هل فاتك الصعود الكبير؟

"كل شيء في هذا العالم وله نسخة مكررة في الماضي "

ميكافيللي

فكرة الثراء هي فكرة وليدة العصر الحديث ، حيث سابقاً لم تكن فكرة الثراء هوس كما هي عليه اليوم وهذا لعدة أسباب أبسطها أننا لم نكن حقاً مدركين لمفهوم الثراء ، ومن جعلنا ندرك هذا المفهوم وما يحوي من جمال ، وسلطة و استقلالية هو الرأسمالية التي قدمت من الولايات المتحدة الأميركية بعد خروجها من الحرب العالمية الثانية بربح وتربع على عرش العالم حيث في العشرينيات ومع آواخر الحرب كانت البورصة الأميركية قوية لدرجة أن أي شخص يستثمر وبناء على أي خبرة 1$ فإنها في اليوم التالي 1.03$ وبعد سنة 2.3$ أي أكثر من الضعف خلال سنة.

أضف على ذلك التسويق الذي استخدمته شركات البورصة الأميركية في ذلك الوقت كان بمنتهى الذكاء حيث كان يعمل على تغير حياة أفراد بأسرها لمجرد أنه يريد أن يسوق لمجاله، فعلى رأي فيليب كوتلر الأب الروحي للتسويق أنه إذا أردت أن تسوق لمجال ويبقى أثر هذا المجال قم بتغير حياة الأفراد إلى الأفضل، أو اجعل ما تسوق له معتقد راسخ.

اجتماع العوامل السابقة رسخ لدى الجميع مفهوم أقل ما يقال عنه أنه جريمة بحق الإنسانية ألا وهو مفهوم الحلم الأميركي الذي سافر إلى جميع أنحاء العالم بسبب العولمة والذي يخبرك أن الثراء سهل ويأتي من خلال أشهر قليلة بفضل البورصة الأميركية ، أو حتى البورصة.

لقد وجد الكاتب دون في كتابه بونزي والذي يتكلم عن الأب الروحي للنصب تشارلز بونزي والذي تعود له بدايات تأسيس الحلم الأميركي ، أن فئة كبيرة من المثقفين ، والمتعلمين يؤمنون بالحلم الأميركي ، والأسوأ أن هناك من يعرف بقرارة نفسه أن الحلم الأميركي خدعة ولكن كون هذه الخدعة تدفعه لكي يعمل أي شيء لمجرد أن يطفئ شعور الخذلان أو الشعور بالنقص لكن فئة كبيرة حققت من السوق شيئاً وأنت لا.

وعلى رأي العالم جراي ريتشاردسون، أن ما سبب الكساد الكبير ، هو إيمان بأن البورصة الأميركية ستستمر بالصعود إلى ما لانهاية ، وإيمان أعمى وتصرف أحمق من قطيع تداولي أراد الدخول بعد أن فات الأوان خوفاً من ألا يفوته الأوان.

آخر التطورات الفنية

استقر سعر البيتكوين في الآونة الأخيرة عند 61k ، مواجهاً صعوبة عالية في خرق 64k ، وهذا ما يجعلنا نبقي على نظرتنا التي أسلفناها في التحليل الماضي لنا بمقالنا الأخير بعنوان السوق ينتظر تصحيح عنيف، مع التأكيد على بعض النقاط التالية:

بالنظر إلى الشارت للتأكد من صحة التحليل نلاحظ:

1. ارتفاع السيولة على السعر الحالي في مؤشر الفوليوم ولكن ارتفاع يعادل 25% من ارتفاع السيولة عند مستوى 47 وهذا يعني أن الارتفاع ناتج عن دخول متداولين فرديين ما يجعلنا نؤكد فكرة السلوك وننتظر التصحيح.

الخلاصة هل فاتنا الصعود؟

عند تعاملك مع مختلف الأسواق ، كالذهب ، الفضة ، الأزواج ، الأسهم الأميركية ، والأسهم السعودية لا بد أن تعرف أنك تتعامل مع أرقى أنواع التجارة وكونك تتاجر فأنت بحاجة فطرة التاجر ، وإن أبسط فطرة للتاجر والتي تقوم عليها كل ركائز التجارة هي أن تشتري بسعر جيد ، على الرغم من بساطه الفكرة إلا أنها محاضر علمية بحتة وأساس لكل الأسواق والفارق ما بين صانع السوق ، الحوت ، و المحترف والمتداول المتهور الذي يشترك بدافع FOMO " خوفاً من أن تفوته الفرصة ".

لذا يمكن القول أنه إذا دخلت حالياً فالفرصة قطعاً فاتتك ، ولكن إذا انتظرت انتهاء التصحيح نحو 47 ، فإنك بانتظار أفضل أسعار للشراء ، وأضيف على ذلك أن فترة هبوط البيتكوين وانخفاض استحواذه تعني ارتفاع الاستحواذ على العملات البديلة وارتفاعها مثل LTC , SOL, Matic لذا فكر بهم .

ولكن حدد أفضل سعر ممكن ، وأعلم أن الصعود لم يفوتك وإنما كل مافي الأمر أن هذا الصعود هو نسخة مصغرة للصعود الكبير القادم بعد BTC Halving.

صورة تبين الاستحواذ على USDT

رأي المستشار الاقتصادي

في النهاية عزيزي القارئ أعلم أن فترات الصعود هي ليست فترات للبحث عن توصيات شراء ، مهما أقنعك الإعلام بذلك ، ومهما كانت مدرستك التداولية فإن البحث عن فرصة شراء في سوق صاعدة يخالف أساس التجارة ، وتخالف عمل الحيتان في السوق .

في الختام تذكر أن الأسواق صدقاً ليست بمرتفعة المخاطر كما يبدو وإنما الجهل بالأسواق هي المخاطر ، خصوصاً أن الإنسان عدوا ما يجهل ، وكريه ما لم يستطيع إدراكه.

المستشار عمر جاسم آل صياح

للمزيد تابعنا على التويتر

X: @omarsyyah