"تكمن المشكلة الأكبر هي بأننا نركز على النتيجة ونترك السبب"
تكمن المشكلة الرئيسية في أسواق المال خصوصاً وفي الاقتصاد عموماً هي الاعتقاد الراسخ بأن التحليل الفني ينفع أثناء الخبر، و الأسوأ هو الاعتقاد بأن الخبر هو أساس حركة السوق فيقع المتداول ضحية التفكير المبالغ في الخبر و التحليل المفرط لأرقام مجردة، وهذا ما يناقض مفهوم أسواق المال، وينافض فطرة التاجر الناجح وإن لم أبالغ فهو يناقض المنطق الاقتصادي أيضاً ، حيث إذا أردنا تفسير أسواق المال وفق أبسط التعاريف فما هو إلا لقاء بين المدخر و المستثمر للوصول إلى اتفاق حول سعر سلعة ما و أن السيولة المحاطة بهذه السلعة تسمى وفق توم وليامز بالسبب ويمكن أن ينعكس هذا السبب بالفوليوم، والاتفاق على السعر هو بالنتيجة وهذا ينعكس وفقاً لتعريف Muth بالأسعار السائدة في السوق، وإن صوت الجدال حول هذه السلعة هو الأخبار وإن قام أحد بنقل هذه الأحاديث لك فإنها الصحف وقد تكون تنقل لك لغاية ، وعلى هذا نقول أنه علينا أن ننظر إلى السبب الذي أودى بالسعر إلى النتيجة ولا نكترث لكم الصراخ الذي يدور على أنه جدال، وأي شيء آخر ما عدا ذلك هو اجتهاد في التحليل قد يصيب أو قد يخيب. مقتبس من كتاب Volatility Illuminated
قانون التوقعات العقلانية في الاقتصاد
" الأسعار ترتفع أو تنخفض بناء على ما لا نتوقعه وليس على المتوقع " تشارلز ويلان
أحد أعظم النظريات التي تفسر مفهوم حركة الأسعار في الاقتصاد والتي قد تبدو جدلية في الكثير من الأحيان إلا أنها تعد عند الكثير من محنكي التداول أساس قيام السوق وهي نظرية التوقعات العقلانية و التي تنص على:
كل ما هو متوقع في الاقتصاد لا يحدث أثراً على المدى القريب، وإنما أثر معاكس على المدى البعيد، وهذا لأن الاقتصادي عقلاني في قراراته.
لنفرض على سبيل المثال أنك تتوقع حدوث ركود وفقاً لبيانات اقتصادية، وأن أفضل طريقة للهروب من براثن الركود هي التحوط بالنقد لهذا إن وقع الركود فإنه لن يؤثر عليك في اللحظات الأولى ولكنك ستتأثر باستجابة معاكسة تماماً وهذا ما يحدث مع كل سوق فيه توقع وفيه نتيجة لهذا التوقع.
ظهرت النظرية للمرة الأولى على يد عالم الاقتصاد Muth، ليشبه الأمر على النحو التالي:
إذا كنت تتوقع أن تمطر في الغد، فما أكثر تصرف عقلاني ستقوم به بحال كنت ستخرج ؟ ( الحصول على مظلة)، لذا لن يؤثر عليك الأمر.
إذا أردنا اسقاط النظرية على أسواق المال في الوقت الراهن نصيغ القانون التالي:
إذا كانت الأجندات الاقتصادية تتوقع تثبيت الفائدة وتم تثبيت الفائدة فعلاً فلن يحدث أثر على المدى القريب نهائياً، وإن الأثر للتثبيت سيكون معاكس على المدى البعيد وإن الأثر يكون إذا تم تخفيض الفائدة والخروج عن التوقعات.
سعر الفائدة وأهم القوانين
إن الدور الأساسي من تحديد سعر الفائدة هو للتحكم بالكم النقدي ما بين البنوك التجارية و ما بين المتداولين بتلك الأموال، فعندما يرى البنك أن الحجم النقدي بدأ يرتفع وهذا يواكب ارتفاع التضخم فإن عليه كبح التضخم برفع الفائدة وذلك لرفع تكلفة الاقتراض، وتشجيع المتداولين على الادخار بدلاً من الاقتراض، ومنه يزداد الاقبال على ادخار الدولار وذلك للعائد المرتفع ومنه قوة الدولار وضعف أي سلعة يتم تسعيرها بالدولار وخصوصاً السلع ذات الطبيعة التحوطية مثل الذهب، الفضة و البيتكوين حديثاً.
إلا أنه في مطلع عام 1993 وفي جامعة ميلون الأميركية نشر جون تايلور للمرة الأولى معادلته في تحديد نسبة الفائدة الأسمية المثالية التي على أساسها يجب تحديد نسبة الفائدة وهي عبار عن:
هذه المعادلة يتم فيها بشكل أو بآخر حساب التوقعات التي نراها في أي أجندة اقتصادية، وعلى أساسها نبني أن الفيدرالي سيرفع الفائدة أو يقوم بخفضها، وهذا لأنها تعكس السعر الحقيقي الواجب للدولار وعليها تبنى أهم القواعد والقوانين للمستشارين.
