في حين أن العوامل الموسمية عادةً ما تدعم ارتفاع أسعار الذهب في شهر أغسطس، إلا أن المعدن النفيس يواجه رياحاً معاكسة قوية من كل من: جاكسون هول، الانتخابات الأميركية، والتقلبات المستمرة في الأسهم.
بعد انخفاض الأسعار بشكل طفيف في يونيو، سجل الذهب ارتفاعاً قوياً في يوليو حيث ارتفع بنسبة 4% لينهي الشهر عند 2,426 دولار للأونصة. ووصل إلى مستوى قياسي جديد في منتصف الشهر قبل أن يتراجع قليلاً في نهاية الشهر. وساهم الارتفاع القوي في الين الياباني، المدفوع على الأرجح بانخفاض تجارة المناقلة، في كونه العملة الرئيسية الوحيدة التي لم يحقق الذهب فيها مكاسب خلال الشهر.
ارتفعت أسعار الذهب بفضل انخفاض عوائد سندات الخزانة الأميركية لعشر سنوات، وبدرجة أقل بسبب ضعف الدولار الأميركي. بينما جاء التأثير السلبي الرئيسي من عقود كومكس الآجلة، حيث إن الزيادة في عدد العقود المفتوحة كانت أكبر من زيادة العقود الطويلة الصافية.
في بداية أغسطس شهدت الأسواق ثالث أعلى قفزة في مؤشر التقلبات (VIX) على الإطلاق بسبب عدة عوامل، من بينها رفع سعر الفائدة من قبل بنك اليابان، تقليص الرافعة المالية عبر الأسواق المالية، والتقرير الضعيف للوظائف غير الزراعية الأميركية – مما أدى إلى انخفاض حاد في الأصول الخطرة. ورغم أن بعض الخسائر قد تم تعويضها، إلا أن العودة إلى مستويات ما قبل البيع قد تستغرق وقتاً.
وفي غضون ذلك، فإن مستثمري الذهب قد يصابون بخيبة أمل بشأن تخفيضات الفائدة الأمريكية، نظراً لأن الاقتصاد لا يزال قوياً وتاريخياً يفضل الاحتياطي الفيدرالي الحذر قبل الانتخابات. وهو الأمر الذي قد يترجم إلى خطر هبوطي للذهب إذا لم يكن خطاب الفيدرالي متماشياً مع توقعات السوق.
عادةً ما يكون شهر أغسطس مواتياً لأسعار الذهب، لكن هناك عدد من العوامل المحفوفة بالمخاطر التي قد تعرقل مكاسب الذهب المحتملة.
أول هذه العوامل هو تحول سياسة الاحتياطي الفيدرالي عقب الندوة الصيفية السنوية في جاكسون هول.
تستضيف جاكسون هول الندوة السنوية السابعة والأربعين في الفترة (22-24 أغسطس) وتأتي قبل أسابيع فقط من التخفيضات المتوقعة الأولى بأسعار الفائدة من قبل الفيدرالي (18 سبتمبر).
ومن المقرر أن تكون نبرة الفيدرالي والبيانات التي تسبق الحدث دور رئيسي في متى وكم سيتم خفض الفائدة. ومع ذلك، يبدو أن اجتماع اللجنة الفيدرالية في 31 يوليو قد عزز بدء دورة التخفيضات في سبتمبر. كما أن الثقة تأتي من حقيقة أن الاحتياطي الفيدرالي نادراً ما يحب المفاجآت، باستثناء الصدمات الخارجية.
ومع ذلك، أشاروا إلى أن البيانات القادمة قد توجه الاحتياطي الفيدرالي في اتجاه مختلف. حيث شهدت الأسابيع الأخيرة تقلبات في البيانات الاقتصادية – إلى جانب تقلبات هائلة في الأسهم – مع مبيعات تجزئة قوية، ونمو قوي في الناتج المحلي الإجمالي وبيانات تضخم الإنفاق الشخصي، وكذلك صدور مؤشرات مديري المشتريات في منطقة التوسع. لكن هذا تبعه بيانات أضعف بكثير من معهد إدارة التوريد بالإضافة إلى ضعف في تقرير الوظائف غير الزراعية، مما ترك درجة من عدم اليقين بالأسواق.
