبير الاستراتيجيين الأمريكيين في مؤسسة نيد ديفيس للأبحاث: "نعتقد أننا مازلنا في سوق صاعدة ستصل إلى مستويات مرتفعة جديدة قبل نهاية العام، لكن الطريق سيكون وعرًا" .