وعليه نقول لدينا القوانين التالية:
1. تأثير الفائدة يزول بحال كان التغيير متوقع، ويصبح التأثير مرهونا بالخطاب الذي يتكلم عن الخطوة الثانية.
2. إن العلاقة ما بين الذهب والفائدة عكسية بحال كان تغيير الفائدة غير متوقع.
على سبيل المثال: نحن الآن نتوقع أن يتم تثبيت الفائدة فبحال تم تثبيت الفائدة سيذهب الأثر للتثبيت على المدى القريب ويصبح الأثر تحت رهن متى سيقدم الفيدرالي على خفض الفائدة.
بالمرابطة مع أهم الأحداث
بحالتنا الراهنة يحكم سعر الذهب ثلاث عوامل لكل منها أثر.
1. وتيرة الحرب في الشرق الأوسط، والتي تساهم في إبقاء أسعار الذهب مرتفعة، علماً أننا لن نرى ارتفاع ناتج عن خوف إلا بحال ارتفعت وتيرة الحرب بتماس مباشر ما بين دول ذات مكانة اقتصادية.
2. النزاع الأهلي في الولايات المتحدة الأميركية وهذا يساهم في إبقاء أسعار الذهب مرتفعة.
3. التضخم الذي أصاب بلاد العم بايدن.
الخلاصة من حيث التحليل الأساسي
على الرغم من وجود عوامل تساهم في رفع سعر الذهب، لكن كون الذهب قد حقق ربحاً في السنة الماضية فإن هذه السنة ستكون لكي يحقق الذهب حفظ للقيمة، وعليه إن مدى حركته أصبح أقل مما مضى وتحت رهن تفاقم الظروف وحتى هذه اللحظة وبالنظر إلى خبراء سياسيين فإن الولايات لن تميل إلى توسيع الحرب سواء مع تكساس أو في الشرق الأوسط نظراً لأن ماليتها لم تعد تسمح فهي تتعرض لضغوط مالية خانقة مما سيجعل الوضع في الوقت الراهن وفي المستقبل القريب، متقلب وتحت ضغط كبير لكنه أبعد من أن ينفجر قريباً مما يجعل سعر الذهب على المدى البعيد محافظ على أسعار مرتفعة لا تقل عن 2050$ كأقل سعر ممكن.
وأضف على ذلك أن الولايات شغلها الشاغل حالياً هو الخروج من براثن الركود التضخمي (Stagflation) المتوقع وهي حالة اقتصادية تكون فيها الأسعار مرتفعة ولا يوجد انتاج، لذا سيميل الفيدرالي في مساء اليوم إلى تثبيت الفائدة وهذا أكثر الخيارات توقعاً، مما يجعل سعر الذهب على المدى القريب و المتوسط، تحت رحمة ما يدور في الخطاب ومن المتوقع أن الحديث عن خفض الفائدة يكون أقل حدية منعاً من أن يرتفع الذهب بقوة كبيرة خصوصاً أن التوقعات حول الخفض ستكون عالية، لذا سيكون هناك خفض وهذا سيساهم في رفع سعر الذهب لكن ليس قبل تذبذب عنيف لأننا سنرى تضارب كبير في الآراء.
نظرة فنية على الذهب
بالنظر فنياً على الذهب نلاحظ:
1. ارتفاع عدد أوامر الشراء المعلقة عند 2000 - 2030 من قبل صناع السوق وهذا ما يبرر ارتفاع الفوليوم عند هذه المنطقة.
2. ارتفاع الدخول المباشر عند الأسعار الحالية من قبل أوامر شراء صغيرة من قبل متداولين فرديين وهذا ا يجعل الدخول من هذه المنطقة غير آمن.
الخلاصة الفنية:
نتوقع أن يكون هناك ملامسة لمستويات متدنية نحو 2000 - 2020 أثناء الخطاب ثم صعود على المدى المتوسط نحو 2050 - 2075.
وبالتالي إن أفضل سعر للشراء هو عند مستوى ( 2000 -2020)، وهي منطقة صانع السوق، أما السعر الحالي فلا يعد جيد للشراء مهما بدى الصعود حتمي، وهذا لكونه غير آمن بسبب تعرضه لنسب تذبذب عالية، مما يجعل أي صعود يذهب بذيل شمعة واحدة.
رأي المستشار
في النهاية جميع العوامل الأساسية تشير إلى صعود الذهب، ولكن علينا اتباع سلوك صانع السوق، باختيار أفضل سعر للشراء وهذا لضمان أن الصعود سيكون آمن وأضف على ذلك عزيزي القارئ بهدف ضمان تحقيق الفطرة الطبيعية للتاجر في الذهب وهي الإصرار على السعر الأمثل، في الختام تذكر أن الذهب يتطلب بتعامله منطق تاجر لا منطق متداول.
المستشار المالي عمر جاسم آلصياح
للمزيد تابعنا على التويتر، علماَ أننا سنجيب على كامل استفساراتكم في مساء اليوم
Twitter: @omarsyyah