العامل الثاني، وهو الانتخابات الأمريكية الأميركية، لديه أيضاً القدرة على إحداث تقلبات كبيرة في أسعار المعادن النفيسة هذا الشهر.
منذ أن تنحى الرئيس بايدن جانباً لإفساح المجال لكامالا هاريس (NYSE:LHX) كمرشحة الحزب الديمقراطي، تقلصت الفجوة بشكل كبير وبعض التوقعات تفضل الآن فوز الديمقراطيين.
بيد أن التمييز بين سياسات الحزبين ليس واضحاً كما كان تاريخياً. حيث إن السخاء المالي الذي يتهم به الديمقراطيون عادةً من المرجح أن يكون مشابهاً في ظل إدارة ترامب. بالإضافة إلى ذلك، تحت إدارة ترامب، التعريفات الجمركية الأعلى بشكل كبير، تفضيل الدولار الأميركي الضعيف والسياسات المناهضة للهجرة هي بعض السياسات التي تشكل مخاطر صعودية للتضخم ومخاطر هبوطية للنمو.
ومع ذلك، من المحتمل أن يستفيد الذهب من حالة عدم اليقين أكثر من أي مؤثرات سياسية. إذ من المتوقع أن يستمر ارتفاع مستويات الديون الوطنية والعجز في إثارة قلق المستثمرين والحفاظ على اهتمامهم بالذهب.
العامل الثالث الذي يشكل خطراً على أسعار الذهب هذا الشهر يأتي من الأسهم، وخاصة قطاع التكنولوجيا الذي تعرض لضغوط كبيرة مؤخراً.
ستصدر نتائج أرباح إنفيديا، الشركة الرائدة في الذكاء الاصطناعي والأداء الأفضل في أسواق الأسهم الأميركية، في نهاية أغسطس وستضع حداً لبعض النتائج الضعيفة من قادة القطاع الآخرين إلى جانب التراجع الأخير في المؤشرات الأخرى.
على الرغم من تجاوز التوقعات في الربع الأول، فقد أضعفت حدثين من هذه النشوة: بيع كبير للأسهم من قبل الرئيس التنفيذي جين-هسون هوانغ في يونيو ويوليو، وتوجيهات ضعيفة من Tesla وGoogle وAmazon وIntel. وانخفض سعر سهم Nvidia بنسبة 28% منذ الذروة في يونيو، في حين أن مؤشر ناسداك المركب انخفض بنسبة 12% عن أعلى مستوياته في يوليو (حتى 5 أغسطس).
وبالتالي، قد تكون النتائج المالية لـ إنفيديا حاسمة بالنسبة للأسهم وللأسواق بشكل عام.
وفي الختام، من المتوقع أن تبقي هذه الأحداث على حالة عدم اليقين بالأسواق بدلاً من تقديم أي حل نهائي. حيث يعتمد بدء خفض أسعار الفائدة الفيدرالية بشكل كبير على البيانات الاقتصادية. وفي حين أن تقرير الوظائف وبيانات مؤشر مديري المشتريات خيبت الآمال، إلا أن البيانات الأخرى كانت قوية. إذ أن نوع الهبوط الاقتصادي الذي يمكن توقعه لا يزال غير واضح، وعلى هذا النحو فإن تسعير السوق لتخفيضين بنسبة يقينية تقارب 100% ينطوي على مخاطر؛ على الأصول الخطرة وكذلك السندات والذهب.
بالنسبة للذهب، من المحتمل أن يحافظ ارتفاع عدم اليقين والمخاطر الجيوسياسية على اهتمام المستثمرين. وحتى الآن، قام المعدن الأصفر بعمل جيد في حماية المحافظ من الاضطرابات التي ضربت الأسواق.